كثير من المتزوجين يعتبرون أن الزواج هو نهاية مشوار الحب وأن الأمر الوحيد الممكن في ظله هو التحسر على جفاف بشرة الوجه وتولي عهد الصبا فكيف نحافظ على مشاعر الحب الرائعة؟ وكيف نقتبس من ناره جذوة متقدة تدفئ قلوبنا؟
إليكم ما يقترحه الخبراء
أولاً: هناك أوجه شبه قوية بين الحب والطاقة، وفي الحقيقة الحب شكل من أشكال الطاقة الروحية التي يمكن توليدها واستقبالها بأشكال عقلية وجسدية أو عاطفية، ومثل الطاقة يمكن أن يأتي الحب من جهات مختلفة ويمكن استخدامه بوسائل شتى. فعلى سبيل المثال؛ يمكنك توليد الطاقة الحركية أثناء تحركها، أما الأضواء العلوية فتستخدم الطاقة الكهربائية لإنتاج طاقة إشعاعية حين تضيء. أما بالنسبة للزنبرك المضغوط فإنه يختزن الطاقة وهناك طاقة حتى في مكيف أو مدفأة سيارتك.
ثانياً: الحب شكل من أشكال الطاقة الروحية التي يمكن أن تعطى أو يتلقاها الناس بأشكال جسدية أو عاطفية أو عقلية، ويبدأ الحب عادة في أفكارنا ومن ثم ينتشر إلى العالم الجسدي من خلال أفعالنا وصولاً إلى إنتاج المشاعر العاطفية القوية للحب، فإن من الضروري التفكير في الحب والقيام بأعمال تتعلق به، فإذا فكرت في الغضب أو الحقد فليس هناك من سبيل لك لتشعر بالحب أو القيام بأفعال تتعلق به.
ثالثاً: للحب وجوه كثيرة قد تبدو متناقضة في بعض الأحيان ولكنها ليست كذلك. وعلى سبيل المثال؛ فالزوج الذي يُقدِّم هدية لزوجته في إحدى المناسبات السعيدة هو ذاته الذي يقطب حاجبيه في موقف آخر.
رابعاً: التأمل هو محاولة لامتصاص طاقة الأشياء، وقليل من الرياضة والتأمل سيضفيان على حياتكما هدوءاً رائعاً.
ويمكن تحول مشاعر الحب إلى طاقة متجددة في جوانب الحياة المتعددة؛ إذ يدرك الإنسان الناضج أن الحب هو هذا الكائن الروحاني، الكامن في داخلنا، وهو الطاقة الروحانية التي تحرك الأشياء في داخلنا، وتغير العادات، وتبدل السلوكيات نحو الأرقى، ويفهم الإنسان الناضج أن الحب طاقات متنوعة، فهناك حب الإنسان لله سبحانه وتعالى، وهذه العلاقة شديدة الخصوصية، يصرفها الفرد ويستشعرها ويتذوقها، إنها الحب الصافي الذي يتعلق فيه المحب بحبيبه، وهذه العلاقة لا يعرف كنهها إلا من عايشها. وعلاقة أخرى سامية، وهي حب الأم لأبنائها، إنه الحب الذي يتدفق عطاء وحناناً ورعاية إنه حب بلا حدود وبلا مقابل، لتنمي شخصية طفلها وتربي إنسانا قادرا على مواجهة مطالب الحياة وقادراً على المساهمة في بناء مجتمع ومن ثم وطن متحضر.
وعلاقة حب أخرى هي الزوج والزوجة، وهي علاقة بناء وتكامل وليست علاقة صراع، إنها علاقة تتصف بالود والسكينة والرحمة والاحترام والوضوح والتواصل والتضحية بنفس راضية.
وهناك حب الوطن الذي يرتبط بحضارة الآباء والأجداد والذود عن حياضه...الخ. وهذا الحب الذي يتفجر كالبركان في الغربة ولا نحس به إلا بالبعد عن الوطن.
وحب العلم وهو بحر واسع يجد السابح فيه متعة كبيرة، متعة البحث ومتعة الاكتشاف، ومتعة تقديم نتائجه لتوظف في خدمة المجتمع والوطن، فكم من النشاطات أثرت في خدمة الإنسانية بفضل حب العلم.
إن وظيفة الحب في حياة الكائن الإنساني امرأة كان أم رجلاً ليس الغرض منها الإبقاء على النوع، أو إشباع الغريزة.. بل إن هذه القضايا وما يتفرع عنها تأتي في الدرجة الثانية من عمل الحب داخل الذات الإنسانية، وتأثيره والدليل على ذلك نستخلصه من الواقع الملموس البسيط الذي يظهر بارزاً في كل جيل وكل عصر، وكل بيئة، بل هو نتيجة تفتح الذات على غيرها وعلى العالم. فيندفع صاحبه في طريق النبوغ والجد والعمل والإبداع في أحد الحقول العامة، حسب الظروف والأوضاع والوسائل، بيد أنه يظل في أساسه قوة عطاء وإبداع خلاقة تقرب النفوس وتفجر إبداع العقول لما فيه خير المجتمع وإسعاد الناس، وهنا يأتي دور التربية الفعال لأن الدور الذي لعبه جهل المربين والمربيات هو الذي حال وما يزال يحول بين الإنسانية والإفادة من الحب على أكمل وجه وأدقه وأحلاه، كما لا بد من ملاحظة هذا الجانب، جانب التربية في دراسة عالم الحب، لأننا نلاحظ دوماً أن شخصيات التاريخ الكبرى من شعراء وأدباء وعلماء وفنانين ومخترعين امتازوا أكثر ما امتازوا بقدرتهم العجيبة على الحب وتفردوا بذلك اللهب الداخلي فلا يملون الجهد من أجل غيرهم، ولا يتوانون لحظة عن الاستمتاع بالخدمات التي كانوا يؤدونها رغم كل ما تنطوي عليه من صعوبات ومشقات، ولم يكن لهم من حافز أصيل على الصبر والجلد، سوى امتداد لهيب الحب في جوانحهم، منذ الطفولة وحتى نهاية العمر.
وهناك أنواع كثيرة من الحب، مثل حب الطبيعة من سماء وبحر وشجر، وحب الأماكن: مدينة، بيت، شارع... حب الجمادات: القلم الذي تكتب به، والكرسي الذي تجلس عليه، والكتاب الذي تقرأه و...
إن الحب للإنسان هو المرسى في خضم الحياة، وهو الكنز الذي يبحث عنه وهو بداخله، إن طاقة الحب للناس وللعمل وللأشياء من حولنا، تنعكس على صاحبها في حياته الحاضرة والمستقبلية سعادة، إن طاقة الحب هي البيئة النفسية التي تسهم في الإصلاح والبناء والتحديث للإنسان والمجتمع.
عبد العزيز الخضراء
تعليقات
إرسال تعليق