بي سي عربية - هل تريد تقوية ذاكرتك فيما يتعلق بالحقائق؟ الصحفي توم ستافورد يشرح لنا طريقة مختلفة لكيفية الحفاظ على المعلومات وتخزينها في الذاكرة.
إذا طُلبت منك أن تجلس وتذكر قائمة من الأرقام، أو سلسلة من الحقائق فكيف تتصرف حيال هذا الأمر؟ من المؤكد أن هناك مجالا لأن تخطئ.
فمن الأشياء الطريفة أنه رغم وجود دماغ واحدة لدى كل منا، إلا أننا لا نعرف تماما كيف نستفيد منه أفضل استفادة ممكنة. وهذا يرجع في جزء منه إلى عيوب في قدرتنا على إعادة التفكير في طريقة تفكيرنا، وهو ما يسمى بما وراء المعرفة.
وتكشف لنا دراسة عملية التفكير الخاصة بما يعرف بـ"الانعكاس الذاتي" (أو إعادة النظر في طريقة تفكيرنا) النقاب عن أن لدى الأجناس البشرية بقعاً عقلية عمياء غير منظورة.
وثمة منطقة تكون فيها تلك البقع العمياء في أدمغتنا كبيرة، وهي منطقة التعلم. ونحن في الواقع سيئون في التحقق من الكيفية التي نتعلم بها بأفضل شكل ممكن، وهو أمر مثير للدهشة حقا.
الاختبارات والذاكرة
وقد شرع الباحثان جفري كاربيك وهنري روديغر في النظر في جزئية معينة تتعلق بالطريقة التي يمكن من خلالها للاختبارات أن تعزز ذاكرتنا فيما يتعلق بالحقائق.
وفي التجربة التي أجرياها، طلبا من طلاب جامعيين تذكر زوجين من الكلمات باللغتين السواحيلية والإنجليزية، وكان يتعين عليهم، على سبيل المثال، أنهم إذا سمعوا كلمة "ماشوا" بالسواحيلية أن يكون الرد الصحيح منهم هو كلمة "بوت" (أي قارب) باللغة الانجليزية.
وكان بوسع الباحثين استخدام نوع من الحقائق التي تُطلب في حل لغز ما من الألغاز التي تطرح على طلاب المدارس الثانوية مثلا، من قبيل: من الذي كتب أول برنامج من برامج الكمبيوتر؟ آدا لفليس.
لكن استخدام اللغة السواحيلية يعني أنه ليس هناك أي فرصة لأن يستخدم المشاركون في البحث أي معلومات مكتسبة تساعدهم في التعلم.
وبعد أن تعلم الطلاب مجموعة من الكلمات باللغتين، تحدد لهم موعد للاختبار النهائي بعد ذلك بأسبوع واحد.
والآن إذا شرع العديد منا في مراجعة مثل هذه القائمة من المفردات، فإننا قد ندرس القائمة أولا، ثم نختبر أنفسنا فيها، ثم نعيد هذه الكرة مرة أخرى، ثم نسقط منها المفردات التي نجحنا في تذكرها بالفعل. وهذا يجعل الدراسة (والاختبار أيضا) أسرع، من وجهة نظرنا، ويسمح لنا بتركيز جهودنا على الأشياء التي لم نتعلمها بعد.
وتبدو هذه خطة منطقية تماما، لكنها على العكس خطة كارثية بالفعل إذا أردنا أن نتعلم على نحو سليم.
طلب كابريك وروديغر من الطلبة الاستعداد للاختبار النهائي بطرق مختلفة، وقارنا بين ما حققه الطلاب من نجاحات وإخفاقات. ومن ذلك على سبيل المثال، أن أفراد مجموعة بعينها واصلوا اختبار أنفسهم في جميع مفردات القوائم دون إسقاط تلك التي توصولوا إليها بشكل صحيح، بينما توقف أفراد مجموعة أخرى عن اختبار أنفسهم في تلك المفردات التي نجحوا في تذكرها، وأجابوا عنها إجابات صحيحة.
نتائج مختلفة
وفي الاختبار النهائي، كانت الفوارق بين المجموعتين كبيرة للغاية، فيما لم يؤثر إسقاط مثل تلك المفردات على الدراسة كثيرا. فقد وجد الباحثان أن الطلبة الذين أسقطوا تلك المفردات من المراجعة واختبار أنفسهم فيها كان أداؤهم ضعيفا نسبيا في الاختبار النهائي. فلم يتذكر هؤلاء سوى نحو 35 في المئة من الكلمات في صورة أزواج من المفردات.
