في قرية بعيده في زمن بعيد.....
دخل احد الرجال إلى السلطان قائلا: هل سمعت يا مولاي حكاية الأعمى؟
فأسرع السلطان في سؤال الرجل بفضول لسماع الحكاية: أية حكاية؟! اسمعني إياها ....
قال الرجل: يقول الناس أن رجلا يجلس في زقاق إحدى القرى البعيدة وفي حجره كيس من الذهب... ويطلب من المارة أن يصفعوه على أن يعطي من يصفعه منهم دينارا من ذهب!!
فأمر السلطان بألف دينار من الذهب لمن يأتيه بخبر هذا الرجل.
وعندما سمع أهل القرية بالأمر ... حضر شاب شجاع ذكي اسمه حسن وطلب من السلطان أن يأذن له بان يكون هو من يأتيه بخبر ذلك الرجل ... فأشاد الوالي بشجاعة الشاب حسن وذكائه وأمر بتجهيزه بما يحتاجه في رحلته ثم ودعه .....: اذهب يا حسن رافقتك السلامة....
وانطلق حسن في رحلة طويلة .......
وبعد أيام طويلة وصل حسن إلى القرية المقصودة ..... وبدا بالسؤال عن مكان يبيت فيه ووصف له احد السكان مكانا يمكن أن يبيت فيه فقد أرهقه التعب من طول السفر ....
وفي الصباح نهض حسن مبكرا واخذ يسال عن سر الرجل الأعمى ......
فأجابه احد المارة : انه رجل غريب ولا نعرف عنه شيئا.
فاستوقف حسن شخصا آخر وسأله نفس السؤال فأجابه أن ما يعرفه عن الرجل الأعمى هو انه سريع الغضب ويحب العزلة وانه ليس هناك من يعرف قصته في هذه القرية ......
فقرر حسن الذهاب إليه فوصف له احدهم المكان الذي يجلس فيه الرجل الأعمى وبينما هو متجه إليه شاهد بدهشة من بعيد رجلا يصفع الرجل الأعمى فيفتح الرجل كيسا خبأه ويعطي الرجل الذي صفعه دينارا من الذهب !! ويقول بصوت عالٍ: والله إني لأستحق والله إني لأستحق. فتساءل حسن في نفسه: لماذا يقبل بذلك؟!
ثم نهض الرجل حاملا كيسه وعصاه وهو يتحسس طريقه ومضى فتبعه حسن .... إنها فرصتي خصوصا وان الطريق مليء بالحفر والوحل .....
فاستوقف حسن الرجل الأعمى واستأذن منه أن يقوده إلى بيته مُطـَمْئِناً الرجل في انه يريد فقط إيصاله إلى بيته وانه ليس طامعا بما يحمله من مال .... فقال الرجل الأعمى لحسن .... يبدو انك غريب عن هذه القرية .... فأجابه حسن بنعم؛ فدعاه الرجل الأعمى إلى بيته ...... وعندما وصلا إلى البيت سال الرجل حسنا: ماذا تفعل في هذه القرية يا ولدي؟ .... فاخبره حسن إن السلطان أرسله لمعرفة قصته ورجاه أن لا يرده خائبا ......
أجاب الرجل الأعمى وهو يتحسر: حسنا سأروي لك حكايتي؛
كنت رجلا قويا, يهابني الآخرون وكان عندي سبعون بغلا انقل عليها لوازم الناس وحاجاتهم وفي إحدى السنين, انتشرت في البلاد مجاعة فجاء إليَّ التجار يرجونني أن أنقل على بغالي بضاعة لهم من مدينة إلى أخرى لقاء أجر كبير ....
ذهبت إلى هناك ... وفي طريق عودتي , صادفني رجل غريب وقال لي: انك تحمل قمحا ليأكل غيرك ... مقابل اجر زهيد ...
ولو جئت لأعطيتك ذهبا ... فتعجبت من كلامه، ذهب كيف ؟! فطلب مني أن يستأجر بغالي لأحمل عليها ذهبا على أن يعطيني حمل بغلين من الذهب ......
فوافقت فوراً. ورافقت الرجل الغريب إلى مغارة وحملنا كل الذهب على كل البغال .....
وفي الطريق دفعني الطمع والجشع إلى أن اسلب الغريب كل الذهب ....
فربطته ورحت أفتش جيوبه وقد كان يحمل قنينة صغيرة فصرخت في وجهه: ما هذا ؟
فأجابني وهو يرتجف: انه كحل ومن يكحل به عينه اليسرى يرى كل كنوز الدنيا ومن يكحل به عينه اليمنى فسيصاب بالعمى.
لم أصدق كلام الرجل .... ودفعني الجشع إلى أن أكحل عيناي الاثنتين ..... فأحسست بعيني تحترقان وصرخت واستنجدت .... لكن لم ينجدني أحد فقد فقدت بصري .....
ولابد أن الله أرسلك لي لتكون سببا في نقل قصتي للسلطان لكي ينشرها بين الناس, لكي يتعلم كل طماع إن عاقبة الطمع وخيمة فهي خزي في الدنيا وعذاب في الآخرة.
تعليقات
إرسال تعليق