شيد جعفر المنصور عاصمته الجديدة على موقع قرية كانت تعرف باسم (بغداد) منذ أيام حمورابي القرن الثامن عشر ق.م وسماها (مدينة السلام) تيمنا بالجنة ، وهو الاسم الرسمي الذي ظهر في وثائق الدواوين العباسية وعلى النقود والأوزان . غير أن الناس كانوا يسمونها في الغالب مدينة المنصور.
وتشير المصادر الى أن اسم القرية الأصلية في ذلك الموقع هو (بغداذ) و(بغدان) أو تبدل الباء ميماً فيصير الاسم (مغداد) أو (مغدان). وهذه الأسماء كلها ممنوعة من الصرف ولكنها تقبل التذكير والتأنيث ، فتقول (هذا بغداد) و(هذه بغداد) .ويشتق منها الفعل تبغدد اوتبغدن بمعنى سكن بغداد او تشبه بأهلها.
كما أطلقت على المدينة أسماء أخرى مثل (دار السلام) و(مدينة المنصور) و(مدينة الخلفاء) و(المدينة المدورة) و(الزوراء) . ولكن الاسم القديم (بغداد) هو الذي ظل عالقاً في أذهان الناس ويتردد على ألسنتهم ، فاحتفظت المدينة بذلك الاسم حتى يومنا هذا.
ورد اسم بجدادا في لوح يرجع تأريخه إلى القرن الثامن عشر قبل الميلاد ، زمن الملك حمورابي .
ورد اسم بغدادي في لوح آخر يعود تأريخه إلى الأعوام 1341 ـ 1316 قبل الميلاد. وفي لوح آخر يعود تأريخه إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد ورد اسم بجدادو.
ورد في وثيقة تأريخية يرقى عهدها إلى سنة 728 قبل الميلاد إبان حكم الملك الآشوري تجلات فلا سر الثالث (745 ـ 727 ق. م) اسم بغداد.
ذكر أبو الفضل بديع الزمان الهمداني (968 ـ د1007م) اسم بغداد في اثنتين من مقاماته الخمس والعشرين ، حيث قال في المقامة الازاذية:
اشتهيت الازاذ وأنا في بغداذ وكنت ببغداذ وقت الأزاذ.
اسم بغداد في لغة أهل بابل القدماء مكون من قسمين : أوله يعني البستان او الجنينة ، أما جزء اسمها الثاني داد فيعني الحبيب ، حيث يصبح معنى بغداد هو جنينة الحبيب وصديقه وبستانه.
كانت اللغة الفارسية هي اللغة الرسمية والمعتمدة في العراق منذ سقوط الدولة البابلية عام 539 ق.م إلى مجيء الفتح الإسلامي باستثناء فترات قصيرة خضع فيها العراق لاحتلال الأغريق ثم الرومان .
وكانت قرية بغداد الأصلية قائمة في أثناء الحكم الساساني للعراق. وهكذا جاء أقدم المؤرخين الذين تطرقوا إلى اسم مدينة بغداد مثل المقدسي وابن رستة بتفسيرات مستمدة من اللغة الفارسية لاسم بغداد.
وقد ترددت تلك التفسيرات في كتب المؤرخين اللاحقين . وأكثر هذه التفسيرات شيوعاً هو القائل إن (باغ)
تعني بستان بالفارسية و(داد) تعني عطية ، فيكون معنى الاسم (البستان العطية) , او (باغ)
اسم صنم او شيطان و(داد) عطية او هبة فيكون المعنى (عطية الصنم).
وقد قرب بعض المعاصرين المعنى فقال إنها تعني (هبة الله) . فلا غرابة في أن البكري (ت 487 هجري) قد ضمن اسم بغداد في مصنفه المعروف باسم (معجم نا استعجم) لأنه عد الاسم أعجمياً وأردفه بمعناه العربي .
كما كشفت الحفريات الآثارية في موقع بغداد عن واجهة كبيرة مبنية بالآجر البابلي وعليها اسم الملك البابلي الشهير نبوخذ نصر (605 ـ 562 ) ق.م وألقابه .
ومن ناحية أخرى , وجدت وثائق بابلية تحمل اسم بلدة (بغداد) تعود إحداها , وهي وثيقة قضائية الى أيام الملك البابلي حمورابي ( 1792 ـ 1750) ق.م صاحب مسلة القوانين البابلية الشهيرة.
وهكذا فإن اسم (بغداد) كان قد استعمل قبل ألف عام على الأقل من دخول كلمة (باغ) بمعنى الصنم او الإله إلى اللغة الفارسية .
وعند العودة إلى المعجم الذي أصدره الدكتور بهاءالدين الوردي للغة السومرية , نجد أن بغداد تعني (قلعة قبيلة الصقر) او (هيكل الصقر) وهذا مايؤيده عالم الآشوريات الفرنسي لابات في معجمه الخاص بالعلامات الأكدية .
المصدر: ويكيبيديا - الموسوعة الحرة
تعليقات
إرسال تعليق