يقال ان لها عدة أسماء منها الزباء وزنوبيا وزينب ...
وقال عنها مؤرخ يوناني :
إن سيرتها سيرة بطل لا سيرة امرأة .
واسم زينب بالآرامية «بت زباي» أي «نبت زباي» , ومعناه المجيدة .
وعلى هذه الصورة ورد في الكتابات التدمرية .أما اسمها زينب فقد فقد زعم مستشرق أنه اسم يوناني معناه» قوة المشتري»
وقد تعودت الشرقيات , في تدمر وسورية , أن يزدنه على أسمائهن .
وقال : إن» زباي» والدها أمير عربي من بني السميدع , كان قائد جيش تدمر , قلده هذا المنصب «اسكندر ساويروس «, القيصر الشرقي , لمّا جاز تدمر سنة 229 م , عند زحفه إلى محاربة الفرس . ثم رقي بعد ذلك إلى رتبة ناظر التجارة . وهذا القول يدلنا على أن زينب عربية كريمة النسب , وهذا ما كان يكفل لها مساعدة القبائل العربية السورية . غير أن هذا النسب الكريم لم يكن ليرضي نفسها الكبيرة . فقد قال مؤرخ روماني: إنها كانت تحب الانتساب إلى الملكات اللواتي اشتهرن في تاريخ الشرق بجمالهن , ك «سميراميس «ملكة أشور , و»ديدون» صاحبة قرطاجنة ,
وخصوصاً» كليوبترة» ملكة مصر , وكانت زينب تدعي بأنها جدتها لأمها .
على أنها إذا ساوت هؤلاء الملكات بالجمال , فقد تفوقت عليهن بالعفاف والحصانة , حتى قال المؤرخون : إنها بلغت فيهما ما لم تبلغه النساء . وقد أورد عرب الجاهلية أساطير شتى عن عفافها , وأجمع مؤرخوها على أنها كانت أشرف نساء الشرق خلالاً, وأنبلهن أخلاقاً , وأجملهن خلقاً . قال مؤرخ في جمالها وههيبتها : «إن جمال ملكة تدمر يفوق كل وصف : فلون وجهها ضارب إلى السمرة وحدقتا عينيها حالكتان كحدقتي النسر , وعلى شخصها سمات القدر ودلائل الحزم , وأمارات الأنس واللطف , مما تدهش له العقول وتفتن به الأبصار .أما لون أسنانها فدري , وصوتها جهوري كصوت الرجل «.
وكانت عالمة أديبة تحسن اللغات : المصرية , والآرامية , واليونانية , واللاتينية .ودرست تاريخ الاسكندر وتاريخ الشرق حتى قيل : إنها كتبت مختصراً لهما , وقرأت التاريخ اللاتيني , والتاريخ اليوناني .
حبها للأدباء والعلماء
وكانت تحب العلماء والأدباء , فحشدت منهم في بلاطها , بعد استيلائها على العرش , نخبة جليلة , فيها :» كليكراتيس «الصوري أعلم الكتبة والمؤرخين في أيامه .و»لوبركوس» البيروني , اللغوي الفيلسوف . و»بوسيانوس «الدمشقي , الذي لقب بأفضل المؤرخين وأعلمهم . وجعلت نديماً لها «لونجينوس «الفيلسوف الحمصي , فكانت ترتاح إلى مشورته في الأمور الأدبية , وتطلب رأيه في المباحث الفلسفية والسياسية .
وكان كذلك في بلاطها العالم «بولس السميساطي «, بطريرك أنطاكية . ويقول بعض المؤرخين : إنه عرفها أسرار الديانة المسيحية . ولكن من المقرر أن أمر دينها غامض اختلف تجاهه المؤرخون : فمنهم من قال إنها كانت نصرانية , وأثبت ذلك بما كانت تفتتح به الكتابات التدمرية , في أيامها , مما هو شبيه بالصلوات المسيحية , وبأن القديس» زينوبيوس «اسقف فلورنسة , كان من حفدتها . وقال آخرون : إنها كانت تعتقد بوجود الله ولكنها تنكر الوحي .
