عشرة أخطاء نرتكبها فى حق أطفالنا نعانى منها ونحن لا ندرك أننا من صنعها، بينما يدفع هؤلاء الصغار ثمنها طوال حياتهم.
يولد الطفل كالصفحة البيضاء لا يدرى من أمور الدنيا شيئا ولا يملك فى لحظات عمره الأولى سوى القدرة على الصراخ والبحث عن الحنان، بينما يبدأ الأبوان رحلة التربية وكلنا آمال عريضة أن ننشئ أطفالا أصحاء جسديا ونفسيا، ولكن مع الأسف كثيرا ما نخطئ خلال هذه الرحلة الصعبة، بسبب الجهل أحيانا وبسبب اليأس أحيانا أخرى، ونرفع سريعا الراية البيضاء متهمين الطفل البرىء بعيوب فى طباعه لا يمكن تغييرها.
الدكتور إيهاب عيد، أستاذ الصحة العامة والطب السلوكى بجامعة عين شمس، ورئيس وحدة تعديل السلوك بمركز رعاية الأطفال بمعهد دراسات الطفولة جامعة عين شمس، يبدأ رصد الرحلة قائلا: "هناك عوامل جينية يرثها الطفل من الأبوين وتولد معه وتتحكم فى طباعه، ويمكننا بشكل احتمالى أن نقول إنها لا تمثل أكثر من 40% من مجمل سلوكياته، وهذه رغم ذلك يمكن ترويضها وتهذيبها أما باقى الـ 60% فهى سلوكيات يكتسبها الطفل من البيئة المحيطة به، وعلى رأسها الأبوان، وبالتالى نصل لنقطة مهمة، وهى أن جميع سلوكيات الإنسان تعتمد بشكل أساسى على طريقة تربيته وتنشئته. وهناك خمسة أخطاء رئيسية نرتكبها فى تربيتنا لأطفالنا وتؤثر فى سلوكياتهم طوال حياتهم".
الخطأ الأول:
كما يقول خبير الطب السلكى هو التدليل ويشرح: "التدليل الزائد الذى يتبعه بعض الآباء بدافع من الحب وتبدو هذه الحالة بصورة واضحة فى الطفل الأول أو الطفل الذكر بعد عدد من الإناث، والذى يتم التعامل معه بشكل استثنائى فى التدليل وأيضا فى حالة انفصال الأبوين، حيث يرغب كل طرف فى جذب مشاعر الطفل له عن طريق تلبية كل طلباته، وهنا تظهر لدى الطفل عادة فى غاية السوء، وهى "اللعب على الاختلاف"، حيث يدرك الطفل أن الاختلاف بين والديه هو أفضل وضع له، ويبدأ فى نفاق كل منهما للحصول على مزيد من الأشياء المادية.
وأحيانا يتبع هذه الطريقة الآباء بغرض تعويض الطفل عن أشياء معينة مثل غياب الأب لفترات طويلة واستبدال دوره التربوى بهدايا عينية للطفل.
لذا يجب أن نشير إلى أن تلبية كل طلبات الطفل وإغداقه بالهدايا بسبب أو بدون يضره أكثر مما ينفعه، فالطفل الذى اعتاد الحصول على كل شىء بدون تقديم المقابل يصل لمرحلة من الزهد ويفقد الإحساس بالإعجاب، كما ينمو لديه طباع مثل الطمع والأنانية وينشأ إنسان غير قادر على العطاء وراغب دائما فى الحصول على الأشياء دون مقابل".
