البعوضة؛ مخلوق ضعيف، لكنه عجيب، فقد حباها الله بكثير من الأسرار، فبرغم صغر هذا المخلوق المدهش، إلا أننا يمكن أن نتعلم منه أكثر مما نتخيل. فمن الممكن أن تزرع فينا الثقة بالنفس، وألا نستهين بقدراتنا، وتبث في خطواتنا المهنية حب المغامرة المسؤولة والمدروسة، وتعلمنا أيضاً التعايش مع بعضنا بعضاً، ونتعلم منها ألا نستسلم أبداً للفشل أو المثبطين من حولنا.
إليكم أبرز 6 دروس نجهلها عن حياة البعوضة لو تأملناها وحاولنا تطبيقها في حياتنا لرسمت لنا النجاح في حياتنا.
لا تخافوا من المخاطرة
تواجه البعوضة المخاطر بشجاعة مذهلة، وكأن كل تحركاتها وطنينها المزعج يخبرنا بأن المغامرة تستحق ذلك، وهي أمر ضروري ولا بد منه للحصول على الغذاء. البعوضة تتحمل المخاطر في محاربتها لحيوان أكبر منها حجماً، وهي لا تجد صعوبة في المحاولة، بل تفعلها فقط، حتى إنها تحاول أن تصل إلى أدمغتنا! كم هي شجاعة؟ المخاطرة هي إحدى الأشياء التي نخشى القيام بها. فمن الطبيعي جداً أن الخروج من منطقة الأمان الخاصة بنا هو أمر صعب ويتطلب الجرأة، ومع ذلك فإن المخاطرة هي بالتأكيد أفضل طريقة للتعلم ولاكتساب الخبرات في الحياة، وللقيام بالأمور الصعبة.
نحن البشر مغامرون بالفطرة، وملتزمون بها تماماً مثل أي كائن آخر، وهذا ما قادنا إلى الازدهار والتقدم. اتبعي حدسك وغريزتك واستخدمي كل قدراتك لتحقيق أحلامك ورغباتك.
تقاسموا الحياة
نحن جزء من هذا الكون، هذا العالم، وهذا الواقع، ونحن غالباً ما ننسى ذلك. نحن جزء من كل شيء بدلاً من أن نكون مالكين له وهذا ما يجب أن يكون. يجب علينا أن نقرن أقوالنا بأفعالنا، فالطريقة التي نسيء بها للطبيعة، للمخلوقات الأخرى، وحتى لبني جلدتنا تثبت أننا نريد السيطرة على كل من حولنا، ونريد قهره بدلاً من تقاسم الحياة معه.
البعوض يعلمنا أن المشاركة هي أمر ضروري في الحياة سواء كانت للمكان أو للموارد الطبيعية التي نحتاج إليها كلنا. والبعوض لديه حقوق مساوية في العيش وفي الوجود هنا، فهو قبلنا بنحو 170 مليون سنة. إذاً، يجب علينا أن نتعلم كيف نشارك الغير ليس فقط بالمكان والموارد، بل في الحب، العطف، المساعدة، الغذاء، الوقت، والرعاية. وبهذه الطريقة سوف نعزز مهاراتنا الاجتماعية الحياتية، وسنشعر بالرضى والاكتفاء.
لا تقللوا من قدر الآخرين
قد نميل في بعض الأحيان إلى التقليل من أهمية الأشياء والاستخفاف بها بناء على مظهرها الخارجي. الحجم على سبيل المثال، هو واحد من الصفات المضللة والهدامة. فنحن قد نستخف بشيء أو بشخص ما لأنه أصغر منا، فنعقتد أنه عاجز وضعيف، مثل النملة أو البعوضة. هل كنا نعلم أن النملة يمكن أن تحمل وزناً بأضعاف حجمها الحقيقي لأكثر من 100 مرة؟ أو أن البعوضة من أخطر الحشرات فتكاً على كوكب الأرض؟ الاستخفاف بقدرات شخص ما بسبب مظهره ليس إلا انعداماً للخبرة في الحكم على الأشخاص.
