إن كثيراً من الطقوس التي نمارسها لا نعرف أصلها ، فعلى سبيل المثال : الأربعين ، لم يأت في الإسلام ما يفيد بالحداد لمدة أربعين يوماً ، بل أنه في التاريخ القديم عرف عن الفراعنة أنهم كانوا يمضون أربعين يوماً في تحنيط الجثة قبل الدفن ، ولذلك تبقى الأحزان قائمة والمأتم مفتوحة حتى يتم الدفن ، وقد اقتبس الناس هذا الرقم وأقاموا عليه طقوس ، وأنفقوا عليه من الأموال بلا مبرر ، ومن السلوكيات الأخرى الولائم التي تقام في أيام العزاء ، فالأصل فيها إن أقارب وجيران المتوفى يُحضِرون الطعام لأهل المتوفي ، لأنهم لن يتمكنوا من إعداد الطعام بأنفسهم في وسط أحزانهم وقد يعزفوا عن تناول الطعام ، فإن مشاركة الأقارب والجيران لهم هي لحفزهم على إن يأكلوا ، ولكن الأمر قد تحول إلى ولائم رسمية يقوم فيها أهل المتوفي بإكرام ضيوفهم وكأنهم في حفل زفاف أو مناسبة سعيدة وأحياناً تتوسع دائرة هذه الولائم و يدعى إليها القاصي والداني وتكون بكميات كبيرة يتلف معظمها ، كما يتم تعطيل المدعوين عن أعمالهم ومصالحهم للمشاركة في ولائم لا معنى لها ، وإذا كان القصد الصدقة عن روح المتوفى فلا بأس من دفع قيمة هذه الولائم أو تقديم الأكل للفقراء والمحتاجين والمؤسسات الخيرية ويصبح من حضر العزاء .
قد يعجبك ايضا
لتسهيل مرور الإنسان عبر مراحل الحداد لابد أن نسهل عليه أمر الحزن والحداد ويعطى الضوء الأخضر لذلك ، كما ينصح من يفقد شخص عزيز والعودة للحياة الطبيعية بأسرع ما يمكن وتعديل نظامه اليومي بما يتناسب مع الوضع الجديد ، وتصبح حسره الحداد مرضيه إذا طالت أو كانت شديدة أو تحولت إلى أعراض مرضيه رغم تشابه حسرة الحداد مع الإكتئاب إلا انه لا يفترض أن تؤدي إلى توقف قدرة الإنسان على العمل والأداء مثلما يكون الحال بالإكتئاب ، كما أن إستعمال المهدئات والمشروبات الكحولية قد يؤدي لتأخير المرور في مراحل حسرة الحداد ، والخروج منها بسلام إذ أن التعاطف مع الأسرة في مجتمعنا يساعد بشكل واضح على دعم أفرادها وإيصالهم لبر الأمان ، الإخوة والأخوات والأبناء حتى الأقارب والجيران يستطيعوا المساهمة بشكل إيجابي في خروج الإنسان من الحزن إلى التأقلم ، و يجدر الإشارة إلى أن الكثير من الناس ينصح من يمر بحسرة الحداد بالنسيان و كأننا نطلب منه إن ينسى والده أو أخيه وحقيقة أن النسيان ليس صحيح فكل من فقد بعض أفراد أسرته وما زال يذكرهم بكل التفاصيل لكن دون المعاناة وهذا هو التكييف والتأقلم مع الحياة .
د. وليد سرحان
تعليقات
إرسال تعليق