القائمة الرئيسية

الصفحات


الشخصية المتوازنة هي الشخصية الملتزمة بموقف الاعتدال شعورياً ونفسياً وفكرياً وسلوكياً بعيداً عن الغلو في أي من الطرفين، فصاحبها سعيد في حياته من غير شك لأن الشخصية المتوازنة أبعد من غيرها عن الاستغراق في المشاكل المستعصية، وصاحبها لا يفقد أعصابه عند الخطوب ولا تهيج عواطفه هيجانا طاغيا يذهب بالبصيرة وإنما يحسن معالجة المشكلات ويتجمل بالصبر الإيجابي فيتحمل الآلام ويعمل على تجاوز المحن بعقلانية وروية وأدب مع الجميع، ويقدر الأمور حق قدرها فلا يهول ولا يهون ولا ينسج مع نفسه أوهاما فنفسه مطمئنة لا تعصف بهدوئها الانتقادات والعداوات لأنها تردها إلى سوء الفهم أو الحسد أو حظوظ النفس فلا تعيرها من الاهتمام أكثر مما تستحق فتحافظ بذلك على توازنها ولا تقع ضحية لردود الأفعال المتشنجة التي تزيد الخلافات حدة بدل حلها، بل وأكثر من ذلك فإنها تستفيد من النقد فلعله يبصرها بعيوب غفلت عنها، أما العداوات فتتيح لها التمرس على التعامل مع الأمزجة المتخلفة والصبر على المخالفة وصاحب النفس المتوازنة مطمئن داخليا فهو يبني علاقاته الاجتماعية على الألفة والتوافق داخل الأسرة وفي مكان العمل وعلى صعيد النشاط التجاري والسياسي والدعوي فلا يسرف في الحب أو البغض ولا يؤسس أحكامه على سوء الظن ولا هو بالمغفل، يغضب إذا استغضب ولا يجاوز حدود الأدب، ويسترضى فيرضى ويحتسب أمره عند الله، هو دائم البشر باسم الثغر يألف ويؤلف، يتعامل بالكلام الطيب ويؤثر حب الخير للناس.
وهناك مفسدات للشخصية المتوازنة لعل أخطرها الحساسية المفرطة وهو حالة من يفكر في نفسه فقط فلا يقبل كلمة فيها أدنى مخالفة أو تجريح لأنها تجعله يغلي داخليا ويضطرب ويثور ولو كان يخفي ذلك بغطاء ظاهري من الرزانة، فقد يكون لطيفا في تعامله مع الناس لكنه مجرد الأدب السطحي الذي سرعان ما ينهار بناؤه أثناء النقاش أو التعاملات المختلفة، وهذه الحساسية المفرطة تؤدي حتما إلى العزلة أو الصدام وهذا عين الخروج عن التوازن. إن توازن الشخصية يكسبها قوة أدبية وثقة بالنفس على التعاطي السليم الواعي مع الأحداث ووقائع الأشخاص، وهو وإن كان للفطرة فيه نصيب، إلا أنه يمكن اكتسابه وبناؤه وتجويد أدائه. وهناك أسئلة عدة يجب أن يطرحها كل شخص على ذاته ألا وهي:
- هل تريد أن ينظر لك الكل نظرة تقدير واحترام؟
- هل تريد أن تكون نجماً في المجامع والمجالس؟
- هل تريد أن تكون محبوباً ومقرباً من الكل؟
- هل تريد أن يسأل عنك الكل إذا غبت، ويسرون إذا حضرت؟
- هل تريد أن يتعلق بك الكبير والصغير على حد سواء؟
- هل تريد أن تكون آراؤك مقبولة، وكلامك مسموعاً، وأوامرك مستجابة؟
كل الأسئلة التي تحوم حول تقدير الذات وبناء الشخصية في المجتمع.. أجزم أن هذه أحلام أكثر الناس العقلاء، بأن يكونوا بهذه الصورة المحترمة وهذا الوهج العالي، لكن السؤال الأهم، كيف الوصول إلى هذه المنزلة الرفيعة؟ هل هناك كتاب أو مقال يمكننا إذا قرأناه وعملنا بمضمونه أن يتحقق لنا هذا الحلم أو هل هناك وسيلة إذا عملنا بها نلنا هذه الأمنية بظرف أيام؟ الجواب.. وباختصار لا يوجد حلاً ولا كتاباً ولا أي وسيلة لبلوغ المنى والأحلام إلا بناء الشخصية وتأسيسها عن طريق الذات نفسها، فبناء الذات والعناية بها هو السبيل الوحيد لبلوغ الأمل، قد يبلغ الإنسان مكانة ما، بالواسطة والحظ والصدفة، لكن صدقوني إذا لم تكن الذات مؤهلة لهذا المكان فستخسره عند أول منعطف. وإن لم تسقط وتضيع في الواقع فستسقط من عيون الآخرين ويصبح وجود الشخص كعدمه!!
إذا أردت النجاح والتفوق والسيادة، فاعلم أنها زرع ذاتك وإحساسك وشعورك ورضاك عن نفسك الذي تنقله للآخرين ويحسون به! فأنت حينما تشعر بأنك إنسان قادر ومحترم وواثق من نفسك ستجد أن الآخرين ينظرون لك النظرة نفسها، وحينما تنظر لنفسك نظرة الدون والضعف والفشل سينظر إليك الآخرون بهذا المنظار نفسه.
فإحساسك نحو نفسك يستقبله منك الآخرون ويعكسونه عليك! قال أحد الحكماء لا يكون الكذاب شجاعاً! لأن الكذب يخلق الريبة والهلع والخوف، وتوجس الكذاب من عدم قبول كلامه عند الآخرين يكسبه الجبن والقلق.. وإن كنت تريد شخصية قوية، محترمة، فاعلم أن مفتاحها بيدك أنت وحدك، وسأختصر الموضوع ببعض النقاط لبناء الشخصية حتى لا يحصل اضطراب في الشخصية ألقِ في ذهنك أسئلة وسجلها، وابحث عن إجاباتها.
وابتعد عن التوتر والأماكن والأشخاص غير المريحين لك! وارسم أهدافك العامة وأمنياتك في الحياة ولا تنس أن تكون بحدود الممكن والمعقول، واجتهد في الخلاص من العيوب. واكتب خطوات تعملها في حالة ظرف ما غير متوقع.
مثال: إذا كنت في مجلس عام وكبير، وفوجئت ببعض الحاضرين يوجه إليك سؤالاً أو كلاماً أمام الجميع قد يريد رأيك في حدث عارض أو حاصل لهذا لابد من التحضير والتهيؤ والهدوء بعيدا عن المغالاة أو الادعاء بل التحدث في حدود فهمك وثقافتك عن الموضوع أو الاعتذار بشكل لبق.
Reactions

تعليقات