كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه العظيمه ضد الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريباً. وأضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت إيريني ملكة الروم صلحاً مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة 181 هـ، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم نقفور الأول، الذي خلف إيريني في سنة 186 هـ، وكتب إلى هارون:
قد يعجبك ايضا
فلما قرأ هارون هذه الرسالة غضب غضبًا شديدًا ورد عليها برسالة مماثلة قال فيها :
"من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام". وخرج هارون الرشيد على رأس جيش كبير بلغ تعداده 135 ألفا سوى الاتباع والمطوعة وتوغل في آسيا الصغرى حتى وصل هرقلة عاصمة كورة بيثينيا فحاصرها واستولى عليها عنوة سنة 806 م وأعقب ذلك توجيه حملات متلاحقة بقيادة كبار قواده أمثال داود بن عيسى وشراحيل بن معن بن زائدة ويزيد بن مخلد, هزمت جيوش البيزنطيين ودمرت حصونهم واضطر الامبراطور نقفور أن يتناسى خطابه ويعترف بهزيمته ويتعهد بدفع الجزية من جديد وفي ذلك يقول الطبري :
"و بعث نقفور إلى الرشيد بالخراج والجزية عن رأسه وولى عهده وبطانته وسائر أهل بلده خمسين ألف دينار منها عن رأسه اربعة دنانير وعن رأس ابنه استبراق (هوستوراكيوس) بدينارين كما تعهد بان لا يعيد ترميم الحصون التي دمرها الرشيد". و يبدوا أن الضربات التي وجهها الرشيد إلى الدولة البيزنطية كانت عنيفة وحاسمة بدليل أنها لم تحاول الاستفادة بعد ذلك من الفتنة التي دبت بين الأمين والمأمون في استعادة ما فقدته في عهد الرشيد.
تعليقات
إرسال تعليق