أكد خبيران دوليان أن تكاليف الحرب التي تشنها حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش على العراق - التي تصل شهريا إلى 16 مليار دولار - تعادل ميزانية الأمم المتحدة لعام كامل. وقال جوزيف ستيجليتز ، الخبير الاقتصادى بالبنك الدولى ، وليندا بيلميز الأستاذة بجامعة هارفارد الأمريكية في مقال مشترك نشراه في صحيفة التايمز اللندنية، إن حكومة بوش كانت على خطأ بشأن فوائد الحروب التى خاضتها فى العراق وأفغانستان وكانت أيضا على خطأ فى تقدير تكاليفها ، وأن بوش ومستشاريه توقعوا حروبا سريعة وغير مكلفة ، لكن بدلا من ذلك ، كانت هناك حروب كلفت أكثر مما كان يتخيل أحد.
وفى كتابهما الذى صدر عام 2008 فى بريطانيا بعنوان "حرب الثلاثة تريليونات من الدولارات" ، أوضح الخبيران الدوليان أن تكلفة العمليات العسكرية الأمريكية المباشرة ، حتى بغير التكاليف طويلة الأمد ، مثل الاعتناء بالجرحى من الجنود المخضرمين ، تجاوزت تكلفة حرب فييتنام التى استمرت 12 عاما وكانت أكثر من ضعف تكاليف الحرب الكورية.
وأشارا إلى أنه حتى فى أفضل سيناريو لتلك التكاليف ، فإنه كان يتوقع لها أن تبلغ عشرة أمثال الحرب الأولى على العراق التي شنتها الولايات المتحدة في عام 1991 ، أو قرابة ثلث تكاليف حرب فيتنام وضعف الحرب العالمية الأولى. وأوضحا أن الحرب الوحيدة فى التاريخ الأمريكى التى كلفت أكثر من ذلك كانت الحرب العالمية الثانية التى شارك فيها 16,3 مليون جندي أمريكى فى حملة استمرت أربع سنوات وتكلفت (بحسابات الدولار الأمريكى لعام )2007 نحو خمسة تريليونات من الدولارات ، ومع ذلك فإن متوسط تكلفة كل جندى بلغ 400 ألف دولار وهو أربعة أمثال متوسط تكلفة الجندي فى الحرب العالمية الثانية إذا قيس بقيمة اليوم.
ورغم أن كل القوات الأميركية آنذاك كانت فعليا منهمكة في قتال اليابانيين والألمان ، فإن تكلفة الوحدة العسكرية لو حسبت بقيمة الدولار اليوم لكانت 100 ألف دولار بينما تكلف الوحدة الآن 400 ألف دولار في العراق. ويشير الكاتبان إلى أن معظم الأمريكيين مازالوا يشعرون بهذه التكاليف سواء من حيث الخسائر البشرية أو المادية .. حيث لم يتم فرض ضرائب جديدة من أجل شن تلك الحروب بل خفضت الضرائب على الأغنياء ، ولكن الثمن بالدم دفعه الجنود المتطوعون والمقاولون الذين تستأجرهم وزارة الدفاع (البنتاغون) ، أما الثمن المادي فقد مُوّل بالكامل عبر الاقتراض.
16 مليار دولار شهريا،،
لكن الواقع هو أن تكاليف الحرب أمر حقيقي حتى لو جرى تأجيل دفعها ربما لجيل آخر. وقالا أن لارى ليندسي ، المستشار الاقتصادى للرئيس بوش ورئيس المجلس الاقتصادى القومي الأمريكى ، كان قد توقع أن تبلغ التكاليف 200 مليار دولار. غير أن هذه التقديرات رفضها دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكى السابق ووصفها بأنها مجرد "نقانق" ، حيث قال بأن التكاليف ستتراوح ما بين 50 - 60 مليار دولار يمكن أن توفرها دول آخرى. وقال نائبه بول ووفويتز "ستقوم عمليات الاعمار فيما بعد الحرب بتسديد كل هذه التكاليف من خلال عوائد النفط المتزايدة ، كما اقترح بعض مسؤولى وزارة الدفاع أن تتحملها بعض الدول الأخرى".
ولفت الكاتبان إلى أنه مع إسدال الستار على السنة الخامسة لحرب العراق فى عام 2008 فإنه قد تتجاوز التكاليف فى هذا العام 12,5 مليار دولار شهريا بالنسبة لحرب العراق وحدها بعد أن كانت 4,4 مليار فى عام 2003 ، وبإضافة حرب أفغانستان فقد تصل التكلفة إلى 16 مليارا من الدولارات شهريا وهو ما يساوى ميزانية منظمة الأمم المتحدة فى عام كامل. وهذا المبلغ لا يشمل أكثر من 500 مليار دولار تمثل النفقات السنوية لوزارة الدفاع ، كما لا يشمل النفقات الخفية كالتي تصرف على جمع المعلومات الاستخبارية أو المبالغ التي تختلط مع ميزانيات الوزارات الأخرى.
اكثر مما تظهره الارقام
ونظرا لوجود تكاليف كثيرة لا تعدها الإدارة الأميركية ، فإن التكلفة الإجمالية للحرب أكثر مما تظهره الأرقام الرسمية ، وخاصة فيما يتعلق بالكلفة البشرية من حيث الخسائر التي قال الكاتبان إن هناك سجلين للخسائر البشرية الأمريكية في العراق ، أحدهما السجل المعلن من البنتاغون الذي يقلل منها ، فيما يظهر السجل الحقيقي الآخر على كثير من المواقع الإلكترونية لمنظمات معنية بالحرب على العراق. كما لا يظهر كلفة الحرب على الدول الأخرى أو العراق نفسه الذي يتعرض للعواقب الوخيمة للحرب من قتل لسكانه وتدمير لبنيته وإهدار وسرقة موارده وتفكيك بنائه القومي.
ويتناول الكاتبان في مقالهما ما تتكلفه بريطانيا الشريك الرئيسي للولايات المتحدة في الحرب على العراق ، حيث كانت بريطانيا خصصت في البداية مليار جنيه إسترليني للإنفاق على الحرب ، لكنها أنفقت حتى نهاية العام 2007 ما يقرب من 7 مليارات جنيه أي نحو 16 مليار دولار 76( بالمئة منها في العراق والباقي في أفغانستان). وحسب التوقعات فإن إنفاق بريطانيا على حربها على أفغانستان والعراق سيزيد على 18 مليار جنيه بحلول عام 2010 ، وإذا ما أضفنا التأثير الإجمالي لذلك على المجتمع البريطاني فإن التكلفة ستزيد على 20 مليار جنيه.
تعليقات
إرسال تعليق