وذلك بالمقارنة بالمجموعة الثانية التي حققت نحو 80 في المئة، وهي المجموعة التي أبقى أفرادها على جميع المفردات في القائمة حتى تلك التي تذكروها جيدا من أول مرة.
ويبدو أن الطريقة الفعالة للتعلم هي ممارسة استرجاع البيانات أو المفردات من الذاكرة، أو بمعنى آخر استمرار اختبار ذاكرتنا في تلك البيانات أو المفردات، بدلا من محاولة تثبيتها بمزيد من الدراسة فقط.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن إسقاط بعض البيانات أو المفردات بالكامل من عملية المراجعة، وهي النصيحة التي يسديها العديد من المرشدين في مجال التعلم، يمثل ممارسة خاطئة تماما.
وبوسعك التوقف عن دراسة تلك البنود أو المواد التي تعلمتها، لكن عليك مواصلة اختبار ذاكرتك فيها إذا أردت أن تتذكر هذه الأشياء بالفعل وقت الاختبار النهائي.
وأخيرا، سأل الباحثان المشاركين عن مدى نجاحهم في تذكر ما تعلموا، وكان تخمين جميع المجموعات هو أنهم نجحوا في ذلك بنسبة 50 في المئة.
لكن هذا يعد تقديرا مبالغا فيه بالنسبة للطلاب الذين اسقطوا المفردات التي نجحوا في تذكرها أول مرة من قائمة المراجعة، كما أنه تقدير أقل بكثير أيضا بالنسبة للطلاب الذين واصلوا اختبار تلك المفردات عدة مرات حتى بعد أن تعلموها.
إذن يبدو أن لدينا مناطق عمياء في الدماغ تتعلق بما وراء الإدراك والتي من أجلها ستعمل استراتيجيات المراجعة بأفضل شكل ممكن. وهو ما يجعل هذا موقفا نحتاج فيه إلى إرشاد وتوجيه من خلال الأدلة وليس البديهة أو الغريزة فقط.
ولكن ذلك الدليل ينطوي على جانب أخلاقي معنوي بالنسبة للمدرسين كذلك: إذ يتعلق الأمر بالاختبار أكثر مما يتعلق باكتشاف ما يعرفه الطلاب، فالاختبارات يمكن أيضا أن تساعدنا على التذكر.
إذا طُلبت منك أن تجلس وتذكر قائمة من الأرقام، أو سلسلة من الحقائق فكيف تتصرف حيال هذا الأمر؟ من المؤكد أن هناك مجالا لأن تخطئ.
فمن الأشياء الطريفة أنه رغم وجود دماغ واحدة لدى كل منا، إلا أننا لا نعرف تماما كيف نستفيد منه أفضل استفادة ممكنة. وهذا يرجع في جزء منه إلى عيوب في قدرتنا على إعادة التفكير في طريقة تفكيرنا، وهو ما يسمى بما وراء المعرفة.
وتكشف لنا دراسة عملية التفكير الخاصة بما يعرف بـ"الانعكاس الذاتي" (أو إعادة النظر في طريقة تفكيرنا) النقاب عن أن لدى الأجناس البشرية بقعاً عقلية عمياء غير منظورة.
وثمة منطقة تكون فيها تلك البقع العمياء في أدمغتنا كبيرة، وهي منطقة التعلم. ونحن في الواقع سيئون في التحقق من الكيفية التي نتعلم بها بأفضل شكل ممكن، وهو أمر مثير للدهشة حقا.
الاختبارات والذاكرة
وقد شرع الباحثان جفري كاربيك وهنري روديغر في النظر في جزئية معينة تتعلق بالطريقة التي يمكن من خلالها للاختبارات أن تعزز ذاكرتنا فيما يتعلق بالحقائق.
وفي التجربة التي أجرياها، طلبا من طلاب جامعيين تذكر زوجين من الكلمات باللغتين السواحيلية والإنجليزية، وكان يتعين عليهم، على سبيل المثال، أنهم إذا سمعوا كلمة "ماشوا" بالسواحيلية أن يكون الرد الصحيح منهم هو كلمة "بوت" (أي قارب) باللغة الانجليزية.
وكان بوسع الباحثين استخدام نوع من الحقائق التي تُطلب في حل لغز ما من الألغاز التي تطرح على طلاب المدارس الثانوية مثلا، من قبيل: من الذي كتب أول برنامج من برامج الكمبيوتر؟ آدا لفليس.