الخطأ الثانى
يقول دكتور إيهاب عيد وهو عدم القدرة على الاستماع للآخرين: "يشكو الآباء من أن أطفالهم لا ينصتون إليهم، ولكنهم لا يدركوا أنهم منذ البداية لم ينم فيهم حسن الإنصات، فالتعامل مع الطفل بغرض لفت نظره إلى الحديث يتطلب أن نجعل حديثنا ممتعا كتغير نبرة الصوت أو تقليد أصوات الحيوانات للفت نظره وتعويده على الاستماع، كما يجب أن يلتفت الآباء إلى طريقة استماعهم لأطفالهم، ففى حالة تعاملهم مع حديث الطفل بشىء من اللامبالاة أو مقاطعته سيبدأ فى التعامل بنفس الطريقة تجاههم وتجاه الآخرين فيما بعد، ونساعد نحن بدون أن نشعر فى تنشئة إنسان لا يستمع إلا إلى صوت نفسه ولا يحترم آراء الآخرين".
الخطأ الثالث:
وهو الترهيب والتخويف، وغالبا ما يلجأ إليه الأبوان تحت وطأة الاحتياج فى موقف معين بغرض إبعاد الطفل عن فعل ما، ويكون غالبا باستخدام كائنات خرافية أو حتى أشخاص بعينهم يتعامل معهم الطفل فى محيط الأسرة، مثل الأب أو العم أو أى فرد آخر، وهذه الطريقة وعلى حد قول دكتور إيهاب عيد "تأتى بنتائج سلبية للغاية على الطفل، وأول نتيجة على المدى القريب هى إصابته بالكوابيس الليلية وأحيانا التبول اللاإرادى. كما أنها تعمل على توتر العلاقة بين الطفل وأبويه لأن العلاقة المبنية على الخوف هى علاقة غير صحية، ويجب أن تكون علاقة الطفل بأبويه مبنية على الحب والاحترام وليس الترهيب والتهديد، وهو ما ينتج عنه حالة من فقدان الثقة والمصداقية فى الأبوين عندما يتقدم الطفل فى السن نوعا ما، ويبدأ فى إدراك الحقائق وأن كل ما كان يستخدمه أبواه من أساليب لترهيبه ما هى إلا أشياء وهمية لا وجود لها".
الخطأ الرابع:
إنشاء طفل شديد العناد، ورغم أن العلماء يشيرون إلى أن العند لدى الطفل هو أحد مؤشرات الذكاء، وغالبا ما يشكل العامل الوراثى نسبة كبيرة منه، وبالتالى فالطفل يكون لديه استعداد مسبق لاكتساب هذه العادة نكملها نحن وكما يقول دكتور إيهاب: "الطفل فى سنوات عمره الأولى يكون لديه إحساس بأن الكون كله يدور فى فلكه ومسخر لخدمته وهو إحساس طبيعى عند جميع الأطفال فى مثل هذه السن من العمل على الحد من هذا عن طريق تجنب التدليل الزائد وتلبية كل طلبات الطفل لنوصل له رسالة مفادها أن ليس كل ما يريده ويرغبه متاحا، وأن الكون ليس ملكا له وحده ويجب أن نعلم أن عادة العناد عند الطفل بقدر ما تمثل من إزعاج للأبوين فهى من العادات الجيدة فى حالة استخدامها بالشكل السليم، فالطفل العنيد إنسان مثابر يرغب فى الوصول لأهدافه، ولترشيد هذه العادة يجب على الأبوين استخدام قدرته على المثابرة فى إنهاء الأعمال كإتمام قصة أو لعبة ويجب عدم إعطائه شيئا قبل إتمام ما كان يقوم به، ويجب أن لا نتعامل معه بعند كأن نجعل قائمة الممنوعات أكثر من المسموحات ونكثر من قول كلمة لا".
الخطا الخامس:
إنشاء طفل عصبى وعنيف، العنف أصبح ظاهرة فى المجتمع وحتى فى أفلام الكرتون المخصصة للأطفال، لذا أصبح طبيعيا أن نجد الأطفال يأتون بأفعال عنيفة فى التعامل، وما علينا فعله وكما يقول أستاذ الطب السلوكى: "القيام بقدر من الرقابة على ما يشاهده الطفل فى الإعلام، كما يجب علينا التحكم فى أعصابنا وطرق تعاملنا مع الطفل أو مع الآخرين أمامه، وذلك حتى نوصل للطفل رسالة أن الصوت العالى والعنف ليس من طرق التعامل بين البشر".
