استراتيجية العصف الذهني ودورها في تنمية التفكير الإبداعي
خولة لطفي عبد الهادي - العصف الذهني هو توليد وإنتاج أفكار وآراء إبداعية من الأفراد والمجموعات لحل مشكلة معينة أو لمناقشة قضية معينة. أي وضع الذهن في حالة من الإثارة والجاهزية للتفكير في كل الاتجاهات لتوليد أكبر قدر من الأفكار حول المشكلة أو الموضوع المطروح، بحيث يتاح للفرد جو من الحرية والأمان يسمح بظهور كل الآراء والأفكار. وهنالك عدة مسميات لمصطلح العصف الذهني مثل العصف الدماغي أو إمطار الدماغ أو حفز الذهن أو تجاذب الأفكار أو توليد الأفكار.
*أهداف التدريس بطريقة العصف الذهني:
•تفعيل دور المتعلم في المواقف التعليمية.
•تحفيز المتعلمين على توليد الأفكار الإبداعية حول موضوع معين من خلال البحث عن إجابات أو حلول ممكنة للقضايا التي تعرض عليهم.
• اعتياد الطلبة احترام وتقدير آراء الآخرين.
•اعتياد الطلبة الاستفادة من أفكار الآخرين من خلال تطويرها والبناء عليها وتقويمها.
•تنمية الثقة بالنفس من خلال طرح الطالب آراءه بحرية دون تخوف من نقد الآخرين لها أو تقويمها.
*كيف ينمي العصف الذهني التفكير الإبداعي لدى الطلبة؟
-إن تأجيل الحكم على الأفكار المتولدة نتيجة العصف الذهني يتيح المناخ الإبداعي حيث أنه لا يوجد أي تدخل مما يوجد مناخاً حراً وإبداعياً.
-العصف الذهني عملية بسيطة لأنه لا توجد له قواعد خاصة تقيد إنتاج الفكرة ولا يوجد أي نوع من النقد أو التقييم.
-العصف الذهني عملية مسلية، فعلى كل طالب أن يشارك في مناقشة الجماعة أو حل المشكلة جماعياً. والفكرة هنا هي الاشتراك في الرأي أو المزج بين الأفكار الغريبة وتركيبها.
-العصف الذهني عملية علاجية، فكل طالب من المشاركين في المناقشة تكون له حرية الكلام دون أن يقوم أي فرد آخر برفض رأيه أو فكرته أو حله للمشكلة.
-العصف الذهني عملية تدريبية، فهي طريقة هامة لاستثارة الخيال والمرونة والتدريب على التفكير الإبداعي.
مبادئ العصف الذهني:
•إرجاء التقييم: لا يجوز تقييم أي من الأفكار المتولدة في المرحلة الأولى من الجلسة لأن نقد أو تقييم أي فكرة بالنسبة للطالب المشارك سوف يفقده المتابعة ويصرف انتباهه عن محاولة الوصول إلى فكرة أفضل لأن الخوف من النقد والشعور بالتوتر يعيقان التفكير الإبداعي .
• إطلاق حرية التفكير: أي التحرر مما قد يعيق التفكير الإبداعي وذلك للوصول إلى حالة من الاسترخاء وعدم التحفظ بما يزيد انطلاق القدرات الإبداعية على التخيل وتوليد الأفكار في جو لا يشوبه الحرج من النقد والتقييم، ويستند هذا المبدأ إلى أن الأفكار غير الواقعية والغريبة والطريفة قد تثير أفكاراً أفضل عند الأشخاص الآخرين .
•الكم قبل الكيف: أي التركيز في جلسة العصف الذهني على توليد أكبر قدر من الأفكار مهما كانت جودتها، فالأفكار المتطرفة وغير المنطقية أو الغريبة مقبولة ويستند هذا المبدأ على الافتراض بأن الأفكار والحلول المبدعة للمشكلات تأتي بعد عدد من الحلول غير المألوفة والأفكار الأقل أصالة .
•البناء على أفكار الآخرين: أي جواز تطوير أفكار الآخرين والخروج بأفكار جديدة فالأفكار المقترحة ليست حكراً على أصحابها فهي حق مشاع لأي مشارك لتوليد أفكار أخرى منها.
*خطوات جلسة العصف الذهني: تمر جلسة العصف الذهني بعدة مراحل يضمن أداء كلِ منها بدقة نجاح الجلسة بشكل كبير، وهي:
-تحديد ومناقشة المشكلة (الموضوع): قد يكون بعض الطلبة على علم ببعض تفاصيل الموضوع، في حين يكون لدى البعض الآخر فكرة بسيطة عنه. وفي هذه الحالة يطلب من المعلم إعطاء الطلبة الحد الأدنى من المعلومات لأن إعطاء المزيد من التفاصيل قد يحد بصورة كبيرة من تفكيرهم ويحصره في مجالات ضيقة ومحددة.
