أشد ثلاث كوارث وقعت على مدار العقدين الأخيرين ضررا.
زلزال وتسونامي اليابان 2011
لم تشهد اليابان منذ الحرب العالمية الثانية كارثة بحجم الزلزال المدمر الذي كان بقوة 9 ريختر وضرب البلاد في 11 آذار (مارس). وربما يزيد عدد القتلى الذي وصل حتى الآن إلى أكثر من 16 ألف نسمة؛ نظراً لأن هناك ما يقرب من خمسة آلاف ما زالوا مفقودين. وبينما كانت الخسائر البشرية فادحة، إلا أنه كان هناك أيضاً تدمير واسع النطاق للمنازل والسيارات والطائرات والبنية التحتية والمشروعات التجارية. وتقترب التكلفة الاقتصادية الإجمالية للكارثة من 325 مليار دولار أمريكي.
إضافة إلى ذلك، ثمة آثار ممتدة للكارثة في مجال السياحة في البلد نتيجة لوجود شواغل تتعلق بالغبار النووي المتساقط في إمدادات المياه والإمدادات الغذائية. وعانت الشركات اليابانية، وبشكل خاص المصنعة للسيارات، من تعطيل سلاسل توريد قطع الغيار. وامتد التأثير عبر المحيط الهادئ لمصانع التجميع التي تقع في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان.
التسرب النفطي في خليج المكسيك 2010
بينما يمكن الآن تقدير تكلفة عملية تنظيف التسرب النفطي في خليج المكسيك بشكل معقول، إلا أن التكلفة الإجمالية لا يمكن التكهن بها بدقة على الإطلاق. وكان لهذا التسرب الهائل تأثير واسع يصعب تقييمه بدقة على اقتصاد الولايات المتحدة بأسره. فقد عانت المشروعات التجارية على طول الساحل نظراً لتجنب السياح المنطقة، كما أن الكثير من الصيادين عجزوا عن العمل في مناطق الصيد الطبيعية لهم. كما أدت الكارثة إلى تعطيل استكشاف النفط والتنقيب عنه في الخليج، ما حرم آلاف الناس من العمل. والأسوأ من ذلك، أن حياة الـ 11 شخصا التي أزهقت والأضرار الرهيبة التي وقعت على الحياة البرية والبيئة لا تقدر بثمن.
وخصصت شركة بريتش بتروليوم BP مبلغ 41 مليار دولار أمريكي من ميزانيتها لتغطية نفقاتها المتعلقة بعملية التنظيف والغرامات وتعويض الضحايا المتضررين. وهذا على افتراض أن الشركة لم تثبت إدانتها بجريمة يعاقب عليها القانون، مثل الإهمال الجسيم. وأجرت مؤسسة موديز تحليلاً مستقلاً وقدرت التكلفة بمبلغ 40 إلى 60 مليار دولار أمريكي. وألقت الضوء على الاحتمالات المجهولة بشأن العقوبات والغرامات المستقبلية المحتملة، وأرجحية أن تظل الإجراءات القانونية عالقة حتى أواخر عام 2012.
كما أن كمية النفط التي تسربت محل جدل أيضاً. وهذا مهم لأن الكمية المقدرة ستستخدم لحساب العقوبات. وثمة سؤال ما زال بلا جواب حتى الآن، ألا وهو ما مقدار التكلفة التي ستتمكن ''BP'' من استردادها من المقاولين من الباطن، أو ما إذا كان بعض المقاولين من الباطن سيتم تغريمهم بشكل مباشر.
إعصار كاترينا 2005
بعد ذلك بست سنوات ضربت عاصفة هوجاء من الفئة الخامسة سواحل لويزيانا والميسيسيبي، ومن الواضح أن إعصار كاترينا هو أكثر الكوارث الطبيعية التي ضربت الولايات المتحدة ضرراً. إذ وفرت الحكومة الفيدرالية تمويلا يصل إلى أكثر من 127 مليار دولار أمريكي موجهة لنطاق واسع من الإصلاحات. ويشتمل ذلك على إصلاح البنية التحتية وإنشائها، والإيواء المؤقت، وإصلاح المدارس والإعفاء الضريبي.
ومن المقدر أن تصل الخسائر المؤمنة لما يقرب من 60 مليار دولار أمريكي، شاملة أضرار الفيضانات. مقارنة بـ 21 مليار دولار أمريكي من الخسائر المؤمنة بالقيمة الحالية للدولار لإعصار أندرو الذي دمر جنوب فلوريدا في عام 1992.
فبينما تسبب إعصار كاترينا في خسائر مالية أكبر، إلا أن عدد الضحايا الذين قتلوا في إعصار جالفيستون عام 1900 كان أكبر بكثير. ففي هذه الأيام، كانت الأعاصير تضرب دون سابق إنذار. وحصد هذا الإعصار حياة ستة آلاف إلى 12 ألف شخص ودمر المدينة عن آخرها. وهذه خسارة فادحة مع الوضع في الاعتبار أن الكثافة السكانية كانت أقل بكثير منذ قرن مضى. وبالمقارنة، أودى إعصار كاترينا بحياة أكثر من 1800 شخص على مساحة جغرافية أوسع بكثير.
تجدر الإشارة إلى أن زلزال المحيط الهندي الرهيب الذي وقع عام 2004 راح ضحيته أكثر من 225 ألف شخص، إذ نجم عنه أمواج تسونامي ضخمة ضربت 11 دولة محيطة. وقدرت دائرة المساحة الجيولوجية في الولايات المتحدة الطاقة التي نجمت عن الزلزال بأنها تساوي 23 ألف قنبلة ذرية في حجم هيروشيما.
إننا لا نستطيع فعل الكثير حيال كوارث الطبيعة، ولكن كانت هناك تحسينات مهمة في التكنولوجيا للمساعدة في التنبؤ بالأعاصير والعواصف وأمواج تسونامي ومراقبتها. وأحدثت الأقمار الصناعية المعنية بالأحوال الجوية ثورة في القدرة على تتبع العواصف وتستطيع أجهزة استشعار المحيطات التنبؤ بدقة بالوقت الذي ستضرب فيه أمواج تسونامي الشاطئ. وتستطيع هذه الأجهزة حماية الأرواح، ولكنها لا تفعل الكثير بصدد تقليل الضرر المادي الذي تخلفه الكارثة.
إن تكنولوجيا الزلازل في تحسن، ولكن من غير المرجح أنه سيأتي اليوم الذي يتم فيه التنبؤ بالزلازل بأي درجة من الدقة. ولن يفيد كثيرا أن نقول إن هناك احتمالا كبيرا أن تقع كارثة خلال الشهر المقبل. بل إنها في الواقع، قد تؤدي إلى أضرار فادحة إذا كان هذا التوقع خاطئاً.
تعليقات
إرسال تعليق