الأخطاء التربوية الخمسة يكملها خمسة أخطاء صحية نرتكبها فى حق أطفالنا نكمل بها منظومة الخطأ فى التربية، دكتور طلعت سالم، أستاذ طب الأطفال وحديثى الولادة جامعة الأزهر وعضو الجمعية المصرية لصحة وسلامة الطفل، يضع لنا قائمة الأخطاء الخمسة، قائلا: "تبدأ أولى مشاكل الطفل الصحية بخطأ سلوكى للأم التى تعتاد إرضاع الطفل، وهو نائم وهى الطريقة التى تؤدى لإصابة الطفل بالتهابات متكررة فى الأذن نتيجة لتسرب اللبن للوضع الخاطئ فى الرضاعة، وبتكرار الأمر تتحول المشكلة لأزمة صحية مزمنة يعانى من آلامها الطفل ويبكى كثيرا بدون أن يعرف الوالدان السبب، ويمكن أن تسبب فيما بعد فى مشكلة حقيقية لقدرة السمع عند الطفل".
الخطأ الثانى
وهناك سلوك أقرب للعادة لدينا جميعا يراه دكتور طلعت سالم إيذاء مباشرا للطفل، وهو الخطأ الثانى فيقول "عادة الهز المستمر للأطفال تؤثر بشكل سيئ على المخ ويؤدى أحيانا لإصابتهم بفرط فى الحركة وعصبية شديدة قد تؤثر على الطفل لباقى عمره، وغالبا ما يعتادها الطفل، وبالتالى يزداد الإيذاء الذى يتعرض له الطفل".
الخطأ الثالث:
يبدأ بمحاولة الأهل التعجل لانتقال الطفل لمرحلة الحركة وكما يقول: "عادة وضع الطفل على المشاية فى سن مبكرة ولفترات طويلة بغرض تدريبه على المشى، ولكن للأسف تأتى هذه الطريقة بنتائج عكسية فى حالة الإفراط وتضر كثيرا بعضلات الحوض. ويجب الإشارة هنا إلى أنه لا يفضل وضع الطفل على المشاية لمدة تزيد على الساعتين يوميا لتجنب آثارها السلبية على الطفل".
الخطأ الرابع:
يبدأ مع مرحلة الفطام وما يقدمه الأهل للطفل من طعام ويقول دكتور طلعت سالم: "فى هذه المرحلة عادة يتم تقديم طعام غير مناسب للطفل ويجهل الكثيرون احتياجاته الحقيقية من العناصر الهامة، مثل الحديد والكالسيوم، وكذلك يتم إطعامه وجبات أخرى تسبب ضررا مباشرا له، مثل المشروبات الغازية للأطفال والتى تتسبب فى إصابته بهشاشة وضعف العظام وتؤثر فى نموها وتؤدى للإصابة بلين القدمين الذى قد يصل إلى مرحلة التدخل الجراحى لإصلاحه".
الخطأ الخامس
ويبدأ فى الفترة اللاحقة والتى يكون فيها الطفل عاداته الغذائية، ويساهم الأبوان بشكل كامل فى تشكيلها لدى الطفل، ويشرح دكتور طلعت قائلا "تعويد الطفل على تناول الحلوى والمأكولات التى تحتوى على سعرات حرارية عالية ووجبات التيك أواى، وتجاهل تقديم الخضر والفاكهة، وبالتالى اعتياده على تجاهلها فيما بعد يجعله عرضة للإصابة بالبدانة، وهى من الأمراض التى يصعب التخلص منها، وخاصة حين يعتاد على هذه الطريقة الخاطئة فى التغذية ويظل شبح البدانة يلازمه طوال حياته".
براويز مهمة سوء التغذية
ذكرت منظمة اليونيسيف فى آخر تقرير لها عن أمراض سوء التغذية أنه نحو ثلث الأطفال فى الدول النامية يعانون من أمراض سوء التغذية، وأن حوالى 150 مليون طفل على مستوى العالم يعانون من نقص فى الوزن بالنسبة لأعمارهم.
