قال تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد: 3].
وهذه الأسماء فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً كاملاً واضحاً فقال: ((أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء)) رواه مسلم (2713). من حديث سهيل بن سعد رضي الله عنه. إلى آخر الحديث. ففسر كل اسم بكل معناه، ونفى عنه كل ما يضاده وينافيه فمهما قدر المقدرون وفرض الفارضون من الأوقات السابقة المتسلسلة إلى غير نهاية فالله قبل ذلك، وكل وقت لاحق مهما قدر وفرض الله بعد ذلك.المصدر: ::توضيح الكافية الشافية لعبد الرحمن السعدي- ص 116
قال ابن جرير: هو (الأول) قبل كل شيء بغير حد، و(الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه كان ولا شيء موجوداً سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جل ثناؤه كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88] ((جامع البيان)) (27/124). .
وقال الزجاج: (الأول) هو موضوع التقدم والسبق. ومعنى وصفنا الله تعالى بأنه أول: هو متقدم للحوادث بأوقات لا نهاية لها، فالأشياء كلها وجدت بعده، وقد سبقها كلها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: ((أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء)) رواه مسلم (2713). من حديث سهيل بن سعد رضي الله عنه. ((تفسير الأسماء)) (ص: 59-60). .
وقال الخطابي: (الأول) هو السابق للأشياء كلها، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأولية إذ كان موجوداً ولا شيء قبله ولا معه. ثم ذكر الحديث ((شأن الدعاء)) (ص: 87). .
وقال الحليمي: (الأول): الذي لا قبل له، والآخر هو الذي لا بعد له، (وهذا لأن) (قبل وبعد) نهايتان، فقبل نهاية الموجود من قبل ابتدائه، وبعد غايته من قبل انتهائه، فإذا لم يكن له ابتداء ولا انتهاء لم يكن للموجود قبل ولا بعد، فكان هو الأول والآخر <br/> ((المنهاج)) (1/188) وذكره ضمن الأسماء التي تتبع إثبات الباري جل ثناؤه والاعتراف بوجوده، ونقله البيهقي في ((الأسماء)) (ص: 11). .
وقال البيهقي: (الأول) هو الذي لا ابتداء لوجوده <br/> ((الاعتقاد)) (ص: 63). المصدر: المعاني الإيمانية في شرح أسماء الله الحسنى الربانية لوحيد عبد السلام بالي -1/96
الآخر:
قال الزجاج: (الآخر) هو المتأخر عن الأشياء كلها، ويبقى بعدها ((تفسير الأسماء)) (ص: 60). .
وقال الخطابي: (الآخر): هو الباقي بعد فناء الخلق، وليس معنى الآخر ما له ، كما ليس معنى الأول ما له الابتداء، فهو الأول والآخر وليس لكونه أول ولا آخر <br/> ((شأن الدعاء)) (ص: 88). .
قال البيهقي: (الآخر) هو الذي لا انتهاء لوجوده <br/> ((الاعتقاد)) (ص: 63). المصدر: النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود -2/571
وقال السعدي: فالأول: يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية، إذ السبب والمسبب منه تعالى.
والآخر: يدل على أنه هو الغاية، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتأهلها، ورغبتها، ورهبتها، وجميع مطالبها المصدر: الحق الواضح المبين لعبد الرحمن السعدي – ص 25
الظاهر:
قال ابن جرير الطبري: (وقوله: (والظاهر) يقول: وهو الظاهر على كل شيء دونه، وهو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه) <br/> ((تفسير الطبري 27/124)). .
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "اسمه (الظاهر) من لوازمه أن لا يكون فوقه شيء كما في الصحيح: ((وأنت الظاهر فليس فوقك شيء)) <br/> رواه مسلم (2713). من حديث سهيل بن سعد رضي الله عنه. بل هو سبحانه فوق كل شيء فمن جحد فوقيته سبحانه فقد جحد لوازم اسمه (الظاهر).
ولا يصح أن يكون (الظاهر) هو من له فوقية القدر فقط، كما يقال: الذهب فوق الفضة؛ والجوهر فوق الزجاج؛ لأن هذه الفوقية تتعلق بالظهور، بل قد يكون المفوَّق أظهر من الفائق فيها، ولا يصح أن يكون ظهور القهر والغلبة فقط، وإن كان سبحانه ظاهرا بالقهر والغلبة لمقابلة الاسم (الباطن) وهو: الذي ليس دونه شيء، كما قابل (الأول) الذي ليس قبله شيء؛ بـ (الآخر) الذي ليس بعده شيء) ((مدارج السالكين)) (1/31). .
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (و(الظاهر): يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات، ويدل على علوه) <br/> ((تفسير أسماء الله الحسنى))، (ص 170). .المصدر: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها لعبد العزيز بن ناصر الجليل- ص 173
الباطن:
قال ابن جرير: و(الباطن) يقول: وهو الباطن لجميع الأشياء فلا شيء أقرب إلى شيء منه، كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق: 16] ((جامع البيان)) (27/124) وبنحوه قال النحاس: ((إعراب القرآن)) (4/350) وزاد: ويدل على هذا أن بعده وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أي لا يخفى عليه شيء. .
وقال الزجاج: (الباطن) هو العالم ببطانة الشيء، يقال: بطنت فلاناً وخبرته: إذا عرفت باطنه وظاهره.
والله تعالى عارف ببواطن الأمور وظواهرها، فهو ذو الظاهر وذو الباطن <br/> ((تفسير الأسماء)) (ص: 61). .
وقال الخطابي: (الباطن) هو المحتجب عن أبصار الخلق، وهو الذي لا يستولي عليه توهم الكيفية، وقد يكون معنى الظهور والبطون احتجابه عن أبصار الناظرين، وتجليه لبصائر المتفكرين. ويكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور، والمطلع على ما بطن من الغيوب ((شأن الدعاء)) (ص: 88)، ونقله البيهقي في ((الاعتقاد)) (ص: 64) مع اختصار وقال إنه من صفات الذات. .
وقال الحليمي: (الباطن) وهو الذي لا يحس، وإنما يدرك بآثاره وأفعاله
تعليقات
إرسال تعليق