الشعر، الحراشف، الفراء، الريش. من بين جميع أغطية الجسم التي صممتْها الطبيعة، يعتبر الريش أكثرها تنوعا وغموضا. كيف نشأت وتطورت هذه اللواحق appendages القوية إلى حد كبير والخفيفة الوزن إلى حد مدهش والمعقدة إلى حد مذهل؟ من أين أتت؟
لقد بدأنا في السنوات الخمس الماضية فقط الإجابة عن هذا السؤال. وقد تقاربت حديثا بضعة خطوط بحثية نحو استنتاجٍ جديرٍ بالملاحظة، مفاده أن الريش نشأ في الدينوصورات قبل ظهور الطيور.
يعتبر منشأ الريش حالة نوعية specific من السؤال الأكثر عمومية حول منشأ المُحْدَثات novelties التطورية التي تتمثل في البنى structures التي ليس لها سابقات واضحة في الحيوانات الأسلاف، والتي ليس لها بنى قريبة واضحة (مماثلة) في الأقارب المعاصرة. ومع أن نظرية التطور تقدم تفسيرا قويا لظهور الاختلافات الطفيفة في حجوم المخلوقات وأشكالها والأجزاء المكونة لها، فإنها تستمر في عدم إعطاء قدر مماثل من التوجيه لفهم ظهور بنى جديدة بالكامل، بما في ذلك الأصابع والأطراف والعيون والريش.
وكذلك حال دون التقدم في حل لغز أصل الريش ما يبدو الآن أفكارا خاطئة، مثل الافتراض بأن الريشة البدائية نشأت عن تطاول حرشفة الزواحف وانقسامها، وأن الريش قد تطور لتأدية وظيفة معينة مثل الطيران. ومما أسهم في بطء هذا التقدم انعدام وجود ريش أحفوري بدائي. ولسنوات عديدة تَمَثّل أقدمُ أحافير الطيور بالأحفورة «أركيوپتيرِكْس ليثوگرافيكا» Archaeopteryx lithographica، التي كانت تعيش في أواخر العصر الجوراسي (قبل نحو 148 مليون سنة). بيد أن الأركيوپتيركس لا تقدم تبصرات جديدة عن كيفية نشوء الريش، لأن ريش هذا الطائر لا يكاد يتميز عن ريش طيور اليوم.
هناك إسهامات حديثة جدا من ميادين عديدة وضعت حدا لهذه المشكلات التقليدية. ففي المقام الأول، بدأ علماء الأحياء بإيجاد أدلة جديدة على فكرة أن سيرورات النماء (بمعنى الآليات المعقدة التي ينمو بوساطتها الكائن الحي وصولا إلى حجمه وشكله الكاملين) يمكن أن تهيئ نافذة على تطور البنية التشريحية لأحد الأنواع. وقد تمت إعادة بعث هذه الفكرة في نطاق البيولوجيا النمائية التطورية evlutionary developmental biology، أو «الإيڤو-ديڤو» evo-devo، التي أعطتنا وسيلة قوية لاستقصاء منشأ الريش. وفي المقام الثاني، اكتشف علماء الأحافير مجموعة نفيسة من الدينوصورات ذات الريش في الصين. وتمتلك هذه الحيوانات تشكيلة منوعة من الريش البدائي لم يصل تطورها إلى ما وصل إليه الريش الموجود في الطيور اليوم، ولا حتى في الأركيوپتيركس. وتعطينا هذه التشكيلة المنوعة دالات clues حاسمة عن بنية ووظيفة وتطور اللواحق المعقدة للطيور الحديثة.
وقد نتج من جميع هذه الإنجازات صورة ثورية غنية بالتفاصيل، مفادها أن الريش قد نشأ وتنوع في الدينوصورات اللاحمة الثيروپودية الثنائية القدم قبل نشأة الطيور أو نشأة الطيران.
المعرفة
تعليقات
إرسال تعليق