القائمة الرئيسية

الصفحات

الفتيات لا يجدن من يفهمهن

لماذا هم كذلك، لم لا يشعرون بما نشعر، لما لا يقدرون مشاعرنا ويستوعبون أحاسيسنا.. كلما حاولنا التحدث إليهم اصطدمنا بجدار صلب وعدنا أدراجنا.. صرخة تطلقها الفتيات "لا نجد من يفهمنا" .
عبارة ذات مضمون عميق، لها دلالات خطيرة، يتردد فحواها داخل كثير من الفتيات اللاتي لا يجدن من يفهمهن أو يقدر مشاعرهن، بل الأكثر من ذلك أن يقابلن باللامبالاة أو الاستهزاء بأفكارهن والرفض المسبق لمنطقهن كاستخدام عبارة تهكمية (جيل!) واعتبار أن جيل الآباء والأمهات حتماً هو الأفضل وأن هذا الجيل فاسد ولا جدوى منه..
   هذه الأمور مجتمعة تجعل الهوة تكبر أكثر وأكثر بين الفتاة وعائلتها، وبالمعنى الأدق بين الأم وابنتها، فتفقد الأم القدرة على أداء دورها على الشكل المطلوب، إذ إن للأم دوراً كبيراً في توجيه ابنتها إلى الطريق الصحيح، باعتبارها أقرب شخص إلى ابنتها دون غيرها، وبما يجمعهما من نواحٍ مشتركة، كالناحية النفسية والناحية التكوينية وغيرها من النواحي، لكننا للأسف نرى أن هناك كثيراً من الأمهات لا يولين اهتماماً لهذه المسألة ويقف دورهن عند مسائل الرعاية كإعداد الطعام والملبس وغيرها من الأمور التي لا تصنف تحت بند التربية، وإنما الرعاية فقط.
   هنا تشعر الفتاة بأن لا أحد من أفراد الأسرة يفهمها، ومتى تسرب هذا الشعور إلى داخلها، علينا حقاً أن نخاف من عواقب ما سيحدث، لأن الفتاة التي لا تجد الملاذ الآمن والصدر الواسع والذي تراه يتمثل في أمها، تلجأ إلى ملاذ آخر تنشد معه الراحة والأمان، وتبوح له بكل همومها ومشاكلها، وقد يتمثل هذا الشخص بصديقة أو قريبة تستمع لها ولأسرارها، ويقع الخطر عندما تكون هذه المقربة على غير دراية أو معرفة بهذه الأمور، كأن تكون في مثل سنها، وبالتالي فهي تفتقر إلى الخبرة والمعرفة، أو تكون غير ملمة بأمور التوجيه الصحيح فلا تستطيع معالجة مشكلاتها، وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، إذ ربما توجه هذه البنت توجيهاً خاطئاً (كأن تكون من رفاق السوء) من قبل هذه القريبة أو الصديقة والتي لا علم لها بهذه الأمور، فتقع المشاكل والحوادث التي لا ينفع معها الندم.
   ومن الأمهات من تضع اللوم على ابنتها في وصول العلاقة بينهما إلى طريق مسدود، إذ تشتكي بأن علاقتها مع ابنتها كانت جيدة قبل سن البلوغ وأنها كانت تعرف عنها كل شيء لكن الأمر اختلف تماماً بعد ذلك، وهنا يجب لفت نظر الأم إلى أن لسن المراهقة ظواهر يجب الانتباه لها ومراعاتها؛ كرغبة في إثبات الذات، أو التمرد على نظام البيت، أو الميل للجنس الآخر والرغبة في عمل علاقات معه سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة..
هذه الظواهر تحتاج إلى فهم عميق لطبيعة هذه المرحلة وكيفية التعامل معها.. وأفضل ما يمكن أن نصل من خلاله لأفضل الحلول يتلخص في كلمة "الصداقة"، علينا أن نصادق بناتنا وأبناءنا في هذه السن، وهو ما عبَّر عنه الحديث الشريف في السبعة الثالثة التي يصاحب فيها الأب والأم ابنه أو ابنته.
   فالفتاة في هذه السن تحتاج إلى الصداقة في إطار من الحوار والحب والتفاهم، وهذه الصداقة لا تنشأ بين يوم وليلة إنما يجب أن تبدأ منذ الصغر، لتعتاد الفتاة على إسداء النصائح لها من أمها وتقبلها حيث تكون أكثر طواعية في سن الطفولة، كما أنها ستعتاد على الصراحة وسكب كل ما تشعر به أو يمر بها في حضن أمها التي من المفترض أن تخصص الوقت الكافي لمجالسة ابنتها والاستماع إلى حديثها.
   لاشك أن كثيراً من الأحاديث التي تسكبها البنت في أذن أمها قد لا تدخل ضمن اهتمامات الأم، حيث تختلف الاهتمامات من مرحلة عمرية إلى أخرى، ولكن على الأم أن تفكر بما هو أهم من الاستمتاع بالحديث الدائر، إذ عليها الانتباه ليس فقط لما تقوله ابنتها، بل إن تقرأ ما بين السطور لتكون على دراية كاملة بحال ابنتها لتستطيع أن تسدي لها النصيحة المناسبة ولو بشكل غير مباشر، إن ذلك من شأنه أن ينمي جو الصداقة بين البنت وأمها ويشعر الفتاة بالثقة، وأن هناك من يفهمها وبذلك نستطيع أن نتخطى الكثير من المخاطر ألتي يمكن أن تواجهها الفتاة في هذه السن الحرجة.
وفيما يلي بعض النصائح التي من شأنها أن تساهم في تقوية أواصر الصداقة بين الأم وابنتها:
-  تذكري أن الإسلام يحثنا على مجالسة أبنائنا، وتقديم الوعظ والإرشاد لهم، ويحذرنا من مغبة تركهم عرضة للضياع.
- تقربي من ابنتك وشاركيها الرأي في أمور المنزل، واستشيريها في كل شيء حتى في أمورك الخاصة ومشاكلك.
-  يجب أن تبدأ علاقة الصداقة والمحاورة بين المراهقة وأهلها منذ الصغر.
-  اخرجي معها في نزهة، أو تناولا بمفردكما الغداء أو العشاء، وتحادثا في كل الأمور الطارئة في حياة الفتاة.
- تذكري دوماً أنك مرّرت بهذه المرحلة، وأن كثيراً من الأحاسيس والانفعالات التي تعيشها ابنتك عشتها أنت، ذلك سيجعلك تقدرين مشاعرها، ومن الأفضل إخبارها بأنك مررت بنفس المراحل التي تمر بها، وأنك كنت تلجئين إلى أمك عندما تواجهك أي مشكلة وكنت تجدين الحل الذي يريحك، ذلك سيشجعها على أن تكون أكثر صراحة معك وستشعر أنك الملجأ الآمن لها.
-ابتعدي عن المبالغة بالعتاب حتى لا تفقدين الصراحة بينكما.
- الكثير من المشاكل التي تقع بها الفتاة سببها الفراغ التي تعيشه الفتاة في هذه السن، لذا عليك أن تشغلي وقت ابنتك في كثير من النشاطات الرياضية والثقافية والدينية، ومساعدتها في تنمية موهبتها.
Reactions

تعليقات