عبد العزيز الخضرا- قليل من الناس يعرفون أن أكبر عبقري في القرن العشرين “ألبرت آينشتاين”، كان يلقب “بالغبي” في مدرسته، ما جعله ينسحب من المدرسة الثانوية. يقول “آينشتاين” أن الإنسان بطبيعته يعمد للكسل، فإن لم يستحثه شيء ما فهو لن يفكر، وسيتصرف بتأثير العادة “كالآلات”.
في الدماغ جزء يسمى ( الأميغدالا) وهو يشبه العقل الفطري الذي يوجد في الكائنات الحية الأبسط تعقيداً من الإنسان. هذه (الأميغدالا) تستطيع أن تسيطر على العقل المنطقي في مواقف الكرِّ والفرِّ، الخطر والاستفزاز (الانفعال). وهي الجزء الذي يُخزِّن السيالات العصبية التي تحمل المشاعر وتُفسرها، وهي منطقة لوزية الشكل، وتتواجد في جانبي المخ، وهي مخزن العواطف. أما العقل الفكري فهو الذي يفكر في الأحداث ويُحلِّلها ويُعطي النتائج والقرارات، كما يقوم بتخزين الوقائع والمعلومات.
وقد ازداد منطق مُحبي ومُعجبي الذكاء العاطفي قوة بعد أن ظهرت الحاجة إلى إيجاد معايير محددة للتوظيف تعتمد على المهارات التي يتمتع بها الفرد، بعد أن كانت امتحانات قياس الذكاء IQ جزءاً لا يتجزأ من سلسلة المقابلات والاختبارات التي عقدتها الكثير من الشركات عالمياً في القرن الماضي. حيث إن الكثير من الموظفين الذين عينوا بحسب نتائجهم العالمية في الـ IQ لم ينجحوا في تحقيق النتائج العالية المتوقعة منهم في المناصب التي تتطلب التعامل مع الناس، كالإدارة والتخطيط، والتعامل مع الزبائن والتأثير في الجمهور، والعمل مع الفريق.
كما أن الشركات لاحظت نسبة عالية من تبديل الموظفين بشكل سنوي، ما دعا إلى الحاجة إلى اتخاذ مقاييس الاختبارات الشخصية والسلوكية وبعدها تم التوجه إلى استخدام مقاييس الذكاء العاطفي لاختيار الشخص المناسب للوظيفة. واليوم تتوجه المشاريع الضخمة العالمية إلى تدريب موظفيها لتطوير مهارات الذكاء العاطفي في مجالات التعليم والتدريب والإدارة والقيادة والطب.
يقول د. (لودو Le Doux ) الباحث في تشريح دماغ الإنسان إن لدماغ الإنسان عقلين.. عقل يفكر؛ وهو العقل المنطقي الذي يفكر ويُحلل ويربط المعلومات، وعقل يشعر؛ وهو العقل العاطفي. (عندما سُئلت أم عن إحساسها تجاه ولدها الذي وضعها في دار للمسنين ونسيها قالت: هو ابني وأنا أسامحه فهو عليه الكثير من المسؤوليات.. وبكت! فالعقل الفكري هو الذي أعرب عن المسامحة، أما العقل العاطفي فهو الذي أبكاها) .
ولكن ما هي مهارات الذكاء العاطفي؟
يلخص غولمان الذكاء العاطفي في 5 قدرات ذكائية:
1ـ الوعي بالنفس وبالعواطف: على الإنسان أن يعي بعواطفه ويميز مشاعره، فيحدّد ما إذا كان غاضباً أو حزيناً أو سعيداً، وذلك ليتمكن من التعامل معها بشكل صحيح، ويكون واعياً لحالته واحتياجاته ما يرفع من ثقته بنفسه.
2ـ إدارة العواطف: وهي القدرة على التحكم بها وتوجيهها، فيجب قبول جميع المشاعر، ولكن علينا أن نعرف كيف نديرها ونُعبر عنها بحكمة وبما يعود علينا بالفائدة لا بالتوتر أو المشاكل فعلينا بإدارة الغضب والحب والغيرة.
