عندما أزاح اللورد كارتر الستار عن مقبرة الملك الفرعوني توت عنخ أمون فوجئ بوجود زيت أسود اللون ضمن مقتنيات هذا الملك الشاب، ليتبين في ما بعد أنه ليس سوى زيت الحبة السوداء، ما يشير إلى أن المصريين القدامى عرفوا الحبة السوداء، لكن لم يعرف على وجه التحديد كيف استخدموها في حياتهم اليومية.
وكتب الطبيب اليوناني الشهير ديسقوريدس الذي عاش في القرن الأول الميلادي عن بذور الحبة السوداء بأنها تستخدم في علاج الصداع، واحتقان الأنف، وآلام الأسنان، وفي طرد الديدان، كما أنها مدرة للبول واللبن. وكانت الحبة السوداء ترد كثيراً في وصفات أطباء الإغريق من أجل علاج أمراض الكبد والجهاز الهضمي.
أما العلّامة ابن سينا فقال عن الحبة السوداء في كتابه «القانون»: «إنها تحفز الطاقة، وتساعد على قوة التركيز وصفاء الذهن والتغلب على الإرهاق والإجهاد».
وورد في كتب الطب العربية القديمة أنها تزيل الثآليل، وتشفي من الصداع والزكام والعطاس. وإذا خلطت مع الماء والعسل، فإنها تفيد في علاج الحميات المزمنة. أما إذا طبخت بذور الحبة السوداء مع الخل، ومن ثم تمت تصفية الخليط، فإنها تعطي سائلاً يمكن مضمضة الفم به لعلاج وجع الأسنان الناتج من البرد.
واحتلت الحبة السوداء حيزاً من جهود العلماء في العصر الحديث الذين نشروا عشرات البحوث العلمية التي تبين فوائد هذه الحبة.
ونظراً إلى أهمية الحبة الشفائية، فقد ظهرت في مستحضرات طبية متنوعة في الكثير من البلدان.
وأظهرت التحريات العلمية التي أجريت على الحبة، أنها تحتوي على الكثير من الفيتامينات والمعادن والبروتينات النباتية والأحماض الدهنية غير المشبعة المهمة لصحة أجهزة الجسم وخلاياه كي تقوم بوظائفها الحيوية على أفضل ما يرام. وإلى جانب المكونات السابقة، ثبت أن حبة البركة تحتوي على مادة النيجيللون، التي تم استخلاصها للمرة الأولى في عام 1992، وتعد هذه المادة أحد أهم مضادات الأكسدة التي تقوم بدور بارز في حماية الجسم من مخالب ما يسمى بالشوارد الكيماوية الحرة التي تقف خلف إشعال أمراض مزمنة كثيرة مثل الأمراض القلبية الوعائية، وداء الزهايمر، والأورام الخبيثة وغيرها.
وتضم الحبة السوداء عناصر مهمة للجسم، خصوصاً للأطفال، إذ تحتوي على الحمض الأميني الأرجينين الضروري لنمو الطفل جسمياً وذهنياً. وتساهم الحبة السوداء في الحفاظ على حرارة الجسم الطبيعية، كما أنها تعتبر مصدراً للطاقة التي تنشط عمل المخ وتزيد من حدة ذكائه.
ويستخرج من الحبة السوداء زيت إذا ما وضعت منه بضع نقاط على القهوة فإنه يفيد في تهدئة الأعصاب، وفي كبح السعال العصبي المنشأ، وفي تنبيه الهضم، ودر اللعاب والبول والطمث، وفي طرد رياح البطن. وإذا ما خلطت ملعقة صغيرة من زيت الحبة السوداء مع كوب من عصير البرتقال وشرب صباحاً على فترة 10 دقائق، فإنه يفيد في التغلب على الخمول والكسل.
ولمكافحة حموضة المعدة وآلامها يوصى بشرب كوب من الحليب المضاف إليه ملعقة صغيرة من زيت الحبة السوداء على مدى خمسة أيام. وتستعمل بذور الحبة السوداء كالتوابل في الفطائر لتجعلها أكلة مقبولة الطعم، وتصنع منها مواد أخرى، وتضاف إلى الجبن وغيره من الأطعمة لتعطيها طعماً لذيذاً.
تعليقات
إرسال تعليق