القائمة الرئيسية

الصفحات

الإشاعة: طريقة لاستخدام المعلومات كسلاح



الإشاعة تقتل أحياناً. هذه هي الفكرة التي يرددها كُثر، وليس قليل عدد أولئك الذين يقولون انه إذا أردتم التخلّص من منافس أو غريم أو هز مواقع منافس، أو على الأقل محاولة إعاقة مشاريع الجيران التي لا تروق لكم، فإن الوسيلة الأفضل هي، ولتحقيق الغاية المنشودة، اللجوء إلى سلاح الإشاعة.

ويقدم الكاتب الفرنسي لوران غيدرو المتخصص في هذا المجال، كتاباً يشرح فيه أسس الإشاعة، وأيضاً آليات عملها وسبل التصدي لها وكيفية إطلاق الإشاعة في المكان المناسب والزمان المناسب، ومن ثم فن نشر الإشاعة والنصائح الأخيرة لما ينبغي تجنّبه من إشاعات قد يستخدمها الخصوم، كما تقول عناوين الفصول في هذا الكتاب، تحت عنوان: «سبك الإشاعة».
وتتم الإشارة أولاً إلى أن الإشاعة هي، ومن دون شك، الممارسة الأكثر قدماً وبدائية، لطريقة استخدام المعلومات كسلاح. والإشارة أيضاً إلى أن تفرّد الإشاعة، يأتي من حيث إنها سلاح متاح للأكثر قوة، وكذلك للأكثر ضعفاً. وفي جميع الحالات يمكن أن تكون آثارها هي في غاية التخريب.
ومن خصوصيات الإشاعة الكبيرة أيضاً، بالقياس إلى الأسلحة الأخرى، أنها تحتفظ دائماً بقوتها الضاربة.
ويلفت المؤلف إلى أنه لا يمكن القول مسبقاً، ان إشاعة ما ستنجح. ومن السذاجة السطحية الاعتقاد بإمكانية السيطرة عليها تماماً، بعد انطلاقها. ولكن هناك بكل الحالات، ممرّات لا بد من العبور منها لنسج إشاعات قادرة على تجاوز الحقيقة. كما ان الإشاعة تسخر من الحقيقة، طبقاً لما يوضحه المؤلف. ويضيف: «بل هي تسخر من العالم كله».
ويمكن للإشاعة أن تكون مجنونة. وهي تولد وتعيش وتموت. ولكن لا أحد يستطيع فعل شيء، أمام إشاعة هي بصدد أن تصبح أسطورة. وعندها تكون خسائرها مؤكدة، وفي مواجهتها يغدو مسؤولو التواصل الإعلامي وإدارة الأزمات، عاجزين أو محبطين أو يأكلهم الغضب. وباختصار تجعل الإشاعة من تتجه ضدهم، بمثابة أسرى لديها.
ويبين المؤلف أن كتابه يهدف أساساً إلى شرح آليات عمل الإشاعة وتفكيكها. وهذا مع الإشارة إلى أن شرح آلية عمل مادة متفجرة شيء، ووضع قنبلة شيء آخر. ولكن المقصود هو عدم الخلط بين تفكيك لغم، والإرهاب.
والسؤال ليس معرفة إذا كانت الإشاعة صحيحة أو زائفة. ولكن معرفة ماذا يمكن أن يصدّق المعاصرون لها. وينقل المؤلف عن ج. ن. كابفيرر قوله: «ليس كون الأشياء صحيحة، أمر يدفعنا بالضرورة كي نؤمّن بها، ولكن كون أننا نعتقد بها تغدو صحيحة». ومثلًا إذا ظهرت إشاعة تقول بإمكانية نضوب مادة السكّر، فإن العديد من المستهلكين سيخفّون لشراء هذه المادة، وبالتالي يعقب ذلك واقع نضوب مادة السكّر من الأسواق.
وتتغذى الإشاعات من المشاعر البدائية السلبية، كالتمرّد والضغينة والاشمئزاز. وبالمقابل يرى المؤلف، أن المشاعر البدائية الإيجابية، كالحب والفرح والضحك، ليست أرضاً خصبة للإشاعات. وبما أن القسم الأكبر من الإشاعات يتأسس على الخوف والحقد، لذا يغدو من السهل التعرّف عليها.
Reactions

تعليقات