يمكن أن تكون المدن الذكية مدناً جديدة بنيت بطريقة ذكية منذ البداية، أو مدناً أقيمت لغرض خاص (كأن تكون مدينة صناعية أو مجمعاً علمياً)، أو - وهذا هو الأكثر شيوعاً مدينة قائمة بالفعل تم تحويلها إلى مدينة ذكية تدريجياً.
ما هي المدينة الذكية؟
يمكن تعريف المدينة الذكية بأنها مدينة "معرفة"، أو "مدينة رقمية"، أو مدينة "سيبرانية" أو مدينة "إيكولوجية"، وذلك يتوقف على الأهداف التي يحددها المسؤولون عن تخطيط المدينة. والمدن الذكية تستشرف المستقبل على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وهي تسمح برصد البنية التحتية الأساسية بما فيها الطرق والجسور والأنفاق والسكك الحديدية وأنفاق القطارات والمطارات والموانئ البحرية والاتصالات والمياه والطاقة بل والأبنية الرئيسية، من أجل الوصول إلى الدرجة المثلى من الموارد والأمن. وهي تسمح بتعظيم الخدمات المقدمة للمواطنين، وتوفر بيئة مستدامة تعزز الشعور بالسعادة والصحة. وتعتمد هذه الخدمات على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ومن الناحية الهيكلية، تعد المدينة الذكية نظاماً يشمل أنظمة تعمل معاً. وهذه الأنظمة التي لا حصر لها كي تعمل معاً تتطلب توفير ما يلزم من الانفتاح والتقييس – أي المبادئ الرئيسية في بناء مدينة ذكية. فبدون الانفتاح والتقييس، سرعان ما أن يصبح مشروع المدينة الذكية مرهقاً ومكلفاً. وتشمل التكنولوجيات التي تتكون منها المدينة الذكية الشبكات عالية السرعة بما فيها شبكات الألياف البصرية وشبكات الاستشعار والشبكات السلكية واللاسلكية اللازمة لتحقيق منافع مثل أنظمة النقل الذكية والشبكات الذكية والشبكات المنزلية.
والعلاقة بين المدينة الذكية ومواطنيها هي أكبر ما يميزها عن المدينة التقليدية. فالخدمات التي تعززها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدن التقليدية لا تستطيع الاستجابة للظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية المتغيرة بالطريقة التي تستطيعها خدمات المدن الذكية. وبالتالي، تركز المدينة الذكية في المقام الأول على الإنسان، وتعتمد على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتطور العمراني المستمر، وتراعي على الدوام الاستدامة البيئية والاقتصادية (انظر الشكل في الصفحة التالية).
المدن الذكية حول العالم
يمكن أن تكون المدن الذكية مدناً جديدة بنيت بطريقة ذكية منذ البداية، أو مدناً أقيمت لغرض خاص (كأن تكون مدينة صناعية أو مجمعاً علمياً)، أو - وهذا هو الأكثر شيوعاً – مدينة قائمة بالفعل تم تحويلها إلى مدينة ذكية تدريجياً. وقد أطلقت مدن رئيسية عديدة في العالم مشاريع لمدن ذكية، ومنها سول ونيويورك وطوكيو وشنغهاي وسنغافورة وأمستردام والقاهرة ودبي وكوشي ومالقة. وفي ضوء معدل الابتكار اليوم، فمن المرجح تماماً خلال العقد المقبل أن يكون بالإمكان تحقيق نماذج المدن الذكية على نطاق واسع وأن تشكل هذه النماذج الاستراتيجيات العامة لتطوير المدن.
وتختلف مشاريع المدن الذكية الحالية. ويقوم نهج أمستردام على تحقيق مزيد من الاستدامة البيئية من خلال عمليات أكثر ذكاءً، واستعمال أحدث التكنولوجيات ضمن جهود الحد من الانبعاثات واستخدام الطاقة بمزيد من الكفاءة. وتهدف مدن أخرى إلى توفير مجموعة واسعة من الوظائف الذكية، مع قيام التكنولوجيا الذكية الموجودة في كل مكان بدور في جميع جوانب حياة المواطنين. وهناك مثالان على هذه الاستراتيجية هما المدينة الشاملة في جمهورية كوريا، التي بدأ إنشاؤها في 2004، ومدينة تليكوم التابعة لتليكوم ألمانيا والتي بدأ إنشاؤها في 2006. وتستهدف مدينة سول الذكية (انظر المقالة https://itunews.itu.int/Ar/Note.aspx?Note=4252) إدارة المدينة بطريقة أفضل وتحسين نوعية حياة سكانها.
