كثيرة هي تلك الأوقات التي تجعلك تخرج فيها على هدوئك وتفقد أعصابك، وتدفعك لحالة من التوتر والإحباط، وما من بديل سوى الشكوى والتذمر، بسبب موقف مزعج لم تستطع الوقوف أمامه ساكتا أو مرافقة شخص سلبي أفرغ سميته في المحيط، وترك كل من فيه في حالة من الإزعاج، ليكون البديل حينها إفراغ ما في داخلك والشكوى والتذمر.
وهي حالة اعتيادية ومريحة في أوقات معينة، لكنها قد تتحول إلى عادة مزعجة تجعل منك شخصا مملا وضعيفا وسلبيا، إلا أن المخرج الوحيد منها هو الانتباه لما تقوم به وجعلها آخر حل والتصرف إزاء ذلك بعد فهم المعطيات التي تدفعك له:
- فهم السبب للتذمر: فمن أجل فهم التذمر وأسبابه، يتطلب منك فهم النقيض منه وهو الامتنان، وهو عاطفة قوية ومؤثرة جدا وإيجابية تنشأ في ظروف نادرة، حين تدرك ما تملكه وأهميته وكيف يجعلك أفضل وأقوى، وتشعر بأنك في أحسن حال. فالشكوى والامتنان مفارقتان مختلفتان، لكن لكل منهما ديناميكية مؤثرة، وهي نعمة بأن تشعر بالتقدير لما تلمكه، وأن تمر وتختبر الاكتئاب والخيبة في الأمور التي لم تكن مثالية أو على النحو الذي تتوقعه. وهنا يحصل ما لم تتوقعه حين تتكيف لترى النصف الفارغ من الكأس، في وقت كنت منشغلا، بحيث لم ترها، وفجأة باتت واضحة أمامك، ليصبح لديك أمر جديد لتشتكي منه، فيما الحقيقة هي أن وضع حد للشكوى يكمن في أن تكون ممتنا لما تملكه أصلا بدلا مما لم تجده.
- انظر لما تملكه: البداية تكون من سؤال يومي "كيف حالك؟" لتأتي الإجابة دائما هناك أمور لأنجزها، كثير الانشغال؟، إذا أنت من يعقد الأمر، ويجعله يبدو سيئا، كن بسيطا واستبدل تلك الإجابة بـ"كل شيء على ما يرام، أنا بخير". هذه البداية تجعل من خياراتك إيجابية، ودافعا للعطاء والتفكير بأن الأمور ستكون جيدة، بحيث يتكيف عقلك وعاطفتك على أنك قادر على التفاعل مع أي موقف والنظر إليه بأنه عابر سبيل بدون الوقوف عنده وإحداث ضجة والتذمر وتضييع تلك الطاقة التي تملكها. وفي نهاية اليوم ليكن موقفك مختلفا، فلا تفكر بمجريات الساعات السابقة واستبدلها بمحيط مريح يشمل من تحب من الأصدقاء والعائلة، ما يمنح الدفء والحيوية، وبهذه الطريقة لن يخطر ببالك استرجاع أي من سلبيات حصلت، وتستحضر الامتنان مجددا لما تلمسه بين يديك وتشعر به في قلبك.
- حرك عقلك: بغية البقاء على قيد الحياة ومواجهة مصاعبها، فإن للعقل علاقة قوية مع التوتر، ويستجيب للشكاوى باعتبارها من الضغوطات الخارجية. وهذا الانزعاج والاستياء يرفع من معدل التوتر وإفراز هرمونات الإجهاد التي تشمل الكورتيزون ما يترك القلب مجهدا، وينعكس على القدرة بالتفكير بوضوح أو تركيز. والحل ليس دائما سهلا، خصوصا إن تطلب من أحدهم أن لا يولي أهمية لما يدور حوله أي أن يجمد مشاعره، لكن على الأقل ليحاول أن لا يشغل ذهنه بها، وهذا يعني؛ أن لا يفكر وهو يرزح تحت الضغط لأنها أسوأ اللحظات للوصول لحل في ظل غياب للرؤية الواضحة والتركيز. وهنا يتطلب منك أن تكف عن التفكير، واجعل من غريزتك دليلا في مثل هذه الأوقات التي تؤثر في التفكير السليم، والأمر دائما ينجح لإخراجك من كل هذا.
وأحيانا كل ما يمكنك فعله هو الابتعاد عن مسبب الأمر نفسه، بحيث تدخل في بيئة جديدة، ففي اللحظة التي تشعر بأنك على وشك أن تفقد أعصابك وتقوم بالتذمر، امشِ بعيدا عن مكانك، قم بمكالمة شخص تعرفه، اغسل وجهك بالماء البارد، تنفس بعمق. فقط امشِ بعيدا عن المصدر المسبب للإزعاج وعد أدراجك بعد فترة وجيزة، أي جد مصدر إلهاء.
- لا تراهن بأن كل شيء مضمون: فالتوقعات التي تملكها تضعك على درجة من اعتبار أن كل شيء سيطابق النتيجة التي ترسمها في ذهنك، بدون الأخذ بعين الاعتبار أنها قد لا تتشابه مع أفكارك. وحين يحصل هذا تجد نفسك في موقف تناضل فيه للخروج.
- النصف الممتلئ من الكأس: كما لديك الخيار لرؤية الجانب السلبي، انظر للنور في نهاية النفق، أي أبقِ في ذاكرتك وبنات أفكارك أمورا ايجابية تشغلها، ففي حال حصلت زلة في المنتصف فستبقيك على المسار وتجعلك قادرا على القفز عنها، بدلا من تضييع الوقت بالتذمر بدون جدوى كالأطفال.
لكن هذا لا يعني أن لا تقوم بالتحدث عما يزعجك، ولكن اختر من تتحدث إليهم، فليكن صديقا أو رفيقا مقربا تفضفض إليه، لكن لا تقوم بالشكوى والتذمر علنا، فهي تجعلك شخصا ضعيفا سلبيا، تعامل مع الأمر بحذر وكن المسيطر على الموقف.
تعليقات
إرسال تعليق