القائمة الرئيسية

الصفحات

احصائيات مفاجئة حول تكلفة استهلاك الطاقة الكهربائية





د. أيوب أبودية - نشر تقرير علمي عن انفاق بريطانيا سنوياً ما مقداره 700 مليون جنيه إسترليني بفعل ترك المواطنين جهاز التلفاز في وضعية الترقب stand by، وذلك بعد أن يتم إطفاؤه ليلاً. فخلال تلك الفترة التي تبدأ عند إطفاء التلفاز بالريموت لغاية أن يتم تشغيله بالريموت أيضاً في مساء اليوم التالي فإنه يظل يستهلك الكهرباء، بالرغم من أنه لا يعمل؛ وبناءً عليه فإن بريطانيا تنفق الملايين المذكورة هدراً في عصر باتت الموارد النفطية شحيحة وباهظة التكاليف وبات التلوث يهدد العالم بالدمار!

 وبناءً عليه، فقد قمت بمراقبة جهاز تلفاز قديم عندي عمره نحو 10 سنوات، وهو من نوع جولد ستار، وقمت بالتجربة التالية:-

 تم أخذ قراءَة كمية استهلاك الكهرباء بمراقبة الكترونية بجهاز خاص، وذلك فيما كان التلفاز يعمل، وكانت قراءَته 0.258 كيلوواط.ساعة، ثم أغلق التلفاز بالريموت ليظل في حالة الترقب، فقرأ الجهاز 0.225 كيلوواط.ساعة، ثم أغلق التلفاز تماماً من كبسة الإطفاء

 off – on، فقرأ الجهاز 0.145 كيلوواط.ساعة، فكانت النتيجة على النحو التالي:-

 كان استهلاك التلفاز من الكهرباء وهو يعمل 0.113 كيلوواط.ساعة، أي أن كل 6 ساعات يعمل بها في اليوم، على سبيل المثال، يصرف نحو 8 قروش (0.113 × 12 × 6) وذلك على افتراض أن تكلفة الكيلوواط.ساعة الواحد المباع هي 12 قرشاً وفق تقرير شركة الكهرباء الوطنية لعام 2011 (ص 15).

 أما إذا أطفئ الجهاز بالريموت عن بعد وذهبنا للنوم عند منتصف الليل، على سبيل المثال، فإن الجهاز سوف يظل يستهلك الكهرباء لمدة 18 ساعة (من منتصف الليل حتى السادسة مساءً، مثلاً) فتكون تكلفة الكهرباء خلال هذه الفترة كالآتي:-

(0.225 – 0.145) × 12 × 18 = 17.28 قرشاً، أي نحو 17 قرشاً يومياً.

 أي أن مجمل استهلاك الكهرباء لجهاز التلفاز وهو عند وضعية الترقب stand by تبلغ أكثر من ضعف الكهرباء اللازمة لتشغيله لفترة 6 ساعات يومياً خلال الفترة المسائية.

 هذه التجربة هي مؤشر مبدئي فقط، ونحن ندرك أن الدراسة ينبغي أن تكون أشمل نطاقاً لتدرس أعدادا كبيرة من العينات الاجتماعية والأجهزة المتنوعة ... إلخ، ولكننا نريد بها أن تقدم حافزاً لإجراء الدراسات الواسعة وتعميم نتائجها في المجتمع خدمة للصالح العام.

 فإذا قسنا الاستهلاك السنوي للجهاز الواحد من أجهزة التلفاز المدروس في العينة، وهو الاستهلاك المهدور من الكهرباء على صاحب الجهاز والوطن بأسره، فإنه يكون كالآتي:-

 17 قرشاً خسارة مهدورة بلا نفع أو فائدة في اليوم تعني أكثر من 5 دنانير شهرياً، أو 60 ديناراً سنوياً. فإذا افترضنا أن هناك مليون ونصف جهاز تلفزيون فقط في الأردن وفق عدد مشتركي الكهرباء تقريباً، وإذ افترضنا كذلك أن معدل فقدان الكهرباء من هذه الأجهزة جميعاً متساوٍ مع الحالة المدروسة في العينة، فإنه قد بات الفقدان السنوي من ترك أجهزة التلفاز في وضعية الترقب هو 90 مليون دينار.

بهذا الوفر نستطيع أن نبني كل سنة محطتين لتوليد كهرباء بطاقة الرياح بقدرة 40 – 50 ميجاواط لكل منهما؛ وهي كمية تكفي جزءَاً عظيماً من التوسع السنوي في استهلاك الكهرباء في الأردن.

 عندما تخلد للنوم: لا تطفىء جهاز التلفاز من الريموت فقط

 وبناءً عليه، فإنه إذا طبقنا هذا الأسلوب ونشرنا الوعي بين المستهلكين لعدم ترك أجهزة التلفاز والحواسيب وغيرها على حالة الترقب، فإن الأردن يوفر مئات الملايين من الدنانير سنوياً. أضف إلى ذلك إرشاد المواطنين إلى كيفية شراء الأجهزة الكهربائية الموفرة للطاقة والمياه وكذلك نصحهم بتجنب تشغيلها في فترات الضغط على الشبكة، فإننا نعتقد أننا نكون قد أصبحنا نسير في الاتجاه الصحيح.

 لذا، نرجو الكف عن التذمر من نفقات الطاقة في الأردن والتوجه صوب تقنين الاستهلاك غير الضروري أولاً، وقبل الحديث عن أي توسعة مطلوبة لتغطية الحاجات المستقبلية. فليست عملية تغيير اللمبات العادية إلى لمبات موفرة للطاقة هي المحور المهم في الإستراتيجية الوطنية لتوفير الطاقة، على أهميتها، بل ينبغي أن يتجاوز ذلك إلى نشر الوعي بضرورة حسن اختيار الأدوات الكهربائية ومراقبة الأجهزة الكهربائية في المنزل ومنع استيراد الأجهزة المسرفة للطاقة والمياه ومتابعة صيانة التمديدات الكهربائية دوريا وعدم ترك إنارة الشوارع تعمل في وضح النهار وما الى ذلك.

والأهم من ذلك هو تنظيم القوانين واصدار تعليمات بسيطة خفيفة الظل غير منفرة للمستهلك أو المستثمر في توليد الطاقة النظيفة ومراقبة تطبيقها، فالوضع بات مقلقاً وقد آن الأوان لوضع خطة طوارئ لمواجهة هذه الأزمة التي تتعمق يوما إثر آخر وبخاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية منذ عام 2008. نحن نسمع قعقعة ولا نرى «درسا» حقيقيا ممأسسا!
Reactions

تعليقات