القائمة الرئيسية

الصفحات



عندما يقع خلاف بين زوجين غالباً ما يسارع كل منهما لإلقاء المسؤولية على الآخر، في حين يلجأ البعض لإسلوب معاكس تماماً فيلقي  المسؤولية على نفسه مع اقتناعه المسبق ببراءته، وذلك بهدف تجنب النقاش والهرب من وضع يعتبر نفسه خاسراً فيه.
لكن السؤال: ماذا لو كان مسؤولاً بالفعل عن الخلاف مع شريك العمر؟

ماذا يكون رد فعل من يهرب من النقاش إذا كان هو أو هي من يدمر العلاقة الزوجية، ربما من دون أن يدري، وذلك بتصرفات خرقاء وعادات مستهجنة وتفكير غير سوي؟

علماء النفس يطرحون مجموعة من الأفكار عن بعض الممارسات السلبية التي يتورط فيها الكثير من المتزوجين، وسبل التخلص منها، وفي ما يلي نقتطف بعض النماذج:
افتراضات خاطئة
لا براءة لأحد في هذا المجال، فمن المؤكد أننا جميعاً وقعنا في هذا الخطأ، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الوقوع مجدداً من دون أن نتعلم الدرس.
يفترض الزوج أو الزوجة أنه قادر دائماً على قراءة أفكار شريك العمر، فإذا قال شيئاً فهو يقصد شيئاً آخر، وإذا فعل كذا فهو يقصد شيئاً آخر مختلفاً تماماً.
ليس هذا فقط.. فإذا لم يقل شريك العمر شيئاً أو لم يفعل شيئاً، فهذا معناه أنه يقصد كذا وكذا.. أو أنه يخفي أمراً.. وبالطبع فصاحب الافتراضات هذه والقادر على قراءة الأفكار يكمل المشوار بتصور تفاصيل ما يعتقد أن شريك العمر كان يعتزم قوله أو فعله، وتفاصيل ما كان يخفي أيضاً.
الذكاء الزائد عن حده يقتل الزواج ويوصل طرفيه إلى الخلافات ومحاكم الطلاق.
انتقادات لا تنتهي
لا أحد يرضى بأن يكون محل انتقاد دائم من قبل شريك العمر، والحقيقة التي لا يعرفها من يوجه الانتقادات أنه بهذه الطريقة إنما يدفع شريك العمر لمزيد من العناد ولمزيد من التمسك بالممارسات التي تسبب الانتقادات إن لم يكن لاستضافة المزيد منها.
خلافات علنية
يتصور البعض أن الانخراط في جدال عقيم وتبادل الصراخ مع شريك العمر أمام الآخرين أو في الأماكن العامة مسألة مقبولة، أو أنها تعطيه اليد الأعلى في إدارة الخلاف، معتقداً أن شريك العمر سوف يشعر بالحرج أو يخجل من الرد أمام الناس.. وكأن القضية محل الخلاف لا يمكن أن تنتظر حتى الوصول إلى البيت لمناقشتها على انفراد.

مكابرة وعناد
المكابرة والعناد هما السبب وراء غالبية الخلافات الزوجية لأن البعض غير قادر على تحمل مسؤولية أفعاله أو أقواله.. فهو أصلاً لا يعترف بأنه أخطأ فلماذا يعتذر حسب اعتقاده.
يقول المتخصصون أن أسهل طريقة لخسارة احترام شريك العمر هي عدم القدرة على تحمل مسؤولية أخطائنا والاعتراف بهذه الأخطاء، في حين أن المسألة يمكن حلها بكل سهولة عبر الاعتذار وكلمة آسف.. بشرط أن يكون قائلها صادقاً مع نفسه قبل كل شيء.
تهديد ووعيد
يمكن القول إن هذا الأسلوب في التعامل بين الزوجين هو الأسوأ على الإطلاق، وهو أسلوب الملجأ الأخير: إذا لم تفعل كذا سوف تندم لأن النتيجة لن تكون في مصلحتك.
التهديد دليل أكيد على أن العلاقة الزوجية تعاني من مرض ليس من السهل شفاؤه، فهذا الأسلوب لا يمكن أن يستقيم مع الاحترام الواجب بين الزوجين.

