هنالك بعض الأشخاص الذين يشعرون أن واجبهم في الحياة مساعدة الآخرين لأنهم يشعرون بنقص في الحب فيعتقدون أن عدم تقديم المساعدة ولو على حساب مصلحتهم سوف يجعلهم منبوذين.
تقول اختصاصية تعديل السلوك ديب شابيرو، إن العالم يشبه قطعة المغناطيس تسحب الطاقة من البشر باستمرار عن طريق الأنشطة التي يقومون بها على اختلافها سواء نشاطا جسديا مثل التحرك، أو نشاطا عقليا كالتفكير والقلق والاهتمام بالآخرين مثل الأطفال والعائلة والعمل. وفي خضم كل ما يحيط بالفرد من أنشطة يشعر المرء بالتوتر؛ فالأطفال طلباتهم لا تنتهي والعمل يحتاج منا كثير من الجهد والعائلة تحتاج الى التزام بالمناسبات وغيرها وليصبح الإنسان غير قادر بمعنى الكلمة أن يجد القليل من الوقت ليكرسها لنفسه فقط.
ومن السهل أن يشعر المرء أن الوقت الذي يمنحها لنفسه هو وقت مهدور ويمكن استغلاله للقيام بشيء مفيد لشخص آخر غير ذاته. وما يجب أن يتغير هو الوقت الممنوح للذات؛ لأن الأشخاص الذين لا يمنحون وقتا لأنفسهم يشعرون بالاستهلاك والتعب وعدم القدرة على المواصلة ويشعرون بالاكتئاب والغضب والتوتر وغيرها من المشاعر الهدامة.
وتبين شابيرو أن الأشخاص الذين يشعرون بأن عليهم العمل باستمرار وعدم الاهتمام بالذات يشعرون أحيانا بفقدان أعصابهم، كما أنهم لا يستطيعون أخذ إجازة من دون الحاجة الى العمل لأن الاسترخاء بالنسبة لهم تعني تعطيل الأعمال وتراكمها.
وتقول "إن ما لا يعلمه هؤلاء الفئة من الناس أن أخذ الوقت للنفس تفيد في خفض ضغط الدم والتخلص من التوتر وخلق أجواء متجانسة خالية من الشعور بالصراع من أجل تنفيذ المهام، الأمر الذي لا يفيد النفس فحسب بل كل من يحيط بهذا المرء"، وتضيف "عندما يأخذ المرء وقتا لذاته للاسترخاء، فإنه يحارب الغضب والكره والإحباط، ويتواصل مع ذاته ويشحن طاقته ويشعر بالأمان والقدرة على العطاء بشكل أفضل". مبينة أن منح الوقت للذات بعيد كل البعد عن الأنانية وأن قول لا للآخرين يعني أن تقول نعم للذات، وهذا يعني أنك تساعد نفسك والآخرين.
ويجمع كل مدربي اليوغا على ضرورة أن لا يساوم المرء على ذاته سواء مع أطفاله أو والديه أو شريك حياته أو أصدقائه حتى يشعر بالسلام مع ذاته لأنه بغير ذلك، فإن المرء لا يعطي شيئا إيجابيا بل يمرر قلقه وإحباطه بأنشطته التي يعتقد أنها مساعدة لهم.
وتقول شابيرو "لا أحد يمكنه أن يعطيك الوقت أو يغير روتين حياتك، وإذا ما أردت للتأمل والاسترخاء أن يعطيا التأثير على الحياة، يجب أن توقع اتفاقية مع ذاتك بأن تحترمها أكثر وتعطيها حقها التي تحتاج لمواصلة الحياة بتجانس. وهذه الاتفاقية ليست سوى طريقة لضمان حريتك وسلامة عقلك وروحك ولكي تجد سعادة عميقة بداخلك، وهذا الخيار يجب أن تقوم به باختيارك وبقناعتك لكي تتمكن من الاستفادة الكلية، وبهذا سوف يتغير شكلك للأفضل وستتغير حياتك الى الأفضل كما سيتغير من حولك نحو الأفضل".
وأخذ وقت للتأمل أو الاسترخاء لا يعادل الوقت الذي يأخذه المرء للاستماع الى الموسيقى أو المشي رغم أهميتها لكنها لا تعطي النتيجة الفعالة للتأمل أو الاسترخاء. ويمكن للمرء أخذ 10 دقائق في اليوم للتأمل ليشعر بفرق في أدائه، الأمر الذي سيسهم في إفادة كل من حوله لأنهم بعد أخذ قسط من التأمل سيجدون سهولة في الاتصال والتواصل والاستمتاع بالتحدث معه والسلام الداخلي معدي وينتقل بين الأشخاص بسهولة، لذا من الجيد أن يبدأ المرء وباء السلام بذاته، كما تقول شابيرو.
وللقيام بالتأمل، يجب الجلوس باستقامة وأخذ نفس عميق وإغلاق العينين ثم التنفس بشكل طبيعي ثم البدء بالعد بعد كل شهيق وزفير وبشكل بطيء لغاية الرقم 10 وإعادة الأمر مرارا وتكرارا، وبهذا يحصل المرء على الصفاء بهذه الطريقة البسيطة جدا.
الغد
تعليقات
إرسال تعليق