وجد باحثون من جامعة أكسفورد من خلال دراسة مطولة أنه كلما زاد عدد الأصدقاء زاد حجم جزء معين في الدماغ.
وقال الباحثون في دراستهم التي شاركت في مؤتمر طبي عقد قبل أيام، إنه كلما توسعت دائرة معارف المرء وزادت علاقاته الاجتماعية زاد حجم المادة الرمادية في بعض مناطق الدماغ، مما يعني زيادة فاعلية التواصل بين أجزاء الدماغ.
أضافوا أن المنطقة الدماغية التي تتأثر بزيادة الحجم تشمل القشرة المخية المسماة الحزمة الأمامية وقشرة الفص الجبهي.
اعتمدت الدراسة على متابعة أحوال ثمانية عشر شخصاً طُلب منهم في بدايتها أن يذكروا عدد الأصدقاء الذين تواصلوا معهم طوال شهر قبل الدراسة.
وبعد فحص أدمغة هؤلاء المتطوعين تبين وجود علاقة مؤكدة بين عدد الأصدقاء وحجم جزء معين في الدماغ بالإضافة إلى تحسن فاعلية التواصل بين أجزاء الدماغ.
لكن الباحثين قالوا إنه من غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت زيادة حجم جزء من الدماغ تؤثر في فاعلية الدماغ نفسه، أو ما إذا كانت هذه الزيادة تعني أن أصحابها أكثر قدرة على التعامل مع شبكة اجتماعية كبيرة أو ما إذا كانوا أكثر «فهماً» من غيرهم. وفي ما يلي بعض الفوائد الصحية المؤكدة للأصدقاء:
مفيدون للقلب
لأن الأصدقاء المخلصين يساعدون الإنسان على الهدوء والاسترخاء، فهم في النتيجة مفيدون للقلب أيضاً، إذ إن الأشخاص الذين لديهم علاقات اجتماعية قليلة وضعيفة كانوا أكثر من غيرهم عرضة للإصابة بأمراض القلب كما يقول باحثون في دراسة نشرت عام 2005.
وتبيَّن من هذه الدراسة أن تأثير العلاقات الاجتماعية القوية على القلب كان أقوى مع الرجال من تأثيره على النساء، وأن صحة قلوب الرجال المتزوجين، على اعتبار أن الزواج علاقة اجتماعية قوية، كانت أفضل من صحة قلوب غير المتزوجين أو غير المرتبطين بعلاقة قوية وخاصة جداً مع امرأة.
يضيف الباحثون أن العلاقات الاجتماعية القوية تساعد أيضاً على خفض ضغط الدم وهي مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لصحة القلب.
الحكي الفاضي
تقول دراسة نشرت عام 2012 إن «النق» و«الحكي الفاضي» مزعج، لكن حين يصدر من صديق عزيز تختلف الصورة فيصبح مسلياً ومثيراً للأفكار اللطيفة في معظم الأحيان.
وفي الدراسة قال بعض المتطوعين الذين لديهم عدد قليل من الأصدقاء إنهم يتمنون ويحتاجون لسماع أي شيء من أصدقاء جدد حتى ولو كان سخيفاً.
نشاط وحركة
وجود أصدقاء في حياة المرء يجعله أكثر نشاطاً والتزاماً بالحركة، خاصة إذا اتفق مع هؤلاء الأصدقاء على ممارسة رياضة معينة أو هواية مفيدة، فمن المعروف أن المرء لا يتحمس كثيراً لممارسة الرياضة أو الهواية بمفرده لكن انضمام صديق أو أكثر يشجعه على الحركة والتفكير السليم.
كتف نتَّكئ عليه
من الأقوال الشائعة أن الإنسان في حاجة لكتف يتكئ عليه حين يبكي وأن يجد الصديق الصدوق الذي يحكي له ما يجيش في صدره من مشاعر الحزن أو الفرح.
ولقد أثبتت عشرات الدراسات بالفعل أن التحدث مع صديق مخلص يزيل التوتر أو على الأقل يخفف من حدته ويساعد المرء على مواجهة مصاعب الحياة.
وأظهرت دراسة نشرت عام 2011 أن المرأة على وجه الخصوص أكثر استعداداً للهدوء والسكينة بعد التحدث مع الصديقات.
يقول الباحثون الذين أجروا هذه الدراسة إن جسم الأنثى يفرز هرمون «أوكسيتوسين» حين تصاب بالتوتر، وهذا يساعدها ويشجعها على إقامة علاقات اجتماعية وتكوين صداقات جديدة، بدلاً من الرغبة في القتال أو الهرب من المواجهة التي تلاحظ مع الرجال حين يصابون بالتوتر.
أضاف الباحثون أن هذا الهرمون يشجع المرأة على التحدث مع الصديقات وأن التحدث بدوره يساعد على إفراز المزيد من هذا الهرمون المهدئ.
طول العمر
تربط الكثير من الدراسات بين كثرة الأصدقاء والعمر الطويل، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنها قاعدة ثابتة.. أي أن كثرة الأصدقاء لا تعني ولا تضمن طول العمر.
ففي أستراليا قال باحثون إن الأشخاص الذين لديهم الكثير من الأصدقاء كانت احتمالات موتهم أقل من غيرهم بنسبة %22 طوال دراسة حول الموضوع استغرقت عشر سنوات.
وفي تحليل حديث لأكثر من مائة وخمسين دراسة حول الموضوع، يقول باحثون إن حظوظ الأشخاص الذين يرتبطون بعلاقات اجتماعية وطيدة وواسعة في الحياة والعمر الطويل أكثر من حظوظ غيرهم بنسبة خمسين في المائة.
محاربة السرطان
بعد الربط بين كثرة الأصدقاء وطول العمر، طلع علماء بنظرية تربط بين كثرة الأصدقاء والقدرة على محاربة السرطان.
وقال هؤلاء العلماء بعد متابعة الأوضاع الصحية لواحدة وستين امرأة مصابة بسرطان الرحم إن مستويات أعلى من المادة المسماة «إنترلوكين 6» التي تفرز نوعاً من البروتين المسبب لشكل أكثر عدوانية من المرض، وجدت لدى النساء اللواتي لا يرتبطن بعلاقات اجتماعية جيدة.
وفي دراسة أخرى يقول باحثون تابعوا أوضاع ست وثمانين امرأة مصابة بسرطان الثدي إن النساء المرتبطات بعلاقات اجتماعية قوية كانت حظوظهن في الحياة ومغالبة المرض أكثر من حظوظ غيرهن بنسبة الضعفين.
فؤاد سلامة
تعليقات
إرسال تعليق