ينتشر ألم الظهر بين نسبة كبيرة من الرجال والنساء، وتبين دراسة أجريت حديثا في بريطانيا أن 80 % من البريطانيين الذين يراجعون المراكز الصحية في بلادهم للمعالجة يشكون من آلام الظهر خلال فترة حياتهم. وتبين الدراسة أيضا، أن تكاليف معالجة آلام الظهر في بريطانيا يصل سنويا الى بليون جنيه أسترليني، ونصف هذا المبلغ يصرف على العمليات الجراحية.
ومما يذكر طبيا، أن ألم الظهر السفلي يظهر أحيانا بشكل بسيط ولفترة محدودة من الزمن، وفي حالات كثيرة يصبح الألم شديدا ومزمنا ويحتاج الى عملية جراحية. وأسباب ألم الظهر السفلي متعددة، وأكثرها شيوعا؛ انزلاق غضروفي في إحدى فقرات سلسلة العمود الفقري، وخاصة بالفقرات 2 الى 5 منها في أسفل الظهر أو في إحدى فقرات الرقبة العليا.
ويسبب الانزلاق الغضروفي حدوث آلام شديدة في الظهر نتيجة تمزق الأنسجة الرابطة أو خروج المادة الهلامية اللزجة التي تفصل بين فقرات سلسلة الظهر.
ومن أهم مسببات الانزلاق الغضروفي حوادث السيارات، ورفع الأثقال الثقيلة، وممارسة الألعاب الرياضية العنيفة، كما يحدث ضعف في عضلات الظهر نتيجة قلة الحركة وزيادة وزن الجسم، وكلاهما يؤديان بالتدريج الى عدم قدرة عضلات الظهر على حماية فقرات العمود الفقري، ما يؤدي الى ألم في الظهر، وقد يترافق بصعوبة في المشي لتأثيره على أعصاب الساق، وبذلك يضعف نشاط المصاب في العمل والتنقل براحة كافية، وقد يؤدي المرض أحياننا الى تقاعد مبكر وفقدان العمل.
اكتشاف أحد أهم مسببات
ألم الظهر السفلي
خلال عدة دراسات طبية علمية أجريت خلال السنوات الأخيرة ونشرت آخرها في العدد 2 للعام 2013 في مجلة العمود الفقري الأوروبية، بينت الدكتورة Hanne Albert ومجموعة من زملائها المشاركين معها في جامعة جنوب الدنمارك، بأن أحد أهم مسببات ألم الظهر السفلي يعود الى التهابات تسببها أنواع من البكتيريا التي تنمو بدون الحاجة الى هواء (أكسجين). ومن المعروف بأن مئات الأنواع وبلايين الخلايا البكتيرية تستوطن بصورة طبيعية في فم وجلد وأمعاء الإنسان، ومن بينها خاصة النوع الذي يعرف باسم بروبيوني بكتيريوم أكني Propionibacterium acnes.
وهذا النوع من البكتيريا يقوم عادة بإفراز حوامض عضوية تسهم بالحافظ على جلد الإنسان ضد الإصابة بالميكروبات المعدية، ويقوم أيضا بحماية أنسجة الفم المخاطية. ولكن على الجانب الآخر، يظهر أن هذه البكتيريا تستطيع الانتشار من الفم الى أنسجة الجسم الداخلية عن طريق الدم، وتصل الى منطقة أسفل الظهر حيثما يوجد تمزق في الأنسجة الرابطة المحيطة بالفقرات، فتحدث التهابا موضوعيا وتكاثرا للسوائل ما يؤدي الى ضغط على الأعصاب المحيطة بالفقرات، فيظهر الألم عند المصاب.
وقد أظهرت نتائج الدراسات الدنماركية، بأن معالجة المرضى المصابين بألم مستمر في أسفل فقرات العمود الفقري السفلي بالمضادات الحيوية لمدة ثلاثة أشهر أسهم بنجاح في تخفيف وزوال الألم عند نسبة تصل الى 40 %. وتشير الدراسة بأنه يجب التأكد أولا من حالة المريض، وبحدوث التمزق والانتفاخ عنده في منطقة أسفل الظهر بواسطة جهاز التصوير الطبقي قبل إعطائه المضادات الحيوية. وبطبيعة الحال هناك حالات لا تستفيد من العلاج بالمضادات الحيوية، ويجب معالجتها بوسائل طبية أخرى. ولكن من المؤكد حاليا بأن مئات الآلاف من المرضى في العالم الذين يعانون من ألم أسفل الظهر سيتفيدون من طريقة العلاج الجديدة والرخيصة.
أ.د. عاصم الشهابي
تعليقات
إرسال تعليق