تبقى الروح في علم الله ولم يستطع العلم الحديث تحديدها ودراستها بشكل واضح ، أما النفس فقد تمكن العلم من دخول دهاليزها وأعماقها ، وأصبح من اليقين أنها جزء من دماغ الإنسان وتم تحديد العديد من الأجزاء والأنوية في الدماغ التي ترتبط مع بعضها بشبكة معقدة من الإتصالات ، وتضم في ثناياها العواطف والمزاج والذاكرة والإنفعالات المختلفة ، كما تضم الطباع وسمات الشخصية المختلفة ، ومعروف أن الخلية العصبية كوحدة عمل في الدماغ تقوم بتوصيل المعلومات على شكل موجات كهربائية ، وهذه الخلايا تتصل مع بعضها البعض بواسطة المشابك ، والمشبك هو فراغ ميكروسكوبي صغير يفصل بين الخلايا العصبية ، وحيث أن الشحنة الكهربائية لا تستطيع أن تقفز من خلية لأخرى عند كل مشبك ، فقد أبدع الخالق سبحانه وتعالى تركيب المشبك بحيث احتوى على مواد كيماويه تقوم بتوصيل المعلومات من خلية لأخرى ، وكل خلية تتصل مع الآلاف الخلايا ، وفي باطن الدماغ مليارات الخلايا ، وفي المشابك عشرات المواد الكيماوية التي تم اكتشافها ودراستها ، منها ما هو مسؤول عن تخفيف التوتر ومنها ما له علاقة بالمزاج والمتعة ، وبعضها مسؤول عن تخزين الذاكرة والمعلومات وهذه الكيماويات تسمى الناقلات العصبية الكيماوية .
قد يعجبك ايضا
وحتى يكون تعريف النفس مكتملا ً لابد أن نتعرف على علم النفسي وهو العلم الذي يعني بدراسة النفس والسلوك بدءاً في الديدان والحيوانات البسيطة مروراً بالفئران والقرود ووصولاً للإنسان ، وهو يحاول إن يتعامل مع النفس في كل مجالات الحياة ومراحل العمر ، أما لطب النفسي فكغيرة من فروع الطب معني بالإضطرابات المختلفة التي يمكن أن تصيب هذه النفس ، فيدرس أعراض هذه الأمراض ومظاهرها وإيجاد الخلل الحاصل في مراكز النفس المختلفة . وفي معظم الإضطرابات النفسية قد تم إكتشاف الإشكالات الكيماوية سواء النقص أو الزيادة في الدوبامين والأدرينالين أو اختلال توازن الأستيل كولين أو إضطراب السيرتون . كل هذا في سبيل مساعدة الإنسان الذي يصاب بهذه الإضطرابات النفسية المختلفة والتي تنتشر إنتشاراً كبيراً في العالم ، وتشير الإحصاءات المختلفة بأنها تصيب أكثر من خُمس البشر ، وإن التمعن في هذا كفيلاً بإلغاء الفكرة الخاطئة عند الناس بأن المرض النفسي جنون و علاجه المخدر ، و لاعجب أن تصاب شبكة الإتصالات النفسية المعقدة بإضطرابات مختلفة و لابد إن نحرص هنا على التأكيد أن التطور العلمي قد تمكن من حل بعض ألغاز هذه النفس ووفر لها بعض العلاجات الكيماوية المناسبة كمضادات الإكتئاب ومضادات الذهان وغيرها .
إن البحث العلمي في الدماغ مازال يتسارع ويكتشف يومياً المزيد من المعلومات عن كل من الناقلات العصبية الكيماوية ، ولكل ناقل من هذه الناقلات مستقبلات تستقبله في الخلية التالية ، فإذا كان الناقل الكيماوي السيرتونن قد عرف أن له مستقبل واحد في بداية إكتشافه إلا أنه مع الوقت قد زاد الأن عدد مستقبلات السيرتونين عن الستة عشر، ومن الواضح أن الخلية الواحدة تتأثر بالعديد من الكيماويات عبر العديد من المستقبلات لتخرج بتوازن من هذه السمفونيه الكيماوية وتعطي إشارة جديدة للخلية التالية قد تزيد أو تخفض من إنطلاقها أو توصل لها المعلومة أو تساعد في تخزينها أو تولد الشعور بالفرح أو الحزن وغيرها
د. وليد سرحان
تعليقات
إرسال تعليق