تتضاعف مع الوقت طلبات الأبناء ومصاريفهم، والسعي لتلبية كل ما يطلبونه. أما الأهالي فيجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم. فهل يستجيبون لما يطلبه الابناء من دون محاسبة، أو ضرورة “تعمد” الرفض وأن ليس كل ما يطلب مجابا، بل يأتي بوقته.
وتعاني ابتسام صالح مع ابنتها والتي تبلغ من العمر 9 أعوام، والتي لا تتوقف طلباتها، خصوصا إذا أتت واحدة من صديقاتها بالمدرسة بشيء جديد، وتبدأ بالصراخ حتى يكون ذات الشيء لديها، وإن كان لديها ما لا تملكه صديقاتها.
ذلك، وفق ابتسام، يزعجها كثيرا، رغم محاولاتها الدائمة، تعليمها قيمة الأشياء، وأن عليها أن تحب كل ما تملكه، وأن ليس بمقدور الأبوين توفير كل شيء لأبنائهم.
وتعتقد ابتسام أن دلالها المفرط لابنتها جعلها لا تشعر بقيمة الشيء، ودائما: هل من مزيد؟! كما تحرجها كثيرا سواء في المول أو أماكن التسوق لأنها تريد أن تأخذ كل ما تقع عليه عينها، كما أنها لا تحافظ على الهدايا التي تأتيها، لأنها تريد دائما لعبة أو هدية أخرى تفرح بها.
علياء علي مع زوجها عاهد، تعمدا تدليل وشراء كل ما يطلبه الابناء من دون تعريفهم او تعليمهم قيمة الشيء الذي بين ايديهم، ولا التحدث أمامهم عن قيمة المال، وصعوبة الحصول عليه أحيانا.
ذلك، جعل أبناءهم، يعتادون ايجاد كل شيء يطلبونه، لأنهم لم يسمعوا من قبل كلمة “لا”.
تقول علياء، “الآن نحاول أن نعلمهم أن ليس كل شيء يطلب يستجاب على الفور، لأن الوضع المادي تغير بعد سلسلة من الخسارات المادية لشركة زوجي لكننا فشلنا في ذلك”، مبينة أن أبناءها أصبحوا يتصرفون بغضب وفي أحد الأيام قال لها ابنها الكبير، “مش مشكلتي ظروفكم أنا لما بدي اشي لازم تجبولي ياه”!.
التربوي د. محمد أبو السعود يبين أن المشكلة الحقيقية تكمن في اصرار الأهل على هذا الخطأ في التربية والتنشئة، ويكون الاسراف وتلبية كل طلبات الابناء أساسا في حياتهم.
ويذهب إلى وجود الكثير من الخطوات العملية التي تحل تلك المشاكل للأهالي الذين يتوجب عليهم سؤال الأبناء على المكان الذي ستصرف فيه النقود التي طلبوها وماذا سيشترون بها، ومتابعتهم باستمرار. إلى ذلك مناقشة الابن في المبلغ الذي طلبه مثلا، وإذا كان أكبر من قيمة الشيء الذي يود شراءه.
ويتوجب أيضا برأي أبو السعود أن يشرح للطفل كيفية جلب النقود ومدى الجهد الذي يكون من قبل الام والاب لتوفير احتياجات الطفل والأبناء بشكل عام ليتعلم كيفية التنازل عن بعض ما يشتهيه لنفسه.
ولا ضير أن يعرف الأبناء أن حتى الأب والأم لديهما احتياجات لا يتم ايجادها بسبب الأوضاع المالية أو حتى شراء احتياجات الابناء.
وينصح أبو السعود مشاركة الابناء بالميزانية في حال كانوا في عمر يستوعب الأمور المالية، ووضع خطط شهرية لصرف الراتب أو دخل الأسر وأن يضطلع عليها الأبناء، وعدم تجاوز تلك الخطة.
وينصح أن يتم وضع جميع الالتزامات المادية أمام الأبناء مثل فواتير الماء والكهرباء والهاتف والتعليم والأكل، ليشعروا أن هناك كما كبيرا فعلا من الالتزامات تحتاج للسداد وأن كل ما يرونه في البيت لا يأتي بسهولة ويكلف الكثير وليس القليل كما يشعرون هم.
ويبين اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة بأن تحمل المسؤولية لدى الطفل منذ صغره، أمر في غاية الاهمية، وتبدأ بترتيب أغراضه وألعابه وإرجاعها لغرفته الخاصة، والحديث المستمر مع الطفل عن أحوال الأهل يجعل منه شخصا مسؤولا ومحبا للعائلة ويفكر بهم وليس بذاته فقط.
وهذا سلوك يعلّم منذ الطفولة، وفق مطارنة، مستغربا من الأهالي الذين لا يرغبون بقول كلمة “لا” لأبنائهم وذلك حتى لا يحرجوهم أو يشعروهم بالنقص، غير أن المسار الصحيح هو تعليمهم أن الإنسان عليه أن يعمل ويجهد ليحقق احتياجاته عند الكبر، وأن يضرب الأهل المثل على أنفسهم لكي يتعلم الأطفال أن الآباء تعبوا وجهدوا حتى وصلوا إلى ما هو عليه.
وينصح بتعليمهم قيمة الأشياء، وجمع النقود من مصروفهم الخاص لشراء بعض ما يلزمهم ليشعروا بقيمة ما يملكون.
تعليقات
إرسال تعليق