يعرف مصطلح (Paradigm) بأنه (النموذج الفكري أو النموذج الإدراكي) ، قد ظهرت هذه الكلمة في أواخر الستينيات من القرن العشرين في اللغة الإنجليزية بمفهوم جديد
ليشير إلى أي نمط تفكير ضمن أي تخصص علمي أو موضوع متصل بنظرية المعرفة أو الإبستيمولوجيا(Epistemology).
وقد كانت الكلمة في أول الأمر قاصرة على قواعد اللغة ، حيث كان تعريف قاموس ميريام ويبستر للكلمة من ناحية الاستخدام المتخصص لها في قواعد اللغة أو الكتابة الإنشائية كتشبيه أو حكاية. وفي علوم اللغة أيضا استخدم فرديناند دو سوسور (Ferdinand de Saussure) كلمة باراديم لتشير إلى طائفة من العناصر ذات الجوانب المتشابهة.
اصطلاحاً هو : مجموع ما لدى الإنسان وماكونه من خبرات ومعلومات ومكتسبات ومعتقدات وأنظمة ( ثقافة مر بها في حياته )، مهمتها رسم الحدود التي يسير داخلها الإنسان وتحديد تصرفه في المواقف المختلفة.
ويمكن تعريف البارادايم بأنه نظارة العقل .. أو هو نظام التفكير عند
الإنسان والعدسات التي يرى من خلالها الحياة ... والبارادايم حاكم للتغيير في كل مراحله وقد يجعل الإنسان يرى الأمور بغير حقيقتها. وهذا من أهم أسباب .. اختلاف البشر
* قصص توضيحية للبارادايم:
= كان احد السائقين يقود سيارته بهدوء في أحد الطرق المزدوجة والمنحنية وفجأة ظهرت أمامه سيارة في مساره واستطاع أن يتفادها بصعوبة لكن حينما حاذه صاحب السيارة الذي دخل في مساره فتح زجاج السيارة و صرخ بأعلى صوته خنزير ! غضب الرجل من هذه الكلمة لانه ظن انها سباب ونعت قائلها توا بأقبح الصفات وبعد ان تجاوز المنحنى تفاجأ بخنزير ميت في الطريق واصطدم به هذا هو بارادايم هذا الشخص فسر كلمة خنزير انه سباب بينما كان الشخص الآخر يقصد بذلك تنبيه الرجل بان امامه خنزير ولكنه لم يستوعب هذه الصورة فكانت النتيجة انه سب ذلك الرجل وصطدم بذلك الخنزير.
= تزوج شاب يدعى قيس الياسين فتاة اسمها ليلى .. في أحد الأيام أوصل زوجته لزيارة صديقتها وطلب منها أن تتصل عليه إذا انتهت لكي يأخذها فلما جاء موعد خروجها دقت عليه لكنه تأخر في الاتصال اتصل بعد ربع ساعة ردت عليه صاحبة البيت
قال : السلام عليكم
قالت : وعليكم السلام
قال : لو سمحتي ممكن اكلم ليلى
قالت : من حضرتك
قال : أنا قيس
فقالت : صاحبة المنزل مباشرة ... ياقليل الأدب
فقال : عفوا أختي أنا قيس الياسين زوج ليلى
صاحبة البيت ردت عليه بهذا الأسلوب لان الصورة الموجودة في البارادايم الخاص بها هي صورة الحبيبين قيس وليلى وتوقعت أن هذا المتصل يهرج ويحاول معاكستها.
= دعي أحد الدكاترة لإلقاء محاضرة في مركز للمدمنين عن أضرار الخمر فأحضر معه حوضان زجاجيان الأول فيه ماء والثاني فيه خمر ووضع دودة في الماء فسبحت ثم وضعها في الخمر فتحللت وذابت حينها نظر الى المدمنين سائلا هل وصلت الرسالة ؟؟
فكان الجواب نعم .. اللي في بطنه دود يشرب خمر عشان يطيب !!