3ـ تحفيز الذات: أي توجيه العواطف لما فيه مصلحتنا، وتسخيرها في خلق الدوافع والأسباب التي تحثنا على الاستمرار والصبر وتحقيق الأفضل دائماً.
4ـ التعاطف مع الآخرين: وهي القدرة على تفهم مشاعر الآخرين والتعامل معهم، بل والإحساس بنفس المشاعر التي يشعر بها الآخرون والتفاعل معهم.
5ـ المهارات الاجتماعية: وهي القدرة على فهم الآخر ومشاعره وآرائه بفعالية والتأثير فيمن حولنا، والقدرة على التعامل مع الشخصيات المختلفة والظروف المختلفة، والقدرة على إقامة علاقات اجتماعية صحية والعمل بفعالية ضمن مجموعة.
إذاً ما الفرق بين قدرات الذكاء المتعارف عليه بالـ IQ والذكاء العاطفي؟
* الذكاء المعرفي ـ IQ
- يُمثل القدرات الإدراكية للأفكار الحسابية واللغوية والفضائية والمنطقية وفهمها وتخزينها في الذاكرة واستخدام المعلومات في التطبيق.
- يُخلق مع الإنسان منذ ولادته ويحفز بالتعلم.
- يُساعد في التحصيل الدراسي.
- يستخدم الحقائق العلمية والمثبتة لإقناع الآخرين.
- يعتمد فقط على إدارة المهارات الفكرية.
- من يملك ذكاء فكرياً كبيراً ولا يملك ذكاء عاطفياً يتعامل مع جميع الناس بنفس الطريقة ويصعب عليه تحفيزهم.
الذكاء العقلي لا يترجم القدرة على التعامل مع النفس وانفعالاتها بكفاءة.
- الرجل الذي يملك ذكاء معرفياً كبيراً يملك مهارات فكرية وقدرات عقلية مميزة، ولكن ليس بالضرورة أن يكون بنفس القدر من الذكاء في التعامل مع المواقف الحياتية العملية.
- يبُدع في المجالات العلمية والفكرية واللغوية والمنطق والهندسة والتعامل مع الأجهزة والماكنات والفراغ.
- ذكاؤه لا علاقة له بقدرته على بناء العلاقات المهنية أو الشخصية.
- ذكاؤه لا يعتمد على نفسيته، فهو يُعبِّر عن قدرات ذكاء موروثة.
* الذكاء العاطفي ـ EQ
- القدرة على الفهم والتعامل مع المشاعر والحالات الانفعالية واستخدامها لتحفيز أنفسنا وإدارة عواطفنا بما يُدعم التفكير المنطقي.
- مكتسب، ويمكن العمل على تطوير قدراته بالوعي والتدريب.
- يساعد في التحصيل الدراسي والنجاح في الحياة.
يستخدم الأساليب والمشاعر وتحليل المواقف الحياتية والشخصيات لإقناع الآخرين.
- يعتمد على إدارة المهارات الفكرية والعاطفية معاً.
يتمكن من يملك ذكاء عاطفياً كبيراً من تحفيز كل شخص بالأسلوب الذي يناسبه.
- من يملك ذكاء عاطفياً يكون قادراً على إدارة مشاعره وتحفيز ذاته نحو التطور.
- الرجل الذي يملك ذكاء عاطفياً كبيراً يملك القدرة على بناء علاقات متوازنة ويتمتع بروح إيجابية وهو واثق من نفسه ولديه من الوعي والمهارة ما يجعله يتصرف بذكاء في المواقف المختلفة.
- يُبدع في المجالات القيادية، وفي التعامل مع الناس كالطب، والتجارة والبيع والتعليم.
- ينجح في بناء العلاقات الإنسانية العاطفية والاجتماعية والمهنية.
- ذكاؤه يعتمد على فهمه لذاته وقدرته على التعبير عن رأيه وأفكاره ومشاعره وتحقيق نفسه.
تعليقات
إرسال تعليق