القائمة الرئيسية

الصفحات

لماذا ترتبط البلاهة والخبل باسم بهلول؟



البُهلول لغة بضم الباء وجمعه بهاليل. معناه الكريم النبيل والسيد الجامع لكل خير.

والناس تلفظ بُهلول فتقول بَهلول بفتح الباء، وهو ما تعودت عليه السنتنا عندما ننطق اسمه والصواب ضمها.

 ومن معانيه الضحّاك. وبعض الناس اليوم اذا ارادوا ان يصفوا احدا بالجنون والغباء والبلاهة يقولون عنه انه بهلول اي أبله.


فما أصل الحكاية، ومن هو البهلول؟

تقول الحكاية: هو أبو وهب بهلول بن عمر الصيرفي الكوفي، ولد بالكوفة ونشأ بها، وعاصر من ملوك العباسيين كلاًّ من موسى الهادي وهارون الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل. وهو سيد عقلاء المجانين في زمانه واحد رموز التصوف والعرفان ومن الدعاة لله باسلوب تميز به في زمن تعاظمت به النقمة على ال علي وفاطمة وشيعتهم. وكان جامعاً للخصال الحميدة. من جمال الخلقة ومن امتلاكه لدرجة عالية من المفاكة مما يفتح له الابواب في ايصال الافكارً.


وكان اولئك الملوك يستقدمونه الى بلاطهم لمنادمته وسماع نوادره ومليح حكاياته وبديع شعره ولطيف فكاهاته. وكان البهلول يتخذ من ذلك وسيلة للنقد الهادف والدعوة لله والتزام بمكارم الاخلاق والتذكير باليوم الاخر. ولأجل التخلص من طغيان اولئك الملوك المتجبرين كان يتصرف تصرف المجانين، ويظهر السفاهة والبلاهة وذرا للرماد في العيون كان يبدو لهم وكأنه مجنون. فعرف بالمجنون خلافاً للواقع والحقيقة لانه كان من سادة العقلاء وكبار الدعاة.


 كان جنون بهلول ينتابه من حين إلى حين، فهو إذن عاقل في معظم أوقاته. لكنه يتجانن اي يظهر الجنون حسب الظروف مما يدل بوضوح على امتلاكه طاقة عالية في التحكم في نفسه وانفعالاته ولا جدل انها قوة عقلية يمتلكها البهلول انى يريد واستعملها في صياغة مشروعه مع السلطة ومع الناس.

وقد اختلف الرواة في بعض تفاصيل حياته وتوجهاته التي نحن لسنا بصددها هنا.


وظاهرة التبهلل ليست من ابتكار البهلول الصوفي بل انها نسبت اليه لشهرته في هذا الباب. ومن مارس اسلوب التبهلل قبل بهلول كثيرون.

 والبهاليل من العرب وان لم يُسموا بالبهاليل لكنهم ادعوا الجنون او البلاهة والبلادة وهم عقلاء ولم يفعلوا ما يسيئ الى حاكم مباشرة بل باساليب متقنة ودقيقة تجلب الاثر ولا تعطي الدليل الجرمي ضدهم. وهم يتقصدون ذلك محتمين بسياج من الوهم الشعبي في ضعف عقولهم وهم الاكثر عقلاً والابهر ذكاء لكنهم يتقون سيف الحاكم وجرمه باظهار الغريب من السلوك.

 يذكر التاريخ ان أول من تظاهر بالجنون هو الطفيل بن حكيم الطائي الذي أسر في وقعة المفتح مع القراء فسيروهم الى الحجاج فأراد الحجاج ان يقتل الطفيل فأوهم الطفيل الحجاج بأنه قد ذهب عقله فجعل لا يسأله عن شيء إلا اجابه بخلاف سؤاله فقال الحجاج: ذهب والله عقل الرجل... سواء قتلت على هذا أو قتلت مجنوناً. خلّوا عنه. فكان الراوي وهو ابن عياش اسماعيل العنشي عالم الشام ومحدثها في عصره يقول: والله لقد كان طفيل بن حكيم من أعقل الناس وأدهاهم ولكنه أوهم الحجاج أنه قد ذهب عقله فأفلت من يده.

لقد كانت تلك الحادثة هي نموذجا لسجل البهاليل في التاريخ فكان تظاهرهم بالجنون تقية هو الملاذ من بطش الحكام والجبابرة والمتسلطين.



Reactions

تعليقات