وعلى الرغم من أن المدن هي التي تحدد أولوياتها، فإن جميع المدن الذكية تشترك في ثلاثة ملامح أساسية، أوليها البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. فتأمين الجيل التالي من البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أمر أساسي لنجاح ظهور خدمات المدينة الذكية وتلبية الطلب على الخدمات في المستقبل. ثانياً، يجب أن يكون للمدينة إطار إداري محدد بعناية ومتكامل. فلن تعمل الأنظمة الكثيرة في المدينة الذكية في وئام إلا من خلال التقيد الدقيق بالمعايير العامة. ثالثاً، تحتاج المدينة الذكية إلى مستعملين أذكياء. فتكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي الأدوات التي تمكِّن من تهيئة المدينة الذكية، ولكنها تكون عديمة الفائدة بدون مستعملين يتمتعون بالمهارات التقنية التي تسمح لهم بالتفاعل مع الخدمات الذكية. فالمدينة الذكية لا تسمح فحسب بالحصول على الأجهزة الذكية عبر مستويات الدخل والفئات العمرية، بل توفر أيضاً التدريب على استخدام هذه الأجهزة. وتعتمد المدينة الذكية على شبكة شاملة من مستعملي الأجهزة الذكية، ويطالب سكان المدينة بالخدمات التي يفضلونها أو ينشئون بأنفسهم مثل هذه الخدمات.
تقييس المدن الذكية
في ضوء أهمية التقييس في بناء المدن الذكية، يجري تنفيذ مجموعة واسعة من الأنشطة في منظمات مختلفة. وعلى سبيل المثال، تدرس المنظمة الدولية للتوحيد القياسي (ISO) معايير المدن الذكية من خلال فريق متخصص في "قياسات البنية التحتية للمجتمع الذكي". وقد أنشأ قطاع تقييس الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU–T) فريقاً متخصصاً بشأن المدن الذكية المستدامة من أجل تقييم المتطلبات التقييسية الخاصة بالمدن التي تستهدف تعزيز الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية من خلال إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البنى التحتية وعملياتها.
وقد وافقت لجنة الدراسات 5 التابعة لقطاع تقييس الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات – البيئة وتغير المناخ – في اجتماعها الذي عُقِد في جنيف من 29 يناير إلى 7 فبراير 2013، على تشكيل هذا الفريق المتخصص الجديد. وقد جاء إنشاء هذا الفريق المتخصص استجابة لدعوة إلى العمل اقتُرِحت في سبتمبر 2012 أثناء الأسبوع الثاني للمعايير المراعية للبيئة، الذي عقده الاتحاد في باريس. كما أن موضوع "المدن الذكية المستدامة" هو موضوع مسابقة الاتحاد الثالثة لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المراعية للبيئة.
واعتبار المدينة الذكية الخطوة التالية في عملية التمدين يتطلب معايير وبنى تحتية وحلول جديدة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لضمان أن تصبح هذه الرؤية واقعاً ملموساً. وسيكون الفريق المتخصص التابع لقطاع تقييس الاتصالات في الاتحاد الدولي للاتصالات والمعني بالمدن الذكية المستدامة منصة مفتوحة لأصحاب المصلحة في المدن الذكية – مثل المجالس البلدية، والمؤسسات الأكاديمية ومعاهد البحوث، والمنظمات غير الحكومية ومنظمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في والمنتديات والاتحادات الصناعية. وسيكون أصحاب المصلحة قادرين على تبادل المعارف من أجل تحديد أطر التقييس اللازمة لدعم إدماج خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدن الذكية.
يغطي تقرير رصد التكنولوجيا الذي يصدره الاتحاد الدولي للاتصالات بروز سول "كمدينة ذكية" تطبق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كبنية تحتية أساسية لتحسين أداء الخدمات المقدمة وتحقيق سعادة المواطنين والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية. وقد قامت حكومة سول، بدعم من مكتب تقييس الاتصالات بالاتحاد الدولي للاتصالات، بإجراء دراسة حالة بعنوان "سول – دراسة حالة" تتضمن لمحة عامة عن الأسس المفاهيمية لجدول أعمال التكنولوجيا الذكية في سول، وكذلك وصفاً لعدد من الخدمات الذكية المتاحة للمواطنين.
يمكن الاطلاع على التقرير بالكامل بالرجوع إلى الموقع الإلكتروني التالي: http://www.itu.int/en/ITU-T/techwatch/Pages/smart-city-Seoul.aspx
تعليقات
إرسال تعليق