هذا الدكتور نظر إلى التجربة من خلال بارادايمه ولم يحاول الخروج إلى البارادايم الخاص بالمدمنين
= بين دولتين عربيتين توجد ضرائب مرتفعة على اغلب البضائع ففكر أحد الأشخاص ببضاعة ليس عليها ضريبة وهي البرسيم فبدأ يحمل كل يوم برسيم على دابته وينقله للدولة الأخرى .. وكان يمر من خلال نقطة الجمارك دون أدنى شك فيه واستمر الأمر لمدة طويلة وبعد التحقيق اكتشف انه كان يهرب كل يوم على دابنه تحت هذا البرسيم ذهب .. هذا الشخص خرج عن حدود الباردايم لرجال الجمارك فلم يتمكنوا من كشفه.
= كان هناك شخص اسمه هاري متخصص في فتح الأقفال والخزانات وجاءه موظف من أحد البنوك الانجليزية وتحداه أن يفتح خزانته خلال ساعتين ضحك هاري وقال سأفتحها خلال خمس دقائق .. وبدا هاري في محاولة فتح الخزانة واستغرق ساعتين ولم يفتحها بعد ذلك يئس من فتح الخزانة واستند على باب الخزانة فنفتح الباب .. لأن الباب كان مفتوحاً بالأصل لم يكن في باردايم هاري احتمال أن الخزانة مفتوحة وهذه نقطة تسمى في علم البارادايم ( العودة إلى الصفر ) حيث أن مهارة هاري تساوت مع مهارة أي طفل في فتح الخزانات المفتوحة فلا تتمحور حول باردايم ضيق.
* كيف يتكون البارادايم؟!
عندما يوجد طريق سريع تتحلى جوانبه بالشجيرات والورود الجميلة ويمر الناس عليه بسياراتهم مسرعين فان نظرات اولئك الناس تختلف فيما بينهم على حسب الباراديم المتكون عندهم فمنهم من يرى الورد والاشجار ويعجب بهما... ومنهم من يتمنى زراعة المزيد منه أو إضافة أنواع أخرى...وفئة أخرى من الناس تتمنى لو أتيحت لها الفرصة للتوقف والتجول بين هذه الأزهار واستنشاق عطورها ووصف جمالها .. وربما جادت قريحتهم بأبيات شعر رائعة تتغزل بالورد وجماله .. وقد يراها البعض مصدراً للعطور بينما يراها آخرون مصدراً للمبيدات الحشرية...وهناك فئة أخرى تفكر في الشركة المسئولة عن زراعة الورود وتخضير المنطقة ومدى استفادتها المالية من المشروع وهل تستحقه فعلاً أم أنها حصلت عليه بطرق غير مشروعة...إلخ
ولكن ماذا اذا رأى الإنسان شيئا جديداً او غريبا لما يراه من قبل فسوف يتعجب ويتوقف عنده .. ولكنه سيبدأ بفتح ملف جديد خاص بهذا الشيء الجديد او الغريب ومن ثم يتكون بارادايم جديد له او يحدث تعديل على البارادايم السابق الخاص به.
* البارادايم الايجابي والسلبي :
من الضروري أن يستخدم الشخص البارادايم الخاص به بصورة إيجابية وذلك بتغير إطار الإدراك بحيث يجعل إطار إدراكه للأمور دوماً إيجابياً و ذلك سيغير من نظرته للموقف ومن ثم حكمه وتقييمه له وبالتالي سيغير سلوكه فأي حقيقة تواجهنا ليست لها نفس الأهمية كأهمية تصرفنا تجاهها لأن تصرفنا هو الذي يحدد نجاحنا أو فشلنا.
وعندما يظن الإنسان أنه لايستطيع القيام بأمر ما فإنه لا يستطيع ذلك حتى لو كان قادراً في الحقيقة على أدائه .. ولذلك فإن نجاح الإنسان أو فشله بحسب نظام تفكيره .. وقد تكون الفرص أمامه ولكنه لا يراها لأنه لم يلبس العدسة المناسبة .... فكم قضى البارادايم على أشخاص وعلى شركات وأسر بل ومجتمعات.
