لقد عبث الإنسان في عقله من أقدم العصور ، فقد قام بحركات ودوران حتى يشعر بالدوخة ويغير من وعيه ، ولا زال الأطفال حتى الأن يقوموا بمثل هذه الحركات ، وعبث الإنسان في نباتات الأرض يربيها ويراقب أثارها عليه وعلى حيواناته ، فعرف ما ينشطه وما يؤدي للنعاس أو تخفيف الألم أو تغيير المزاج ، ومع الوقت خزن النباتات وزرعها وخمر السكريات للحصول على الكحول ثم قطر الخمر للحصول على الكحول الأشد ، وصنع من الخشاش الهيروين ومن القنب الهندي إستخلص الحشيش والكوكايين من نبات الكوكا ، ومع مرور الوقت إنتقلت هذه النباتات من مناطق زراعتها لمناطق جديدة ، ومع تحسن وسائل النقل أصبح بإمكان الإنسان الحصول على أي ماده في أي مكان على وجه الأرض ، ومن هذه النباتات ما هو مباح بل وأصبح جزء من التراث كالشاي والقهوة والسجائر و الارجيله ، ومنها ما منع كالمخدرات ، وقد مرت فتره على الولايات المتحدة كان الكحول ممنوع فيها وفي أوروبا منعت القهوة لفترة من الزمان ، والقات ما زال مباح إلى حد ما .
من منكم لا يعبث في عقله بسيجاره أو سجائر وإن لم يدخن فهو يستنشق من دخان المحيطين به ، أو ذاك الذي لا يتوقف عن رشف القهوة ليل نهار ثم يشكو من الأرق وألم المعدة ، وذاك يعزف عن القهوة لأنها منبهه ويلجأ للشاي ويكثر منه دون أن يعرف أن كوب شاي فيه نفس مقدار التنبيه الذي يحويه فنجان القهوة ، وأخرى تضع الحليب على الشاي والقهوة وتقنع نفسها أن الحليب يزيل أثر التنبيه . أما كاس الكحول فيصبح زجاجه فأثنين ويكون مره في الشهر ويتحول إلى أسبوعي ثم يومي وبالنهاية على مدار الساعة ، وسيجارة حشيش وشمه كوكايين وإستنشاق من الهيروين كله يحدث مع الأسف في سلسله مترابطة سواء ما هو ممنوع أو مسموح وما هو محرم أو غير محرم ، ينتقل الناس للصناعات الدوائية والبلسم لشافي للسعال يصبح شراباً للكيف ، ومضاد القلق يصبح أداه للتسطيل ، ومضاد الصرع يصبح أسلوب لتغيير الوعي وفقدانه أحياناً ، أما المهلوسات فحث ولا حرج فجرعه صغيره جداً كافيه لإحداث هلاوس مريعة مدى الحياة
إن العبث في العقل وهو السلطة العليا الحاكمة في الإنسان قد يتدهور معه الجسد بكل وظائفه وأعضائه ، لماذا نعبث بعقولنا سؤال محير فعلاً وكيف تجرؤ على كل هذا ، ألا يتعظ الإنسان بما يعرف ويقرأ ويسمع ويشاهد ؟ كيف يتغاضى عن كل هذا وينغمس في عبثه ولهوه ويقنع نفسه أن العبث هو الحل ، وكيف يكون العبث حلاً ؟ الله أعلم ؟ ومتى سيتوقف العبث الله أعلم ؟! .
تعليقات
إرسال تعليق