أولادها وحياتها
ولدت زينب لأذينة ثلاثة ذكور: وهب لات أي هبة الآلهة , وخيران وتيم الله , وثلاث إناث : ليبية, ولاونيدة , وأوتريبة . غير أن ولاية العهد لم تكن لأولادها , وإنما كانت لهيروديس بن أذينة من غيرها وهذا ما جعل بعض المؤرخين يزعمون أنه كانت لها يد في مقتل زوجها وولده هيروديس , لتجعل الملك في أولادها .
ولم تكن زينب تعيش عيشة النساء , وإنما كانت تحيا حياة الرجال .
وقد قال تريبيليوس بوليو: « إن أذينة وزينب كلاهما شجاع قوي .
يركب الخيل ويصطاد سباع البر والدباب والفهود ولأسود «
وكانت زينب تخرج إلى صيد الوحوش راكبة فرساً شأنها في الخروج إلى الحرب , لا هودجاً كالنساء . وقلما كانت تسير في المركبات , عادة الرومانيات , ولكنها كانت في أكثر الأحيان ترافق مشاتها فتمشي معهم ثلاث مراحل , أو أربعاً , لا تحس الوهن ولا التعب . ويذهب كثيرون من المؤرخين إلى أنها كانت أقوى بنية من زوجها , وأصبر منه على شهرته بالقوة والصبر على المشقات .
زينب وسابور
وكانت تلك الأيام أيام حروب وفتن ذلل فيها سابور ابن أردشير ملك الفرس رقاب الرومان في أقاليمهم الشرقية , فعزم الأمبراطور فلريانوس على محاربته , فزحف بجنوده إلى بلاد فارس . غير أن مكرتيس , أحد قواده خانه وأضل الجنود , فوقع الامبراطور في أيدي أعدائه , في جوار الرها , فأسره سابور سنة ستين ومئتين ,
وأذاقه مر الهوان . ولما عرف أذينة خبر القيصر تهيب سطوة سابور . ففكر في استعطافه , وأرسل إليه رسلاً يحملون الهدايا ,
وكتاباً يلتمس فيه منه الصلح والمعاهدة . فلم يجب سابور ولكنه تكبر , وأمر بحرق الرسالة ورمي الهدايا في الفرات . فلما علم أذينة بذلك غضب , وأدركت زينب أن سابور , إن تغلب على الرومان , هدد استقلال تدمر . فقررت وزوجها الانتقام منه , وتأهبا للحرب وانتدبا قبائل العرب فلبتهما , فولى أذينة ابنه هيروديس قيادتها , وضم إليها فرسان تدمر وقوّاسيها , وجعلهم في إمرة زبدا كبير قواده , وزباي زعيم فرسانه , وكلاهما نسيب له . وحشد الكتائب الرومانيه , وفلول جيش فلريانوس ومشى وزينب في رأس هذا الجيش إلى مدائن كسرى .
وكان سابور , بعد فتحه أنطاكية , قد فاجأه القائد الروماني كاليستوس , وشتت شمله , فأجفل الفرس مسرعين إلى بلادهم . فلما علم أذينة وزينب بذلك كرا عائدين إلى ملاقاة الفرس , فأدركاهم , قبل عبورهم الفرات فكسراهم شر كسرة وعبر سابور الفرات مهزوماً فنعم أذينة وزينب أمواله وكنوزه وأسرا حرمه غير أنهما لم يستطيعا إنقاذ فلريانوس , فقد لبث سابور ينكل به حتى أماته في نحو سنة اثنتين وستين ومائتين , فدبغ جلده وصبغه بلون أحمر , وعلقه في أحد معابد الفرس احتقاراً للرومان .
تعليقات
إرسال تعليق