القائمة الرئيسية

الصفحات

جلال الدين الرومي: من روائع شعره



مجموعة من روائع شعر ابن الرومي



* إنّي نهايتك
* أما قلتُ لا تذهبْ إلى هناك فإنّي الحبيبُ،    وأنّني نبعُ الحياة في سراب العدم؟
فلو هجرتَني لمائة ألف عام،     لا بدّ أن تكون عندي أخيرا لأنّي نهايتك.
أما قلتُ لا تبتهج بما تبديه لك الدنيا،      لأنّي صورة بهائك؟
أما قلت إنّي البحر وأنت فيه سمكة وحيدة،     ولا تذهبْ إلى اليابسة فإنّي يمُّ صفائك؟
أما قلتُ لا تقتربْ مثل الطيور من الفخّ،     تعال فإنّي قوة طيرانك وبأس جناحك؟
أما قلت إنّهم سيقطعون طريقك وسيطفئون نار فؤادك،  فإنّي نارك ولهيبك ودفء هوائك؟
أما قلت إنهم سيعكّرون ماء العيون،     وإنّك ستفقد دربَ النبع فإنّي ينبوع صفائك؟




لا تذهبي وحدك!
في خطى الغنج والدلال تسيرين، فلا تروحي وحدك !     يا حياة الأحبة في البستان لا تذهبي وحدك!
يا أسباب الأشياء لا تدخلي الروض وحدك!     أيتها الأفلاك لا تدوري بدوني،
ويا أيها القمر لا تشتعل وحدك!    فهذه الدنيا بك جميلة، وتلك الدنيا أيضا،
فلا تكوني في هذه بدوني،    ولا في الأخرى وحدك!
أيها الظاهر لا تظهر بدوني!    أيها اللسان لا تشْدُ وحدك!
أيها البصر لا تنظر بدوني!      ويا أيتها الروح لا تروحي وحدك!
الليل يتمرى في مرآة القمر نورا،     أنا الليل وأنتِ قمَري،
فلا تتحركي في السماء وحدك!      الأشواك نجت من النار بفضل الورد،
أنت ِالورد وأنا الشوك،    فلا تدخلي الروض وحدك!
أجسُّ خفقان رؤيتك لأحدّق في عيونك،     قفي ! انظري! ، أنا أنتظرُ، لا تذهبي وحدك،
أنت غريم الشاه، يا زهوا أنا نديمك،    وحين ترتفعين إلى سماء الديار،
فيا أيها الناطور لا تحرس الديار وحدك!     ويلٌ لمن يهيم في الدروب في غفلة من نورك،
أنتِ نور في الطريق، فيا أيها الدليل لا تتركني لوحدي!    أنتِ عند الناس العشقُ،
ولكنّي أسميك ربة الهيام،    أنتِ تَسْمينَ فوق أوهام الجميع، فل تتركيني لوحدي!


              


الزمن يجلب النهاية الخاطفة      لما تبقى من الرجال المندحرين
وذئب الموت سيمزق عما قريب      هذه الخراف المسكينة...
         

شاهد، كم بفخر يذهلون    برأس مرفوع
حتى يأتي مصيرهم بضربة مفاجئة    تلقيهم أمواتا....
         

أنت الذي أحببت حياة الغراب    برد الشتاء وثلج الشتاء
منفي أبدا من وديان   الورود الحمر، والعنادل....
           

خذ هذه اللحظة إلى قلبك    وعندما ستغادرك
ستظل تبحث عنها طويلا    كما لو أنها تختفي
مع مئات المصابيح والعيون. 
           

الراكب السماوي مر    ارتفع الغبار في الهواء
لقد أسرع، لكن الغبار الذي اختاره    مازال معلقا هناك.
مستقيمة ستكون رؤيتك    ولن تلتفت يمينا أو يساراً
  غباره هنا وهو في الأبدية.

             

من الذي قال أن الروح الخالدة تموت     ومن يجرؤ على القول
إن شمس الأمل تغيب     عدو الشمس هو فقط
من يقف على رأسه     رابطا كلتا عينيه صارخاً
انظروا، الشمس تموت
     

من الذي أطلق الروح    قل لي، من هو؟
من أعطى في البدء    هذه الحياة لي؟
من يتلبس، حياة الصقر    ووهبني لبرهة عيوني
فسوف يطلقني     لاصطاد جائزتي
       

كملح يذوب في المحيط    ابتلعت في بحر الله
الأيمان الماضي، الكفر الماضي    الشك الماضي واليقين الماضي
وفجأة أشرق في صدري نجم لامع    واختفت في ضوء ذلك النجم
كل شموس السماء.
         

الزهور تتفتح كل ليلة في السماء    والسلام في الأبدية في سلامي مع نفسي
مئات الحسرات تظهر من قلبي    وقلبي، مظلم وبارد
يضطرم من تنهداتي.  
       

انه راحة روحي    ويحل طائفا حول قلبي
حول قلبي يدور روح الرحمة    ضاحك من سريري الترابي
كالشجرة ارفع رأسي    لينبوع المرح الحي
يغسل حولي الأرض.
       

نسيم الصباح     يجرجر مسكه بأذياله
عبير ولد من حبي الجميل قبل أن يبور العالم
لا مزيد من النوم: فلتنهض   القافلة تسرع
والعطر الجميل يموت.

         

إذا رحلت الحياة     فالله يعطيك حياة جديدة
الحياة الأبدية تتجدد     فهذه الحياة من الموت
ينبوع الفساد يوجد في الحب     يجيء، وفي هذا البحر اللامتناهي من الحب يغرق.
لقد كنت سعيداً     ارقد في قلب اللؤلؤ
إلى أن ضربت بإعصار الحياة       فركضت في موجها المندفع
نطقت عاليا سر البحر    ورقدت مثل غيمه مستنفدة على الشاطئ بلا حراك.
         

انه يوقد العالم لهبا     ويضعني فوق مئة من السنة النيران
تلتف حول محرقتي    وعندما ابتلعني المد المشتعل تنهدت
لكنه وضع يده على فمي بسرعة.

                 

مع ذلك جربت كل الطرق لأرضي هواه    كل كلمة من جوابه تشهر سيفا
انظر كيف يقطر الدم من أطراف أصابعه    فلماذا يجد من الجيد أن يغتسل بدمي.

             


متذكرا شفتك، اقبل الياقوت الأحمر    لا املك أن ارتشف، شفتاي لا تمس هذا
يدي المبتهلة لا تصل إلى سماك البعيدة     ولذا فانا راكع اعتنق الأرض.
            (16)
بحثت عن الروح في البحر    ووجدت المرجان هناك
وتحت الرغوة     كان كل المحيط يرقد عاريا لأجلي

في ليل قلبي وعلى طول الطريق الضيق   
شعرت بالضوء    ارض أبدية من النهار.



نار العشق

و هذه  النار التي حلّت في الناي   هي نار العشق , كما أنَ الخمر تجيش
بما استقرّ فيها من فورة العشق   إن الناي نديم لكل من فرّقه الدهر
عن الحبيب , و إنّ انغامه قد مزَّقت ما   يغشّ أبصارنا من حُجُب
مَنْ رأى مثل الناي سمّاً و ترياقاً ؟    من رأى مثل الناي رفيقاً مشتاقاً ؟
إن الناي يروي لنا حديث الطريق    الذي ملأته الدماء, و يقصّ علينا قصص عشق المجنون
و هذه  الحكمة التي يرويها قد    حُرِّمت على من يشتري
على من لا عقل له , فليس   هناك من يشتري بضاعة اللسان
سوى الأذن


Reactions

تعليقات