* تقسيم الأشخاص في علم البارادايم:
يتم التقسيم على حسب موقف الأشخاص من البارادايم الجديد ويكون على احد الصور التالية :
1- المبدعون او المستشرقون (Shifters).
2- النمطيون اعداء التغير (Settler).
3- الروّاد - أول من يلحق بالركب (Pioneers).
= المبدعون (Shifters):
لا يحبّون النقاش لأنهم يملّونه وليس لديهم تفاصيل وإثباتات وأفضل طريقة للتعامل معهم هي التشجيع وإظهار الإعجاب مع تقديرهم .. كذلك يجب أن يكون الحوار معهم بشكل مرح ومحفز وخال من الاستهزاء واللوم من جهة أخرى فإن على المبدع أن يبدع في إقناع النمطيون والرواد بإبداعه .. كما فعل أديسون عندما اخترع المصباح الكهربائي إذ سأله صحفي : ماذا لو انطفأ المصباح ؟ .. فرد أديسون ببساطة إبداعية : نعود إلى الظلام الذي كنا فيه أصلا
= النمطيون (Settler) هم الجدليون:
يُطيلون الحوار لإثبات خطأ الفكرة الجديدة ( في ضوء أفكارهم القديمة والمُستقرة ) خاصة وأنهم يتقنون عملهم في ضوء البارادايم السائد.. وهم كما يصفهم جول باركر مُصابون بنوع من الشلل الإدراكي الذي يُعيقهم عن رؤية ما هو خارج البارادايم ولذلك فأفضل طريقة في الحوار معهم هي الإنصات لهم واحترام وجهة نظرهم ثم محاولة تنويع صور عرض البارادايم الجديد لهم .. وهنا يبرز دور الإبداع في عرض الإبداع .. وكذلك إبراز بعض العبارات الجميلة أمامهم مثل : العقل مثل الباراشوت .. يعمل بشكل رائع عندما يكون مفتوحاً.
= الرواد (Pioneers) هم المحاورون:
رواد البارادايم هم الحل فهم الأفضل في الحوار ... ذلك أنهم يتمتعون بمرونة عالية تجاه البارادايم الجديد ( أو ما يخالف ما يرونه ) وهم يتبعون الجديد انطلاقاً من الحدس مع شيء من المعلومات ( الناقصة ) ويحرص الرواد على تحقيق معادلة صعبة هي دعم المبدع وتشجيعه والاستفادة من ..وعدم خسارة أو فقدان النمطي الذي يملك ملاحظات ومهارات أيضا تثري العمل والمسيرة عندما يقتنع أو يستوعب ما يطرحه المبدع
* بعض المقترحات لتكوين بارادايم جديد خاص بنا:
1- ان تقبل احتمال الخطأ أو عدم صحة رأيك في أي موضوع
2- أن تفكر وفقا لمعايير أو نظم جديدة أو مختلفة
3- راجع منظومة القيم ( عندك )
4- اعرف نمطك في البارادايم
5- اطرح وأنصت للأفكار السخيفة 'Tom Peter'
6- استمتع بالمرح واستمتع بالخيال
7- نوع أو غير مصادر معلوماتك
8- جرب أطباقاً جديدة .. مثل من لم يسبق له أن أكل الباذنجان
9- اعرف أن هناك أكثر من إجابة واحدة صحيحة للسؤال الواحد .. أحيانا على الأقل
10- غيّر نوع مجالسك اطلع على محطات إعلامية لم يسبق لك أن شاهدتها ' تلفاز - إذاعة - صحافة .. '
11- تفادى التعميم فهو صندوق البارادايم القاتل ومن يتصور ان الناس اغبياء وهو الذكي فالعكس هو الصحيح
تعليقات
إرسال تعليق