كان انتقال القبائل في التجارة بين الشام واليمن مسألة تكتنفها الكثير من المخاطر، فقبائل عدة كانت تمتهن القيام بقطع الطريق أمام التجارة في الجزيرة العربية، وهو الأمر الذي
دفع قريش لتقوم بتأمين الطريق لتجارتها، وتجارة القبائل الأخرى، وهو الأمر الذي كان متعذرا في حالة القيام بذلك من خلال توفير المقاتلين لحماية الطريق،
فمن ناحية لم تكن قريش من القبائل الكثيفة عدديا بحيث توفر المقاتلين الكافين للوقوف في وجه القبائل الأخرى، كما أن تأمين طريقا ممتدا يمر بمناطق وعرة وأخرى مجدبة، مسألة تتطلب جيوشا كثيرة، وكانت المكانة الدينية لقبيلة قريش، واحترامها من قبل القبائل العربية لما تقدمه من واجبات الضيافة للحجيج الذين يقصدون مكة كل سنة،
وكانت فكرة الايلاف عبارة عن حلف قبلي واسع يهدف لتأمين القوافل في رحلة الشتاء التي تتوجه لليمن، ورحلة الصيف المتوجهة إلى الشام، وضمن هذه الترتيبات كانت القبائل تؤدي واجب الاستضافة والحماية لقوافل قريش وبقية التجار الملتحقين بها من القبائل الأخرى.
إن وجود الإيلاف، والترتيبات القائمة حوله، تدلل على وجود وعي متقدم لقريش على غيرها من القبائل العربية، وقدرتها على أداء دور مهم لإحلال السلام بين قبائل العرب، وهو ما أعطاها ورجالها مكانة بين القبائل العربية امتدت لتمنحهم أيضا اعترافا من قبل الروم الذين كانوا يسيطرون على الحدود الشمالية والجنوبية لتجارة قريش، حيث كان زعماؤها يحظون بضيافة القادة الروم في منطقة الشام ويعتبرونهم ممثلين للعرب ونخبة قبائلهم.
تعليقات
إرسال تعليق