لكن استخدام اللغة السواحيلية يعني أنه ليس هناك أي فرصة لأن يستخدم المشاركون في البحث أي معلومات مكتسبة تساعدهم في التعلم.
وبعد أن تعلم الطلاب مجموعة من الكلمات باللغتين، تحدد لهم موعد للاختبار النهائي بعد ذلك بأسبوع واحد.
والآن إذا شرع العديد منا في مراجعة مثل هذه القائمة من المفردات، فإننا قد ندرس القائمة أولا، ثم نختبر أنفسنا فيها، ثم نعيد هذه الكرة مرة أخرى، ثم نسقط منها المفردات التي نجحنا في تذكرها بالفعل. وهذا يجعل الدراسة (والاختبار أيضا) أسرع، من وجهة نظرنا، ويسمح لنا بتركيز جهودنا على الأشياء التي لم نتعلمها بعد.
وتبدو هذه خطة منطقية تماما، لكنها على العكس خطة كارثية بالفعل إذا أردنا أن نتعلم على نحو سليم.
طلب كابريك وروديغر من الطلبة الاستعداد للاختبار النهائي بطرق مختلفة، وقارنا بين ما حققه الطلاب من نجاحات وإخفاقات. ومن ذلك على سبيل المثال، أن أفراد مجموعة بعينها واصلوا اختبار أنفسهم في جميع مفردات القوائم دون إسقاط تلك التي توصولوا إليها بشكل صحيح، بينما توقف أفراد مجموعة أخرى عن اختبار أنفسهم في تلك المفردات التي نجحوا في تذكرها، وأجابوا عنها إجابات صحيحة.
نتائج مختلفة
وفي الاختبار النهائي، كانت الفوارق بين المجموعتين كبيرة للغاية، فيما لم يؤثر إسقاط مثل تلك المفردات على الدراسة كثيرا. فقد وجد الباحثان أن الطلبة الذين أسقطوا تلك المفردات من المراجعة واختبار أنفسهم فيها كان أداؤهم ضعيفا نسبيا في الاختبار النهائي. فلم يتذكر هؤلاء سوى نحو 35 في المئة من الكلمات في صورة أزواج من المفردات.
وذلك بالمقارنة بالمجموعة الثانية التي حققت نحو 80 في المئة، وهي المجموعة التي أبقى أفرادها على جميع المفردات في القائمة حتى تلك التي تذكروها جيدا من أول مرة.
ويبدو أن الطريقة الفعالة للتعلم هي ممارسة استرجاع البيانات أو المفردات من الذاكرة، أو بمعنى آخر استمرار اختبار ذاكرتنا في تلك البيانات أو المفردات، بدلا من محاولة تثبيتها بمزيد من الدراسة فقط.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن إسقاط بعض البيانات أو المفردات بالكامل من عملية المراجعة، وهي النصيحة التي يسديها العديد من المرشدين في مجال التعلم، يمثل ممارسة خاطئة تماما.
وبوسعك التوقف عن دراسة تلك البنود أو المواد التي تعلمتها، لكن عليك مواصلة اختبار ذاكرتك فيها إذا أردت أن تتذكر هذه الأشياء بالفعل وقت الاختبار النهائي.
وأخيرا، سأل الباحثان المشاركين عن مدى نجاحهم في تذكر ما تعلموا، وكان تخمين جميع المجموعات هو أنهم نجحوا في ذلك بنسبة 50 في المئة.
لكن هذا يعد تقديرا مبالغا فيه بالنسبة للطلاب الذين اسقطوا المفردات التي نجحوا في تذكرها أول مرة من قائمة المراجعة، كما أنه تقدير أقل بكثير أيضا بالنسبة للطلاب الذين واصلوا اختبار تلك المفردات عدة مرات حتى بعد أن تعلموها.
إذن يبدو أن لدينا مناطق عمياء في الدماغ تتعلق بما وراء الإدراك والتي من أجلها ستعمل استراتيجيات المراجعة بأفضل شكل ممكن. وهو ما يجعل هذا موقفا نحتاج فيه إلى إرشاد وتوجيه من خلال الأدلة وليس البديهة أو الغريزة فقط.
ولكن ذلك الدليل ينطوي على جانب أخلاقي معنوي بالنسبة للمدرسين كذلك: إذ يتعلق الأمر بالاختبار أكثر مما يتعلق باكتشاف ما يعرفه الطلاب، فالاختبارات يمكن أيضا أن تساعدنا على التذكر.
تعليقات
إرسال تعليق