ونبرة الصوت تشمل تعابير الوجه أيضا، فيما لغة الجسد تشمل أيضا الاتصال بالعين، فالنغمة الصوتية والجسد يعكسان الأهمية والتفاعل بين شخصين، خصوصا في المحادثات والمواقف، ومن هنا خلال أي اتصال مع شخص مقرب انتبه جيدا لنبرة صوتك وعينيك، فهما أيضا يكملان ما تقوله.
كما أنه من المهم أن تبتسم، حين تعبر عن التقدير والامتنان لأحدهم، وانظر مباشرة لعيني الشريك من أجل ضمان وتأكيد الصلة بينكما، مستخدما صوتا ناعما لتوليد الشعور بالقبول والتعاطف والحنان، حتى في لحظة مناقشة مشكلة أو تحد. واجلس بجانب الشريك، بدلا من الجلوس مقابله لتوليد الشعور بالشراكة وإقصاء الندية بين الطرفين.
نعمة الصمت
لكن في بعض الأحيان فإن عدم قول أي شيء، يمكن أن يكون ألطف وأكثر تأثيرا من التواصل المباشر، حين يطبق بإحساس مرهف، خصوصا حين يكون الشريك بحاجة ماسة لمن يفهمه ويشعر به ويسمعه.
ويكون الاستماع بتركيز تام بدون حقن أفكار الطرف الآخر ومشاعره وإقحامها في هذه اللحظة، وهي بمثابة هدية ثمينة، أي أن تكون بأكملك متفرغا من الداخل لأجله، وكأنك تمنحه كل مساحة في عقلك وقلبك له.
د.لاري ميريديث اختصاصي في مقاطعة مارين في مجال الصحة والخدمات البشرية ومراكز علاج الإدمان، يبين أنه في بعض الأحيان يتعرض الفرد لمواقف هجومية بدون سبب من أي شخص يقابله وكأنه يطلق النار باتجاهه باستخدام الصوت والكلمات، ولكن الأمر الفعلي هو أن الشخص نفسه يقوم بهذا للفت الانتباه، كي يستمع أحدهم إليه.
وهنا في حالة التفاعل مع أشخاص عصبيين يقومون بالصراخ لا ترفع من صوتك، كما يقول ميريديث، بل على العكس استخدم نبرة صوت هادئة وانظر في عينيه ليشعر بأنك تخاطبه وتفهم ما يعاني منه واطلب منه التأمل بهدوء، والنتيجة هي التراجع في نوبة العصبية ومن ثم الحديث بدون توقف، وخلال هذا لا تبخل بالسؤال عن الخطب، وما الذي دفعه لمثل هذا، وأي سؤال من شأنه أن يدفعه للحديث والتوضيح حتى يخرج ما في جعبته ويخلصه من توتره، فهذا يشعره بالتقدير وبأن هناك من يفهمه فعليا ويهتم به ولو كان غريبا، لأنه يعزز قيمته الذاتية.
الاستماع وسحره
قد يعجبك ايضا
فالإنصات العاطفي والاستماع من هذا النوع يحصل حين نشعر بالتعاطف، فهو ليس تقنية أو أمرا يمكن تزييفه. فالاستماع بنصف التركيز والاهتمام مثل اللعب بالهاتف خلال حديث الشريك أو النظر لشاشة التلفاز قد يأتي بنتائج عكسية.
وحتى التظاهر بالاهتمام بينما تكون أفكارك بمكان آخر يظهر عدم اكتراثك. وهنا انتبه متى تفعل هذا حتى تتداركه مع الشريك، لتكون كاملا ومتواجدا فعليا له.
فالعديد منا يجد أن التنفيس يساعد على عملية تكوين الأفكار والمشاعر، وحين ينصت أحدهم لك، فإن الحل يلوح بالأفق وكأنه سحر. وهو الأمر نفسه ما يحصل حين يرتاد أحدهم طبيبا نفسيا ويخبره بما يشعر.
والإنصات الفعال والنشط يتطلب إيلاء الاهتمام، ويمنح مساحة للتحدث؛ حيث إن التواصل غير الشفوي يحدث بصوت عال أيضا وله دلالات من خلال؛ النظر للمتحدث مباشرة، ووضع الأفكار المشتتة جانبا، ومقاومة الطعن فيما يقوله، والإنصات للغة جسد المتحدث؟
ومن خلال التفاعل الجسدي وإشعار من تحدثه بأن صمتك لا يعني غيابك، وهذا يتم عبر استخدام لغة الجسد والإيماءات الخاصة، لنقل الانتباه للطرف الآخر، وهي تتمثل بإيماءة الرأس مثلا والابتسامة وتعابير الوجه، ولغة الجسد التي تدل على الاستقبال والانفتاح على الطرف الآخر، كأنها بمثابة دعوة، وليس بالتقوقع والانغلاق، اللذين يولدان انطباعا بالملل وعدم الاهتمام، وتشجيع المتحدث على متابعة الحديث بتعليقات صوتية صغيرة مثل؛ "نعم، أوافقك الرأي، وآها".
التحدي يكمن دوما في تجنب إقحام مشاعرك وأفكارك أو التحدث حين لا يطلب منك هذا، وهو أمر يتطلب وعيا كبيرا، لإشعار الطرف الآخر بالاهتمام.
وحين تشعر بالحاجة للتكلم تنفس، فهنالك دوما متسع للكلمات، ولكن الاستماع ولحظة التفاعل لا تعوض، لأن اللحظات التي تمضيها صامتا في حضرة من تحب بدون أن تفعل شيئا سوى التواجد هناك، فإنك تخلق رابطا لا تفعله الكلمات مهما كانت قوية. لكن أقوى الصلات والأفعال والمساندة والمشاعر تنشأ بفعل الصمت في الوقت المناسب حتى في العلاقات.
صحيفة الغد
تعليقات
إرسال تعليق