و سنجد حالات لا تحصى من سوء التقدير لأشخاص في هذه الحياة، ومن الاستهانة بقدرة من هم أكثر خبرة منا عندما يحاولون نصحنا في مشكلة ما. يجب عليك أن تعترفي بمزايا وقدرات من تتعاملين معهم، وألا تكوّني عنهم آراء بناء على مظهرهم أو الانطباع الذي يعطونه لأول مرة.
لا تستسلموا
إنها عبارة متكررة من نصائح الحياة التي نسمعها دائماً، وقد تبدو عديمة الفائدة من كثرة تكرارها أو عمومية مغزاها، ولكن من المؤكد أن الإصرار لابد منه. البعوضة تطبق هذه الفكرة بحذافيرها. فهي ببساطة، يمكنها أن تقضي الليل بطوله تحاول الوصول إلى أذنك، أو تحاول امتصاص دمك. فإذا كان هذا المخلوق الصغير يبذل الجهد الكبير ليصل إلى هدفه، فلماذا لا نستطيع فعل ذلك؟ يجب علينا على الأقل أن نقتدي بالبعوضة وألا ننسي أبداً رفضها التخلي عن تحقيق أهدافها، ويمكننا أن نذهب إلى أقصى الحدود عندما يتعلق الأمر بأحلامنا وعواطفنا، فعدم الاستسلام هو مفتاح تحقيق تلك الأمور.
تقبلوا من حولك
في نهاية المطاف، سنجد أوقاتاً لن نستطيع فيها التغلب على البعوضة، فأحياناً قد تكون سريعة للغاية، وبطريقة أو بأخرى قوية جداً. إنها معركة بين البعوضة ورغبتنا في النوم. ومن ثم علينا الرضوخ للأمر الواقع وأن نتعلم القبول، لأنها الطريقة الفعلية التي نفوز بها، وأيضاً لأنها طريقة لتحمل الإصابات التي نتعرض لها في الحياة من دون الشعور بالألم. يجب علينا أن نتعلم ترك الأمور تجري كما هي وألا نحاربها، وإن كانت لدينا الخبرة في ذلك فلا نقاومها. وهذا ما يسمى في الحياة "الجهد العكسي".
تواضعوا
نعم، نحن متقدمون. نحن لدينا الكثير من المال. نحن لدينا البيوت الكبيرة، السيارات، المباني،.. نحن لدينا عقول فذة، عازفو بيانو وكمان عباقرة. ولكن البعوض هذا الكائن الصغير يدفعنا إلى الجنون بمجرد أن نسمع طنينه من حولنا. نحن لسنا الأقوى، إننا كائنات فانية تماماً كأي كائن آخر.. نحن في عملية تقدم وازدهار مستمرين. ونحن نبقى عاجزين تماماً أمام البعوضة، وإذا كان لدينا طارد للحشرات، سنكون أقوياء فقط لبضع ساعات حتى نعود لحالتنا العادية الطبيعية الإنسانية. الحياة جميلة، ويبدو أن التعايش أفضل من الظلم، وهذا ما تعلمنا إياه البعوضة ببساطة وسهولة من خلال ظهورها لنا في الغرفة، في الغابة أو في أي مكان آخر.
الحياة تصبح أكثر متعةً عندما نعيشها معاً ونتقاسمها معاً. ليست هناك حاجة لإظهار التفوق على الآخرين لمجرد قهرهم. وإذا كانت لدينا فكرة مسبقة بأننا أقوياء ولا نقهر، فبالتأكيد الحياة مع الوقت ستبين لنا عكس ذلك.
الأشياء الجيدة تأتي عندما ننفتح على الحياة. لنذهب و ننطلق و نستمتع بالحياة، و لنستمع إلى البعوضة وطنينها الحكيم.
البيان.نت
تعليقات
إرسال تعليق