تكنولوجيــا النانـــو لتنظيــــف البيئـــــة
المهندس خالد العنانزة - تكنولوجيا النانو Nanotechnologyأو التكنولوجيا المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا فائقة الدقة هي تقنية مستحدثة تبشر بثورة علمية جديدة في المستقبل القريب في شتى مجالات الحياة، وتشمل تكنولوجيا النانو تصنيع وتطوير أجهزة ومواد جديدة بمقياس يتراوح بين نانومتر و100 نانومتر ، ومصطلح النانو مشتق من كلمة (نانوس) الإغريقية وتعني القزم ويساوي النانو ( واحد من المليار من المتر ).
التشبيك والتنسيق بين العلوم
تعتمد تكنولوجيا النانو على التشبيك والتنسيق بين العلوم البيولوجية والفيزيائية والالكترونية وعلم المواد وتكنولوجيا المعلومات وذلك لدراسة الهياكل البنائية للمادة الحية واللاحية على مستوى الذرة أو الجزيء لصناعة أجهزة ومعدات ومواد ومنتجات ذات سمات غير عادية . وتتمثل قاعدة تكنولوجيا النانو في مسالتين : الأولى أن بناء المواد بدقة من لبنات صغيرة يؤدي إلى مواد خالية من الشوائب ومستوى عال من الدقة والتشغيل والجودة ،والثانية أن المواد عندما تتجزأ إلى قطع اصغر وتتحول إلى المقياس النانوي تظهر خصائص وصفات تختلف عن خصائص المادة الأصلية .
إيجاد الحلول لمشاكل البيئة
هناك عدة مواد خاملة مثل البلاتين يمكن أن تصبح محفزات ، ومواد مصمتة مثل النحاس يمكن أن تصبح شفافة ، مواد صلبة مثل الذهب يمكن أن تتحول إلى مادة سائلة في درجة حرارة الغرفة ، مواد عازلة مثل السليكون يمكن أن تتحول إلى مواد موصلة.
أمام هذا الواقع الجديد أصبح العالم يتطلع إلى هذه التكنولوجيا الجديدة التي تعد بإيجاد الحلول لمشاكل البيئة ومعالجة الأمراض الصعبة وتوفير المنتجات والطاقة.
ففي مجالات الهندسة البيئية تلعب تكنولوجيا النانو دورا» هاما» في رصد التلوث وذلك من خلال الجسيمات النانوية التي تقوم بقياس نوعية الهواء والماء والتربة ، وترسل بيانات الرصد مباشرة إلى قواعد البيانات البيئية ،أو الكشف السريع عن الجراثيم الممرضة في مصادر المياه والمنتجات الغذائية .كما تساهم تكنولوجيا النانو في معالجة الملوثات والنفايات السامة الناتجة من المصانع وذلك عن طريق ضخ جزيئات نانوية عبر التربة لتصل بذلك إلى أماكن تواجد النفايات لهدمها وتحويلها إلى مواد غير ضارة عبر تفاعلات كيميائية خاصة ، فمثلا» تمكن باحثون في مختبر المحيط الهادئ الشمالي من تطوير عمليه صديقة للبيئة تعتمد على ألياف الكربون النانوية لمعالجة المياه الملوثة بمادة(بيركلوريت) السامة التي تستخدم في وقود الصواريخ والألعاب النارية والصناعات الكيميائية ، وهذه المادة وجدت في مستويات عالية في الأنظمة المائية في 35 ولاية أمريكية ، ووجودها ارتبط بأمراض الغدة الدرقية وإمكانية حدوث السرطان ومشاكل الصحة الأخرى.
مفاعل تجريبي لتثبيت الدقائق النانوية
تعتبر المياه الجوفية من مصادر مياه الشرب الهامة في العديد من دول العالم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية أصبح تلوث هذه المياه يشكل مشكلة ذات أبعاد بيئية وصحية لان وكالة حماية البيئة الأمريكية صنفت 30 ولاية تحتاج المياه الجوفية فيها إلى عملية تطهير وتنقية ، ومما يزيد من خطورة المشكلة أن احد أهم الملوثات الشائعة الموجودة في هذه المياه هو مركب سام وخطر يدعى ترايكلوروايثلين: (وهو مذيب عضوي يستخدم في تنظيف المعادن من الزيوت والشحوم) وحديثا» تمكن فريق من المهندسين الكيميائيين في جامعة رايس(هيوستن) من تخليق دقائق نانوية من الذهب والبالاديوم(معدن قريب من البلاتنيوم) لتفكيك الملوثات في المياه الجوفية وذلك عن طريق إضافة الدقائق النانوية إلى المياه الجوفية لتحول الملوثات الخطرة مثل المذيب العضوي السام( ترايكلورو ايثلين ) إلى مركبات غير سامة إطلاقا» .
حاليا» يقوم الفريق بإجراء عمليات تطهير لمواقع ملوثة مختلفة باستخدام مفاعل تجريبي يحتوي على حبيبات زجاجية لتثبيت الدقائق النانوية حيث تمرر المياه الملوثة من خلال المفاعل لتخرج نظيفة.
الرأي
تعليقات
إرسال تعليق