هل لديك عقل ذكوري أم أنثوي؟ هل هناك فروق مهمة في العقول بين النوعين؟ وإذا كان ذلك صحيحا، فهل لتلك الفروق أي أهمية؟
وعندما يتعلق الأمر بالسؤال المحير حول مدى تأثر سلوك الرجل أو المرأة بالفروقات -إذا كانت هناك فروقات بالفعل- فإن هناك خلافا بين مايكل نوزلي والبروفيسور آليس روبيرتس.
ويعتقد نوزلي أن عقل الإنسان، مثل جسمه، يتشكل من خلال تعرضه للهرمونات في رحم الأم، وذلك قد يساعد في تفسير السبب وراء تميز الذكور في القيام ببعض المهام وتميز الإناث في القيام بمهام أخرى، رغم أنه يوجد بالطبع الكثير من الضغوط التي يفرضها المجتمع على الجنسين.
ومن الناحية الأخرى، ترى آليس أن تلك الفروقات غير صحيحة تماما، وتعتقد أن مثل تلك المزاعم قد تجعل السيدات يحجمن عن الدخول في تخصصات علمية.
وتقول آليس: "نعيش في بلد تحصل فيه ثلاث من كل عشر سيدات على الدرجة الأولى في الفيزياء، في حين تبلغ نسبة المهندسات 7 في المائة".
وأضافت: "ما يزال الرجال يتمتعون بأجور أعلى من زميلاتهم بنسبة تقارب الـ20 في المائة".
يوقل نوزلي: "كان من بين العلماء الذين تأثرت بشكل كبير بنظرياتهم سايمون بارون-كوهين من جامعة كامبريدج".
وبشكل عام، يرى سايمون-كوهين أن هناك نوعين مختلفين من العقول، فهناك العاطفيون الذي يحسنون التعرف على الطريقة التي يفكر بها الآخرون أو يشعرون بها، وهناك الموضوعيون الذين يهتمون بشكل أكبر بتحليل الأنظمة.
ويشير نوزلي إلى أننا جميعا خليط من الاثنين، إلا أنه يغلب على الكثير منا واحد من هذين النوعين. ففي الغالب يكون الرجال عمليين أكثر، بينما تغلب العاطفة على النساء، رغم أن هناك العديد من الاستثناءات.
لكن، هل من الممكن ببساطة أن يكون ذلك ناتجا عن الربط من الناحية الاجتماعية؟
لا يعتقد بارون-كوهين أن التعرض لمستويات مختلفة من الهرمونات في رحم الأم من شأنه أن يؤثر على العقل والسلوكيات التي تتبعه. وتوصل إلى بعض النتائج المثيرة من البحث المستمر الذي يجرى على مجموعة من الأطفال أخضعوا للمتابعة من الفترة التي سبقت ولادتهم.
فعند حوالي 16 أسبوعا من الحمل، خضعت الأمهات لاختبار يتضمن جمع عينات من السائل الأمينوسي الذي يحيط بالرحم، وعمل الباحثون على قياس مستويات الهرمون الذكوري فيه، ومنذ ذلك الحين توصلوا إلى أن هناك ارتباطا مثيرا بين تلك المستويات والسلوكيات.
وأضاف بارون-كوهين "كلما ارتفع مستوى الهرمون الذكوري قبل الولادة لدى الجنين، كان تطوره أبطأ من الناحية الاجتماعية، فعلى سبيل المثال، ظهر أن لديهم مستوى أقل من الاتصال البصري خلال يومهم الأول بعد الولادة".
كما كان لديهم أيضا عدد أقل من الكلمات وهم أطفال، وكانت تظهر لديهم مشاعر أقل وهم في سن المرحلة الابتدائية من التعليم.
ومن ناحية أخرى، قال بارون-كوهين إن الأطفال الذين لديهم مستويات أعلى من الهرمون الذكوري في مرحلة ما قبل الولادة أسرع في العثور على أشكال معينة مختبئة داخل أحد التصاميم.
وتأتي الشواهد الأخرى على وجود فروق في العقل بين الذكر والأنثى متمثلة في إحدى الدراسات التي نشرت في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم"، والتي تنظر في الطرق التي تتحدث من خلالها مختلف أجزاء الجسم مع بعضها بعضا.
وعمل الباحثون في جامعة بنسلفانيا الأميركية على إجراء عمليات فحص لعقول 949 من الذكور والإناث تتراوح أعمارهم بين الثامنة والثانية والعشرين، ليتوصلوا إلى مجموعة من الاختلافات الصادمة.
وطبقا للبروفيسور روبين غور، أحد أولئك الباحثين، ظهر لدى الذكور وجود روابط أقوى بين مقدمة الدماغ ومؤخرته، وهو ما يظهر أنهم "أقدر على ربط ما يرونه بما يقولونه، فإذا ما رأيت أمرا ما، فإنك ستحتاج لأن تكون استجابتك سريعة".
أما بالنسبة للإناث، فإن الروابط لديهن تكون أقوى بين النصفين الأيمن والأيسر من الدماغ. وطبقا لراجيني فيرمان، وهو باحث آخر شارك في هذه الدراسة، فإن "قدرتك على إيجاد روابط بين مناطق مختلفة من الدماغ تعني أنك قادر على تنويع المهام التي تقوم بها، وأنك أفضل في القيام بالأمور العاطفية أيضا".
أما آليس فأشارت إلى أن هذه الدراسة بالذات واجهت انتقادات، مضيفة "في حال ثبتت صحة نظرية أن هناك اختلافا في الروابط بين أدمغة وأخرى، فإن ذلك لا يثبت أنه أمر طبيعي، فالعقل البشري شديد المرونة، وخاصة خلال مرحلة البلوغ، وأي اختلافات تظهر يمكن لها أن تكون نتاجا للقولبة والضغط الاجتماعي".
ويضم البرنامج العديد من الدراسات المذهلة التي يمكن الاستفادة منها لدعم كلتا النظريتين، إلا أن ما كان مفاجئا لنا نحن الاثنان هو وجود تطور قليل في البحث من خلال النظر في اختلافات النوع في عدد من الأمور ومن بينها التعرض للألم.
ونعلم أن السيدات يعانين من الآلام المزمنة بدرجة أكبر من الرجال، إلا أنهن أقل احتمالا في الحصول على الشفاء. ونعلم أيضا أن الرجال يتجاوبون بشكل أفضل مع بعض مسكنات الألم، أما السيدات فيستجبن لبعض العقارات التي تحتوي على مواد تخديرية.
ويعتقد جيف موغيل من جامعة ماغيل في مونتريال بكندا أن السبب في ذلك يرجع إلى أن الرجال والنساء يتعاملن مع الألم بطريقة مختلفة، وهو ما ينبغي لنا أن نأخذه في الحسبان عند تصنيع عقار جديد.
وحتى الآن، فإن أغلب الأبحاث الأساسية تجرى على الذكور من الحيوانات، إلا أنه يرى أنه سيكون هناك في المستقبل وقت تكون فيه عقاقير طبية جديدة مصنوعة إما للرجال أو السيدات.- (بي بي سي)
تعليقات
إرسال تعليق