كان حاجباً للنعمان بن المنذر ملك الحيرة.. فأصبح ملكاً وضُرب به المثل بكل عصامي.. إنه عصام الخارجي.
قيل: كان عصام أشد الناس بأساً، وأبينهم لساناً، فكان فصيحاً مفوّهاً، حازم الرأي وسديده، إلا أنه لم يكن من بيت قوم يفتخر بهم، وليس لديه إرث يغرف منه، فقد كان من العامة، إلا أن النعمان بن المنذر وثق به، فأمّره على العامة، فتساءل الناس، وقال قائلهم: كيف نزل عصام بهذه المنزلة من النعمان، فهو ليس في بيت قومه، وليس بسيدهم؟ فقيل لمن تساءل:
«نفس عصام سوَّدت عصاما
وجعلته ملكاً هماما
وعلّمته الكر والإقداما
وألحقته السادة الكراما»
إنه عصام الخارجي، وقد سمته العرب خارجياً، لأنه خرج من غير أولوية كانت له فصار ملكاً، بعد ان كان حاجبا للنعمان بن المنذر ملك الحيرة، فأصبح مضرب مثل في عصامية النفس، فقد كان متميزا عن أقرانه، فتسنى له أن يصل إلى تلك المنزلة الرفيعة، وهو الذي لم يعتد على ذلك، إلا أنه كان صاحب لسان بائن، ورأي رشيد، وحزم في كل أمر، حتى ترددت به تلك الأبيات، التي تعارفت بين كل الناس، واشتهرت في مضرب عصامية النفوس.
وحتى سمي من يفخر بنفسه عصاميا، ومن يفخر بآبائه عظاميا.
وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- في المعنى نفسه: من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه.
أما أبوالعتاهية فقال:
«هل ينفع المرء في فهاهته
من عقل جد مضى وعقل أب
ما المرء إلا ابن نفسه فيها
يعرف عند التحصيل لا النسب
كن ابن من شئت واكتسب أدبا
يغنيك محموده عن النسب»
فالعصامي هو من نال شرفاً بنفسه، غير موروث عن آبائه، وهو نقيض للعظامي الذي نال شرفه وحسبه ونسبه من أجداد له عظام.
تعليقات
إرسال تعليق