-إعادة صياغة الموضوع: يطلب من الطلبة في هذه المرحلة الخروج من نطاق الموضوع على النحو الذي عرف به، وأن يحددوا أبعاده وجوانبه المختلفة. وليس المطلوب اقتراح حلول في هذه المرحلة، وإنما إعادة صياغة للموضوع وذلك عن طريق طرح الأسئلة المتعلقة به. ويجب كتابة هذه الأسئلة في مكان واضح للجميع.
-تهيئة جو الإبداع والعصف الذهني: يحتاج المشاركون في جلسة العصف الذهني إلى تهيئتهم للجو الإبداعي. وتستغرق عملية التهيئة حوالي خمس دقائق يتدرب فيها الطلبة على الإجابة عن سؤال أو أكثر يلقيه المعلم.
-العصف الذهني: يقوم المعلم بطرح السؤال أو الأسئلة ويطلب من الطلبة تقديم أفكارهم بحرية. على أن يقوم أحد الطلبة بدور الكاتب الذي يدون الملاحظات بسرعة على السبورة أو لوحة ورقية في مكان بارز، مع ترقيم الأفكار حسب تسلسل ورودها. ويمكن للمعلم بعد ذلك أن يدعو الطلبة للتأمل بالأفكار المعروضة وتوليد المزيد منها.
-تحديد أغرب فكرة: عندما يتناقص توليد الأفكار من قبل الطلبة يمكن للمعلم أن يدعوهم الى اختيار أغرب الأفكار المطروحة وأكثرها بعداً عن الأفكار الواردة في الموضوع. ويطلب منهم أن يفكروا كيف يمكن تحويل هذه الأفكار إلى أفكار عملية ومفيدة.
-جلسة التقييم: الهدف من هذه الجلسة هو تقييم الأفكار و تحديد ما يمكن أخذه منها. وفي بعض الأحيان تكون الأفكار الجيدة بارزة وواضحة للغاية. ولكن في الغالب تكون الأفكار الجيدة دفينة ويصعب تحديدها، ويخشى أن تهمل وسط العشرات من الأفكار الأقل أهمية. وعملية التقييم تتطلب نوعاً من التفكير الانكماشي الذي يبدأ بعشرات الأفكار ثم تلخيصها للوصول الى القلّة الجيدة.
*قواعد لإنجاح العصف الذهني:
•قناعة قائد النشاط بقيمة أسلوب العصف الذهني.
•وضوح موضوع البحث لدى المعلم والطلبة قبل الجلسة.
•وضوح مبادئ وقواعد الحوار والتقيّد بها من قبل الجميع.
•التمهيد بتوعية الطلبة لاتباع قواعد المشاركة للالتزام بها طوال الجلسة.
•قدرة المعلم على الإبقاء على حماس الطلبة في أجواء من الاطمئنان والاسترخاء والانطلاق.
معوقات العصف الذهني:
1- المعوقات الإدراكية: وتتمثل بتبني الإنسان طريقة واحده للنظر إلى الأشياء والأمور ثم يرتبط بهذا النمط مطولاً ولا يتخلى عنه، فهو لا يدرك الشيء إلا من خلال أبعاد تحددها النظرة المقيدة التي تخفي عنه الخصائص الأخرى لهذا الشيء. كذلك قد يسعى البعض إلى افتراض أن هنالك حلاً معيناً للمشكلات يجب البحث عنه .
2- العوائق النفسية: وتتمثل في الخوف من الفشل، ويرجع هذا إلى عدم ثقة الفرد بنفسه وقدراته على ابتكار أفكار جديدة وإقناع الآخرين بها، وللتغلب على هذا العائق يجب أن يدعم الإنسان ثقته بنفسه وقدراته على الإبداع وبأنه لا يقل كثيراً في قدراته ومواهبه عن العديد من العلماء الذين أبدعوا واخترعوا واكتشفوا .
3- التركيز على ضرورة التوافق مع الآخرين: يرجع ذلك إلى الخوف من أن يظهر الشخص أمام الآخرين بمظهر يدعو للسخرية لأنه أتى بشيء أبعد ما يكون عن المألوف بالنسبة لهم .
4- القيود المفروضة ذاتياً: يعتبر هذا العائق من أكثر عوائق التفكير الإبداعي صعوبة، ذلك أنه يعني أن يقوم الشخص من تلقاء نفسه بوعي أو بدون وعي بفرض قيود لم تفرض عليه لدى تعامله مع المشكلات.
5- التسليم الأعمى للافتراضات: وهي عملية يقوم بها العديد من الطلبة بغرض تسهيل حل المشكلات وتقليل الاحتمالات المختلفة الواجب دراستها.
6- التسرع في تقييم الأفكار: وهو من العوائق الاجتماعية الأساسية في عملية التفكير الإبداعي. ومن العبارات التي عادة ما تفتك بالفكرة في مهدها وتصيب صاحبها بالإحباط ما نسمعه كثيراً عند طرح فكرة جديدة مثل: لقد جربنا هذه الفكرة من قبل وهي قديمة جداً، من يضمن نجاح هذه الفكرة، هذه الفكرة سابقة جداً لوقتها، وهذه الفكرة لن يوافق عليها المعلم.
تعليقات
إرسال تعليق