قدم الخليفة العباسي المأمون إلى مصر في عام 217 هـ لإخماد ثورة المصريين الذين أرهقتهم الضرائب الفادحة وأغضبهم جور الولاة وتعسفهم. وسرعان ما أثار الهرم فضول المأمون وسحر خياله إلى أقصى درجة، فالخليفة كان معروفا بحبه للعلم والاكتشاف، وقد زاد من فضوله ما سمعه من عامة الناس في مصر من قصص وأساطير حول الكنوز والنفائس المخبأة داخل الهرم، فعقد العزم على قيادة حملة كبيرة لاكتشاف خبايا وأسرار هذا الصرح الحجري العظيم.
نظم المأمون حملة تضم المهندسين والمعماريين والبنائيين ونحاتي الأحجار. تواصل بحث الحملة لأيام طويلة عن مدخل للهرم على امتداد جوانبه الملساء. وعندما فشلت الحملة في العثور على مثل هذا المدخل قررت أن تحفر مباشرة في الأحجار الصخرية التي تشكل جسم الهرم. لكن المطارق والأزاميل لم تنجح في خدش البناء المنيع. ولم ترض الحملة بهذه الهزيمة ، فعمدوا إلى تسخين جانب من أحجار الهرم حتى توهجت احمرارا ثم صبوا عليها الخل البارد حتى نجحوا في إحداث شق في الأحجار ثم استخدموا آلة الكبش ، وهي آلة حربية قديمة كانت تستخدم في هدم الأسوار ، وقد نجحت هذه الآلة في تكسير الأحجار التي كانت مقاومتها قد ضعفت".
وجد رجال المأمون أنفسهم داخل حجرة كبيرة حوائطها وأرضها مصنوعة من الحجر الجرانيتي الأحمر المصقول. كان طول الحجرة 34 قدما وعرضها 17 قدما وارتفاعها 19 قدما وهي الحجرة التي تعرف حاليا بأسم حجرة الملك. أخذ الرجال يبحثون بجنون في أرجاء الحجرة عن الكنز الذي جاءوا من اجله ، فوجدوا الحجرة لا تضم سوى تابوت مصقول بمهارة من حجر الجرانيت البني الداكن. ويقال أن المأمون ، خوفا من ثورة رجاله من أفراد الحملة ، قد أوعز إلى احدهم أن يضع بعض القطع الذهبية في إحدى الحجرات ، بحيث يكتشفها أفراد الحملة أثناء بحثهم ، فتكون بمثابة التعويض لهم عن جهدهم إذا لم يسفر التنقيب داخل الهرم عن شيء. على كل حال كانت هذه هي نهاية أول محاولة لاكتشاف سر الهرم.
حملة المأمون الاستكشافية عادت خالية الوفاض، لكن منذ ذلك الحين ظل المدخل الذي فتحه رجال المأمون في جسم الهرم هو المدخل الرئيسي المستخدم من قبل المستطرقين والزوار والسياح لدخول الهرم حتى يومنا هذا، وهو بالطبع ليس المدخل الأصلي الذي صممه مهندسو الهرم القدماء، لكنه يعترض المدخل الأصلي اتفاقا ويسير معه، وهو أسهل للوصول وأيسر للدخول والخروج.
تعليقات
إرسال تعليق