ما معنى الرياضة النفسية وكيف امارسها؟
هذه طرائق للرياضة النفسية يوصي علماء التزكية بملاحظتها وهي كفيلة بتخليص أسير الهوى من براثن الشيطان عندما يغريه بمواقعة المعصية :
الأول : عزيمة حر يغار لنفسه وعليها .
الثاني : جرعة صبر يحمل نفسه على مرارتها ساعة الإغراء .
الثالث : قوة نفس تشجعه على شرب تلك الجرعة والشجاعة كلها صبر ساعة وخير العيش ما أدركه العبد بصبره .
الرابع : ملاحظة حسن موقع العاقبة والشفاء بتلك الجرعة .
الخامس : ملاحظته أن ما ينشأ عن الهوى من ألم أشد مما يحسه المرء من لذة .
السادس : إبقاؤه على منزلته عند الله تعالى ، وفي قلوب عباده وهو خير وأنفع له من لذة مرافقة الهوى .
السابع : إيثار لذة العفة وعزتها وحلاوتها على لذة المعصية .
الثامن : فرحة بغلبة عدوه وقهره له ورده خائبا بغيظه وغمه وهمه حيث لم ينل أمنيته.
التاسع : التفكير في أنه لم يخلق للهوى وإنما هيئ لأمر عظيم لا يناله إلا بمعصية الهوى.
العاشر : أنه يكره لنفسه أن يكون الحيوان البهيم أحسن حالا منه ؛ فإن الحيوان يميز بطبعه بين مواقع ما يضره وما ينفعه فيؤثر النافع على الضار ، والإنسان أعطي العقل لهذا المعنى .
الحادي عشر : أن يسير بكفره في عواقب الهوى فيتأمل كم أفاتت عليه معصيته من فضيلة ،وكم أوقعته في رذيلة ،وكم أكلة منعت أكلات ،وكم من لذة فوتت لذات ،وكم من شهوة كسرت جاها ،ونكست رأسا ،وقبحت ذكرا ،وأورثت ذما ،وألزمت عارا لا يغسله الماء غير أن عين الهوى عمياء .
الثاني عشر : أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه ثم يتصور حاله بعد قضاء الوطر وما فاته وما حصل له .
الثالث عشر : أن يتصور ذلك في حق غيره حق التصور ثم ينزل نفسه تلك المنزلة فحكم الشيء حكم نظيره .
الرابع عشر : أن يتفكر فيما تطالبه به نفسه من ذلك ويسأل عنه عقله ودينه يخبرانه بأنه ليس بشيء.
الخامس عشر : أن يأنف لنفسه من ذل طاعة الهوى فإنه ما أطاع أحد هواه إلا وجد في نفسه ذلاً ولا يغتر بصولة اتباع الهوى وكبرهم فهم أذل الناس بواطن قد جمعوا بين الكبر والذل .
السادس عشر : أن يوازن بين سلامة الدين والعرض والمال والجاه وبين نيل اللذة المطلوبة ؛ فإنه لا يجد بينهما نسبة ألبته فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا بهذا .
السابع عشر : أن يأنف لنفسه أن يكون تحت قهر عدوه فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزيمة وسقوط همة وميلا إلى هواه طمع فيه وصرعه وألجمه بلجام الهوى وساقه حيث أراد ومتى أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو همة لم يطمع فيه إلا اختلاسا وسرقة .
الثامن عشر : أن يعلم أن الهوى ما خالط شيئا إلا أفسده فإن وقع في العلم أخرجه إلى البدعة والضلالة وصار صاحبه من جملة أهل الأهواء ،وإن وقع في الزهد أخرج صاحبه إلى الرياء ومخالفة السنة ،وإن وقع في الحكم أخرج صاحبه إلى الظلم وصده عن الحق ،وإن وقع في القسمة خرجت عن قسمة العدل إلى قسمة الجور ،وإن وقع في الولاية والعزل أخرج صاحبه إلى خيانة الله والمسلمين حيث يولي بهواه ويعزل بهواه،وأن وقع في العبادة خرجت عن أن تكون طاعة وقربة فما قارن الهوى شيئا إلا أفسده .
التاسع عشر : أن يعلم أن الشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إلا من باب هواه فإنه يطيف به ليعرف أين يدخل عليه حتى يفسد قلبه وأعماله فلا يجد مدخلا إلا من باب الهوى فيسري منه سريان السم في الأعضاء .
العشرون : أن يتذكر أن مخالفة الهوى تورث العبد قوة في بدنه وقوة في لسانه ، وإن أغزر الناس مروءة أشدهم مخالفة لهواه وأنه ما من يوم إلا والهوى والعقل يعتلجان فأيهما قوي على صاحبه طرده وتحكم وكان الحكم له وأن الله سبحانه جعل الخطأ واتباع الهوى قرينين وجعل الصواب ومخالفة الهوى قرينين .
الحادي والعشرون : أن يعرف أن الهوى تخليط ومخالفته حمية وأنه يخاف على من أفرط في التخليط وجانب الحمية أن يصرعه دواؤه وان الهوى رق في القلب وغل في العنق وقيد في الرجل ومتابعة أسير فمن خالفه عتق من رقه وصار حرا وخلع الغل من عنقه والقيد من رجله واستطاع مسايرة الصالحين .
المصدر: موقع الحصن النفسي
تعليقات
إرسال تعليق