وهناك حوالى 175 مليون طفل يعانون من التقزم فى الطول الناتج عن سوء التغذية.
وذكر التقرير عن أن النقص فى المعادن والعناصر المهمة يعتبر من أهم الأسباب للإصابة بالأمراض المزمنة فعلى سبيل المثال:
نقص فيتامين "أ" يؤدى إلى الإصابة بالعمى وضعف جهاز المناعة.
نقص اليود يتسبب فى الاعتلال العقلى والجسدى الشديد.
نقص الحديد يؤدى إلى فقر الدم المهدد للحياة وانخفاض الإنتاجية.
النقص فى حمض الفوليك عند الأم الحامل يتسبب فى ولادة طفل ناقص النمو، ومن المحتمل أن يصاب بعيوب خلقية فى العمود الفقرى.
وجدير بالذكر أن أمراض سوء التغذية تعتبر المسئول عن 54% من حالات الوفاة للأطفال دون الخمس سنوات على مستوى العالم.
2-العنف ضد الأطفال
تبعا لمنظمة الصحة العالمية فقد قدرت نسبة العنف ضد الأطفال بحوالى 40 مليون طفل دون الـ15 عاما على مستوى العالم يعانون من سوء المعاملة والعنف ويتطلبون المزيد من الرعاية الاجتماعية.
وقد أظهرت الدراسة والمسح على عدة دول أنه على سبيل المثال
فى الهند يقول نحو 36% من الأمهات اللاتى شملتهن الدراسة أنهن استخدمن عدة أساليب لتأديب أطفالهن تتراوح بين الضرب والركل وحتى وضع الفلفل الحار فى فم أطفالهن.
وفى مصر أظهر المسح أن حوالى 37% من الأطفال قد تعرضوا للضرب من آبائهم، وحوالى 25% قد تعرضوا لإصابات تتراوح بين الإغماء والكسور وأحيانا إصابات تسببت فى عجز كامل، كما أظهرت نتائج هذه الدراسة فى الولايات المتحدة الأمريكية أن نحو 5% من الآباء قد استخدموا وسائل تتسم بالعنف والإرهاب ضد أطفالهم مثل الضرب والركل وحتى التهديد بواسطة أدوات مثل السكين والبندقية.
3- البدانة عند الأطفال
وفقا للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال فقد أظهرت الدراسات أن نسبة البدانة بين الأطفال فى الولايات المتحدة الأمريكية قد زادت فى الـ30 سنة الأخيرة لأكثر من الضعف.
وأشارت إلى أن الطفل يعتبر بدينا إذا ما زاد وزنه لأكثر من 20% عن عن وزنه المثالى بالنسبة لسنه ونوعه ذكر أم أنثى.
وتشير بعض الإحصائيات الأخرى إلى أن نحو 15% من الأطفال فى الولايات المتحدة الأمريكية يعانون من السمنة وأن حوالى 25% من الأطفال السود والأسبان يعانون من الوزن المفرط.
وفى بريطانيا ووفقا لدراسة أجرتها وزارة الصحة وجد أن حوالى 27.7% من الأطفال يعتبروا زائدى الوزن، وأن 13.3% يعانون من الوزن المفرط.
ولا توجد إحصائيات دقيقة فى الوطن العربى عن البدانة عند الأطفال، ولكن هناك بعض الدراسات التى أجريت فى بعض البلدان العربية توضح النسب التقريبية لهذا المرض، فعلى سبيل المثال فى الإمارات أثبتت الدراسات أن حوالى 21% من الأطفال التى تتراوح أعمارهم بين 7:5 سنوات يعتبروا زائدى الوزن، وأن حوالى 13% من الأطفال يعانون البدانة المفرطة.
وفى مصر قدرت هذه النسبة بحوالى 25% من الأطفال بعد الـ4 سنوات
تعليقات
إرسال تعليق