(لا تحتاج اكثر من دقيقتين لقراءة هذه القصة، وبعدها.. ستغير تفكيرك!).
أ.د.قاسم حسين صالح- في احدى غرف المستشفى كان هنالك رجلان راقدان فيها يعانيان من مرض خطير..احدهما كان سريره قريبا من شباك الغرفة، وكان يسمح له ان يقف لساعة واحدة ظهر كل يوم لغسل رئتيه، فيما كان الآخر طريح فراشه لا يغادره لحظة.
كان الرجلان يتحدثان لساعات حول حياتهما الأسرية، ومدينتيهما، وشغلهما، وخدمتهما العسكرية وسفراتهما السياحية.
وفي ظهر كل يوم، كان الرجل القريب من الشباك، يقضي وقته في وصف كل الأشياء التي يراها عبر الشباك لزميله الراقد في فراشه..الذي بدأ يتغير مزاجه حيث لا يرى من الدنيا الا جدران غرفته..
- هـا.. ماذا ترى اليوم؟
+ ارى يا صديقي العزيز.. حديقة جميلة.. فيها ورود حمراء.. وعلى اليمين..نخلة فيها عثوق رطب..والى اليسار ارى شلال ماء. تصور انني احس ببرودة الهواء القادم منه..واشم ايضا عطر الزهور..اظنها..رائحة قرنفل.. هل تحب..ان ادخل الهواء بيديّ..علّه يصل اليك.
- افعل ارجوك.. فمن سنة ما عدت اشم عطرا.
حرّك يديه ليدخل الهواء براحتيه الى الغرفة...
+ هـا.. هل وصلك عطر القرنفل؟
- ياه (وقد أخذ نفسا عميقا)..رائع..منعش،اتدري انه يذكرني بزوجتي.. حبيبتي..كانت تحب عطر القرنفل كثيرا.
في اليوم الثاني، أعاد عليه نفس السؤال:ها،ماذا ترى اليوم؟
+ ياه.. نسيت ان اقول لك..ان في المتنزه الذي وصفته لك البارحة..هنالك بحيرة..ارى فيها البط..و: واحدة..اثنتان..ثلاثة..اربعة..خمسه.. نعم خمس بجعات..يلعب معها الاطفال..وعلى جانبها الايمن..ارى عشاقا يمشون سويا.. ذراعا بذراع..يا آلهي.. كم هذا رومانسي..اراه قدّم لها وردة حمراء..
- اكيد.. قرنفله.. كل العشاق يحبون القرنفل الاحمر.
أمضيا شهورا..وكان طريح الفراش هذا، بعد كل وصف يرويه له صاحبه ، يغمض عينيه ويتخيل..الازهار..والشلاّل..والبط.. والبجع..والعشاق..ويعيش خيالاته كما لو كانت واقعا.
ومات الشخص المريض القريب من الشباك..وحين جاءت الممرضة، طلب منها طريح الفراش هذا ان تحوّل مكانه قريبا من الشباك.. ففعلت. وفي احد الأيام استجمع كل قواه..لينهض ويرى من خلال الشباك المناظر الخلابّه..والاطفال والشلال والعشاق..التي كان يصفها له زميله الراحل.
ونهض.. وفتح الشباك..فلم ير غير جدار من الاسمنت بطول الشباك وعرضه!!.
كم نحتاج الى من يبعث فينا الأمل مثل هذا الانسان الرائع الذي يرى من وراء جدار الأسمنت ..الحياة بألوانها الجميلة..لنقبل عليها ونتعلّق بها،لا أن نكون مثل معظمنا..نزيد اليائس يأسا.
تعليقات
إرسال تعليق