جلس شاب فقد وظيفته في مقهى وسط أحد الأسواق ، وبدأ بمراقبة السيارات التي تروح وتجيء وهو يردد بصوت عالٍ : " آه لو كانت هذه لي وليست لصاحبها ، أنا فهيم وذكي وهو لا يستحقها".
مر اليوم الأول .. والثاني .. والثالث والشاب يجلس في السوق ويردد نفس الكلام ، كلما مر موظف قال يجب أن أكون مكانه ، وكلما مرت سيارة قال يجب أن تكون هذه لي ، وكلما رأى شخصاً بثياب جميلة قال هي أجمل لو كانت علي.
مر أسبوع وأسبوعان وثلاثة ولم يبحث الشاب عن وظيفة واكتفى بالتحسر وحسد الناس في ذات المقهى.
وكان رجل عجوز يجلس على مقربة منه ويهز رأسه كلما ردد هذا الشاب كلامه السلبي، في البداية لم يكن ينتبه له الشاب الحسود، لكن بعد أيام انتبه له وبدأ ينظر إليه بنظرات غضب لأنه شعر بأن هز العجوز لرأسه نوع من السخرية.
بعد ثلاثة أسابيع ؛ قرر الشاب أن يسأل العجوزعن معنى تصرفه، فذهب إليه وقال له :
" يا هذا ... لماذا تهز برأسك سخرية مني؟".
فرفع رأسه العجوز إليه وقال له : " تعلم الاحترام في الخطاب فأنا عمري 65 عاماً".
شعر الشاب بنوع من الخجل وقال له : " أعتذر ، لكن لماذا تهزرأسكبهذه الطريقة؟".
ابتسم العجوز وقال له : " لا أسخر منك لكنك تذكرني بشبابي ، فقبل 30 عاماً بالضبط جئت إلى هذا المقهى وكان الوحيد في هذا السوق، وقلت نفس كلامك ورددته دوماً قائلاً أنا أفضل ... كبر السوق واتسع وما زلت في مكاني أؤمن أنني أفضل وأن الناس لا يستحقون شيئاً "
الشاب : "إذن؟"
العجوز : " لم أعد أقوى على الكلام بشكل مستمر وأرفع صوتي، لكن الحمدلله أنك جئت هنا فتردد ما أردده منذ 30 عاماً وبالتالي أنا أهز رأسي على كلامك لأقنع نفسي أنني أقوله فما زلت أرى نفسي الأفضل".
صعق الشاب من الكلام وعرف أن الحسد أسوأ صفات البشرية فهو لا يأتي بخير لصاحبه أبداً ، وعرف أنه لو وقع في شباك السلبية لجلس هناك 30 عاماً مثل هذا العجوز يردد نفس الكلام ولكنه يغير من الواقع شيئاً.
يقول جورج هيغل : " الحسد أغبي الرذائل على الإطلاق، فإنه لا يعود على صاحبه بأية فائدة."
تعليقات
إرسال تعليق