ولعل ما تخشاه ليس بكائن *** ولعل ما ترجوه سوف يكون
ولعل ما هونت ليس بهين *** ولعل ما شدّدت سوف يهون
هل لمطلوب بذنب *** توبة منه نصوح
كيف إصلاح قلوب *** إنما هن قروح
أحسن الله بنا أن ** *الخطايا لا تفوح
ألا إننا كلنا بائد *** وأي بني آدم خالد
وبدؤهم كان من ربهم *** وكل الى ربه عائد
فيا عجباً كيف يعصى الإ اله ***أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكة *** علينا وتسكينة شاهد
وفي كل شيء له آيةٍ *** تدل على أنه واحد
بكيتُ على الشباب بدمع عيني ***فلم يُغن البكاءُ ولا النَّحيبُ
فيا أسفا اسفت على شبابٍ ***نعاه الشَيبُ والرأسُ الخضيبُ
عريت من الشباب وكان غضاً ***كما يعرى من الورق القضيبُ
ألا ليت الشبابَ يعودُ يوماً *** فأخبرهُ بما صنع المشيبُ
ومن شعره القريب من البساطة العامية في الزهد :
رغيف خبز يابس *** تأكله في زاويه
وكوز ماء بارد *** تشربه من صافيه
وغرفة ضيقة *** نفسك فيها خاليه
أو مسجد بمعزل *** عن الورى في ناحيه
تدرس فيه دفتراً *** مستنداً لساريه
معتبراً بمن مضى *** من القرون الخاليه
خير من الساعات في *** فيء القصور العاليه
تعقبها عقوبة *** تصلى بنار حاميه
فهذه وصيتي *** مخبرة بحاليه
طوبى لمن يسمعها *** تلك لعمري كافيه
فاسمع لنصح مشفق *** يدعى أبا العتاهيه
فيا من بات ينمو بالخطايا *** وعين الله ساهرة تراه
أما تخشى من الديان طرداً *** بجرم دائماً أبداً تراه
أتنسى الله وهو يراك جهراً *** وتنسى في غدٍ حقاً تراه
وتخلو بالمعاصي وهو دان *** إليك وليس تخشى من لقاه
وتنكر فعلها ولها شهود *** بمكتوب عليك وقد حواه
فيا حزن المسيء لشؤم ذنب *** وبعد الحزن يكفيه حماه
واعجبا للناس لو فكروا *** وحاسبوا أنفسهم أبصروا
وعبروا الدنيا إلى غيرها *** فإنما الدنيا لهم معبر
الخير مما ليس يخفى هو *** المعروف والشر هو المنكر
والموعد الموت وما بعده *** الحشر فذاك الموعد الأكبر
لا فخر إلا فخر أهل التقى *** غداً إذا ضمهم المحشر
ليعلمن الناس أن التقى *** والبر كانا خير ما يدخر
عليكم سلام الله إني مودع *** وعيناي من مض التفرق تدمع
فإن نحن عشنا يجمع الله بيننا *** وإن نحن متنا فالقيامة تجمع
ألم تر ريب الدهر في كل ساعة *** له عارض فيه المنيّة تلمع
إِنَّ الطَـبـيـبَ بِـطِـبِّــهِ وَدَوائِــــهِ *** لا يَستَطيـعُ دِفــاعَ مَـكـروهٍ أَتــى
ما لِلطَبيـبِ يَمـوتُ بِالـداءِ الَّـذي*** قَد كانَ يُبرِئُ جُرحَهُ فيما مَضـى
ذَهَبَ المُداوي وَالمُداوى وَالَّـذي*** جَلَبَ الدَواءَ وَباعَهُ وَمَنِ اِشتَرى
بَينا الفَتى مَرِحُ الخُطى فَرِحاً بِها*** يُسقى لَهُ إِذ قيلَ قَد مَرِضَ الفَتـى
إِذ قـيـلَ بــاتَ بِلَيـلَـةٍ مــا باتَـهـا*** إِذ قيلَ أَصبَحَ مُثخَنـاً مـا يُرتَجـى
إِذ قيلَ أَمسى شاخِصـاً وَمُوَجَّهـاً*** وَمُعَلَّـلاً إِذ قيـلَ حَـلَّ بِــهِ الــرَدى
قُل لِأَهـلِ القُبـورِ كَيـفَ وَجَدتُـم*** طَعـمَ مُـرِّ البِلـى وَثِقـلَ الـتُـرابِ
في بُيوتٍ سُقوفُهـا اللَبـنُ فيهـا*** أَسكَـنَ المَـوتُ جَوفَهـا أَحبابـي
وَأَتـاهـا الـبِـلـى فَـمَــرَّ عَلَـيـهـا*** فَـأَبَـت أَن تَسـيـغَ رَدَّ الـجَــوابِ
أَكَـلَ الـدودُ مِـن وُجـوهٍ حِسـانٍ*** لَـم تَـزَل فـي غَضـارَةٍ وَشَـبـابِ
بَـدَّدَ الـمَـوتُ شَملَـهُـم فَتَـنـادَوا*** بِـنَــزالٍ إِلـــى بُـيــوتٍ خَـــرابِ
فَـلَـهُ الحَـمـدُ إِذ قَـضـاهُ عَلَـيـنـا*** مُنزِلِ القَطرِ مِن مُتونِ السَحابِ
أَيا نَفسُ مَهما لَم يَـدُم فَذَريـهِو لِلمَوتِ رَأيٌ فيـكِ فَاِنتَظِريـهِ
مَضى مَن مَضى مِنّا وَحيداً بِنَفسِهِ ونَحنُ وَشيكاً لا نَشُـكُّ نَليـهِ
رَأَيتُ أَقَلَّ الناسِ هَمّاً أَشَدَّهُـم قُنوعاً وأَرضاهُم بِما هُـوَ فيـهِ
ولا خَيرَ في مَن ظَلَّ يَبغي لِنَفسِهِ مِنَ الخَيرِ ما لا يَبتَغـي لِأَخيـهِ
كَـأَنَّ مَحاسِـنَ الدُنيـا سَـرابٌ*** وَأَيُّ يَــدٍ تَنـاوَلـتِ الـسَـرابـا
وَإِن تَكُ مُنيَةٌ عَجِلَت بِشَـيءٍ*** تُسَـرُّ بِــهِ فَــإِنَّ لَـهـا ذَهـابـا
فَيا عَجَباً تَموتُ وَأَنتَ تَبنـي*** وَتَتَّـخِـذُ المَصـانِـعَ وَالقِبـابـا
أَراكَ وَكُلَّـمـا أَغـلَـقـتَ بـابــاً*** مِنَ الدُنيا فَتَحـتَ عَلَيـكَ بابـا
أَلَـم تَـرَ أَنَّ كُـلَّ صَبـاحِ يَــومٍ*** يَزيـدُكَ مِـن مَنِيَّـتِـكَ اِقتِـرابـا
وَحَــقَّ لِمـوقِـنٍ بِالـمَـوتِ أَلّا*** يُسَوِّغَهُ الطَعـامَ وَلا الشَرابـا
أَلَيـسَ الـلَـهُ مِــن كُــلِّ قَريـبـاً*** بَلى مِن حَيثُ ما نودي أَجابا
وَلَـم تَــرَ سـائِـلاً لِـلَّـهِ أَكــدى*** وَلَــم تَــرَ راجِـيـاً لِـلَّـهِ خـابـا
تعليقات
إرسال تعليق