القائمة الرئيسية

الصفحات


هل ضقت ذرعاً بالجدل غير المجدي على شبكة الإنترنت؟

 هناك عدد من علماء النفس قد أجروا تحقيقاً يتعلق بأفضل الوسائل لتصحيح الأفكار الزائفة.
 المحاضر في علم النفس، توم ستافورد، يكشف لنا كيفية تفنيد الأفكار الزائفة بشكل سليم.

نحن جميعاً نقاوم تغيير معتقداتنا الراسخة عن العالم، لكن ماذا يحدث عندما تستند بعض تلك المعتقدات إلى معلومات خاطئة؟ وهل من طريقة سليمة لتصويب شخص ما عندما يعتقد بشئ خاطيء؟

ستيفن ليفاندويسكي، وجون كووك شرعا في مراجعة الحقائق العلمية المتعلقة بهذا الموضوع، بل وأجريا بضع تجارب بنفسيهما، وقد وصل بهما هذا الجهد إلى وضع كتاب بعنوان "دليل فاضحي الزيف".

ويقدم ذلك الكتاب أساليب عملية تستند إلى الدليل لتصحيح المعلومات الخاطئة المتعلقة مثلاً بالتغير المناخي، أو نظرية النشوء والارتقاء، بيد أن النتائج تنطبق أيضا على أي وضع تجد فيه الحقائق وقد نزلت على أذن صماء.

أول شيء يشير إليه الدليل هو أهمية "آثار رد الفعل العكسي"، بمعنى أنه عندما تخبر الناس أنهم مخطئون فقد يؤدي ذلك بهم إلى التمسك أكثر بمعتقداتهم، بل ومحاولة تعزيزها.

في إحدى التجارب، على سبيل المثال، قدم الباحثان للناس تصويبات صحفية تتناقض مع وجهات نظرهم وسياساتهم، وذلك في موضوعات تتراوح ما بين الإصلاح الضريبي إلى وجود أسلحة الدمار الشامل.

وهذه التصويبات لم يجر تجاهلها فحسب، بل عززت المواقف السابقة لدى هؤلاء الناس.



وتزداد "آثار رد الفعل العكسي" قوة عندما لا يكون لديك أي سبب يدعوك للثقة بالشخص الذي تتحدث إليه. وهذا ربما يفسر السبب الذي يجعل المتشككين في التغيرات المناخية من ذوي التعليم العلمي هم الأكثر تشككاً في أن البشر هم المتسببون في ظاهرة الإحتباس الحراري.

وتكمن المفارقة في أن فهم آثار رد الفعل العكسي يتطلب منا خلع الزيف عن فهم خاطيء لدينا نحن، ففي غالب الأحيان، كما يقول ليواندويسكي وكووك، يفترض ناقلوا المعلومة وجود "نموذج ناقص" في تفاعلهم مع أصحاب المعلومات الزائفة.
بي بي سي عربية
هذه هي الفكرة المتمثلة في أننا نمتلك المعلومة الصحيحية، وكل ما علينا فعله لجعل الناس يقتنعون بها هو ملء ذلك النقص في فهمهم بالطريقة الصحيحة.

فمجرد إخبار الناس بالدليل بشأن حقيقة ما ليس أمرا كافيا لجعلهم يغيرون معتقداتهم الخاطئة، فالمعتقدات لا تعمل على هذا النحو.

والعوامل النفسية تؤثر أيضا على الطريقة التي نعالج بها المعلومات، ومنها مثلاً ما نعتقده سلفاً، وبمن نثق، وكيف نتذكر المعلومة الصحيحة، وهنا يحتاج من يريدون كشف زيف أي معلومة إلى العمل من منطلق هذه العوامل النفسية عوض العمل بنقيضها، إذا أرادوا أفضل فرصة لتصديقهم.

وأهم شيء هو توفير تفسير بديل، كما توضح لنا تجربة أجراها عالما النفس هوليرن جونسون وكوليين سيفيرت حول كيفية إقناع الناس على نحو أفضل.

وقد استقدم الخبيران عدداً من المشاركين للاستماع إلى تقارير إخبارية عن حريق وهمي شب في مخزن، ومن ثم الرد على بعض الأسئلة الذهنية.

قيل لبعض المشاركين إن الحريق نشب بسبب ماس كهربائي في مخزن صغير بالقرب من بعض أنابيب الغاز القابل للاشتعال. وبالرغم من أنه عندما صححت هذه المعلومة بإخبارهم أن المخزن الصغير كان فارغاً تماما، ظل المشاركون متمسكون باعتقادهم الأول.

وأظهرت تجربة أخرى تالية أفضل طريقة لتصحيح مثل هذه المعلومة الخاطئة بشكل فعال. وكانت التجربة الجديدة شبيهة بالتجربة الأولى، فيما عدا أن المشاركين قدم لهم تفسير بديل معقول، ألا وهو أنه عثر على دليل على أن الحريق كان بفعل فاعل.

ولم يقتنع ويتخلى عن المعلومات الخاطئة الخاصة باسطوانات الغاز سوى الذين قدم لهم ذلك البديل الممكن.

ويقول ليواندويسكي وكووك إن تجارب كهذه تبين مخاطر محاولة تفنيد أمور تعتريها المعلومات الخاطئة، فإذا أردت وحاولت تبديد أسطورة كاذبة، فربما انتهى بك الأمر إلى تعزيزها، وبذلك تقوي المعلومات الخاطئة في عقول الناس دون جعل المعلومات الصحيحة تأخذ مكانها الصحيح، وتثبت فيه.

ويرى ليواندويسكي وكووك أن ما ينبغي عليك القيام به هو أن تبدأ بالبديل الممكن والمعقول، وهو بالتأكيد ما تؤمن أنت بأنه صحيح.

وإذا كان عليك أن تذكر معلومة خاطئة، فعليك أن تذكرها ثانية وفقط بعد أن تحذر الناس بوضوح بأنك على وشك مناقشة شيء ليس صحيحاً.

وهذه النصيحة في طريقة تصحيح المعلومات الخاطئة جديرة بأن تجعلها نصب عينيك، إذا وجدت نفسك متعلقاً بأفكارك في مواجهة الحقائق المخالفة والمتناقضة، فلا يمكن أن تكون على صواب طوال الوقت
Reactions

تعليقات