القائمة الرئيسية

الصفحات


حصلت في أوكرانيا نهاية العام 2004، نتيجة لانتخابات رئاسية ، ثورة سميت بالبرتقالية. بدأت هذه الثورة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية  عندما اعلن عن فوز  رئيس الوزراء آنذاك و زعيم المعارضة الحالي فيكتور يانوكوفيتش، الا أن منافسه الرئيسي، زعيم المعارضة آنذاك فيكتور يوشينكو لم يعترف بهذا الفوز، وهنا  تحول "ميدان" الاستقلال في العاصمة كييف الى حاضنة لعشرات الآلاف من المواطنين الذين خرجوا لتأييد يوشنكو ليتحول احتجاجهم الى عصيان مدني شل مؤسسات الدولة .

 آنذاك كانت مشاعر الناس متعطشة الى التحولات و التجديد و لكل ما هو افضل . فقد توقع الناس أن ينتج عن الانتخابات تغيير في النظام القضائي وان يتم  القضاء على الفساد وان تقوم الشرطة  بتحسين معاملتها  للناس، ويجري  انحسار للبيروقراطية و وتزول العقبات أمام ممارسة الأعمال الحرة.

وجرت أثناء الاحتجاجات محاولة تسميم فيكتور يوشينكو التي لم تثبت قضائيا، ولكنه استطاع استغلال ذلك الحدث لتجنيد الناخبين فاشتعلت الثورة البرتقالية و طغى في ميدان الاستقلال في العاصمة كييف اللون البرتقالي .

هزت المشاركة الواسعة للجماهير و المواطنين ليس فقط اوكرانيا، بل الفضاء السوفيتي و العالم كله . وانتشر في وسائل الاعلام العالمية مصطلح "الثورة البرتقالية" التي تمسك بها المواطنون الاوكرانيون تعبيرا عن مثلهم السامية .

الا أن الكثير من المحللين و السياسيين الذين تابعوا تطور تلك الأحداث ، ومنهم آنا غيرمان،نائبة رئيس حزب الأقاليم فيكتور يانوكوفيتش، اعتبروا أن ما حدث هو تزوير للانتخابات و أن الثورة البرتقالية استغلت الناس – الذين كانوا يسعون للحصول على حقوق اوسع – كأدوات في لعبة الوصول الى السلطة. ولنرى ماذا حققت الثورة من انجازات و تغييرات ؟ اولا يجب الاعتراف أن اوكرانيا أصبحت بفضلها أمة واعية سياسيا ، وأن الشعب الاوكراني أصبح يشعر بأنه يعيش في دولة مستقلة ذات سلطة مستقلة و أصبح هناك المزيد من حرية التعبير .. كذلك فهم العالم ان اوكرانيا مستقلة عن روسيا و أنها ليست روسيا . والانتخابات المتعددة التي جرت بعد ذلك أثبتت بوضوح ترسخ الممارسة الديمقراطية في البلاد وأصبحت حرية التعبير أمرا اعتياديا و ليس استثنائيا .

 ومع ذلك، تعتبر نائبة رئيس حزب الأقاليم أن حرية التعبير عن الرأي هي ليست اتاحة المجال للحديث من دون اعارة أهمية للرأي العام ، بل هي عندما يؤخذ بآراء المواطنين و الصحفيين ، وعندما تجسد هذه الآراء في عمل الرئيس و الحكومة و البرلمان . ومن نتائج الثورة البرتقالية أيضا، وحسب آخر استطلاعات للرأي العام جرت في روسيا ، أن روسيا و اوكرانيا تحولتا من صديقين حميمين الى خصمين محتملين .وكما يقول أندريه باروي ،عضو المجلس التنفيذي في تكتل "اوكرانيا لنا" : من أكبر الهفوات في أداء السلطة في اوكرانيا هو فشل سياسة الكادر، فقد واجه الرئيس الاوكراني يوشينكو معضلة تحقيق التوازن بين فروع السلطة واضطر  قبل انتخابات الاعادة، و تحت الضغط ، الى الموافقة على اجراء تعديلات دستورية نقل بموجبها بعض صلاحيات الرئيس الى البرلمان ، خاصة ما يتعلق منها بتشكيل الحكومة فأصبحت اوكرانيا جراء ذلك دولة برلمانية-رئاسية أنتجت أرضية لمواجهات مستمرة بين الرئيس و البرلمان و الحكومة.

 وخلال طيلة السنوات الخمس الماضية، التي أعقبت الثورة البرتقالية كانت اوكرانيا رهينة لمواجهات سياسية مستمرة . وخلال فترة حكم "البرتقاليين" انخفض اجمالي الناتج القومي الداخلي بنسبة خمسة عشر بالمئة و تضاعف عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر ، وتضاعفت أسعار المواد الغذائية مرات عديدة . و من حيث الفساد تأتي اوكرانيا في مقدمة دول العالم بعد الصومال.. لقد أثبتت الثورة البرتقالية اليوم أنها كابوس مؤرق قد زال ، وخيبة أمل ممن وعدوا و لم يفوا بالوعد، ومبعث أسف على آمال لم تتحقق.

روسيا اليوم
Reactions

تعليقات