تهديد سلبي
في حين يعتمد البعض أسلوب التهديد والوعيد، هناك من يلجأ إلى أسلوب معاكس تماماً.. معاقبة شريك العمر برفض التحدث معه أو معها، وفي غالب الأحيان لا يكون الشريك على علم بالخطأ الذي ارتكبه.
السلبية في التعامل بين الزوجين لا يمكن أن تؤدي إلا إلى تأجيج الخلاف في حين أن المناقشة الهادئة والحفاظ على الاحترام المتبادل هما السبيل الوحيد لتسوية أي خلاف يمكن أن يقع بين الزوجين.
غيرة زائدة
يعرف المتخصصون الغيرة بأنها شكل من أشكال الافتتان الصريح أو العلني وهي تعبر عن الشعور بعدم الأمان والعجز عن الحب الحقيقي وفقدان الثقة بشريك العمر، وهي صفات لا يجوز أن تكون بين أي زوجين.
فالشعور بالأمان والثقة بشريك العمر جزء لا يتجزأ من العلاقة الزوجية الصحيحة والسليمة، ومن يفتقدهما لا يثق بنفسه فكيف نطالبه بالثقة بشريك العمر؟
كذب
الكذب أشبه بسيف ذي حدين، فمن يكذب على شريك العمر اعتقاداً بأنه يحميه من الشعور بالحرج مثلاً فهو مخطئ لأنه بكذبه يسيء الى شريك العمر أكثر مما يتصور ويدمر العلاقة الزوجية.
وبالطبع لا بد من الفصل بين أنواع الكذب، فهذه كذبة بريئة بيضاء وتلك كالحة السواد تحمل الشؤم بين طياتها.. فهل يعرف المتزوجون الحدود الفاصلة بين هذين النوعين؟

نقاش بلا هدف
من بديهيات الحياة الزوجية أن تختلف الآراء بين الزوجين حول الكثير من أمور الحياة اليومية.. لا مشكلة في ذلك، بل إن المتخصصين الاجتماعيين يؤكدون أهمية مثل هذه الخلافات ويعتبرونها دليلاً على إيجابية العلاقة ونجاحها.. لكن المشكلة الحقيقية تقع حين ينخرط الزوجان في جدال حول نقطة خلافية عادية جداً فيقفز أحدهما فجأة لنبش الماضي أو أن يتصور نفسه، أو نفسها، أنه في حلبة مصارعة والمطلوب منه الفوز في المباراة بالضربة القاضية، حتى لو اضطر الى استخدام كل الأسلحة الممنوعة ضد الخصم الذي يفترض به أن يكون شريك العمر.
عندما ينحرف النقاش عن جادة الصواب يجب وقفه على الفور قبل أن تتطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه وساعتها لن يفيد الندم وعض الأصابع.
على الزوجين في مثل هذه الحالة.. أو من الأفضل القول إنه يتعين على من نبش الماضي أو من يريد الفوز بالضربة القاضية أن يتوقف عن النقاش العقيم ويعيد تركيز ما يريد قوله أو ما يريد الوصول إليه.
ما المانع من القول: يبدو أننا ابتعدنا عن موضوعنا الرئيسي.. كنت تقول إنك تعتقد أو تشعر بكذا وكذا .. أليس كذلك؟.. أو: ما أريد قوله حول موضوعنا الأساسي هو كذا وكذا.
أكبر خطأ يرتكبه الزوجان هو تبادل الاتهامات وإلقاء المسؤولية على الطرف الآخر، مثل هذه التصرفات لن تفيد أبداً، بل على العكس يمكن أن يُحمل أحدهما أو كلاهما على قول أو فعل شيء يندم عليه طوال حياته.

تجسس الكتروني
مع دخولنا في عالم التكنولوجيا عبر الكمبيوتر والهواتف الذكية صار لكل منا بريده الإلكتروني وربما عشرات كلمات السر.. وبالطبع بات اللهو غير البريء والخيانة الزوجية أكثر سهولة بالنسبة للكثيرين من ضعاف النفوس مما يشجع البعض على التجسس.. الزوجة تتجسس على زوجها والزوج يتجسس على زوجته.. الكل يتجسس على الكل.. الكل يريد معرفة ما يرسل وما يتسلم شريك العمر من رسائل إلكترونية ورسائل نصية وصور و... و... إلى آخر القائمة الطويلة.
التجسس في مثل هذه الأمور دليل على عدم الثقة، وفي الوقت نفسه لن يعيد الثقة المفقودة ولن يعطي أي نتائج إيجابية بل سيزيد الأمر سوءاً.
بدلاً من التجسس بهذه الطريقة، ألا تستطيع الزوجة على سبيل المثال أن تراقب تصرفات زوجها في منزله بطريقة حضارية لا تجرح شعوره ولا تسبب له أو لها أي حرج.
هل هناك أي تغير في تصرفاته معها أو تصرفاته في المنزل.. هل يعود إلى المنزل من عمله في الوقت العادي.. هل يقضي وقتاً أطول من المعتاد أمام الكمبيوتر.. هل يرد على كل الاتصالات الهاتفية الواردة.. هل يتعمد إجراء اتصالات هاتفية حين ابتعادها عنه في المطبخ أو في الحمام أو مع الأطفال مثلاً؟
إذا كانت هناك شكوك حول تصرفاته ليس أمامها غير المناقشة الهادئة.. واختيار الوقت المناسب لطرح الأسئلة لكن بشرط ألا تتحول إلى محقق يريد ابتزاز المعلومات من الضحية.

رسائل مُعَلّبة
لا أحد يستطيع تجاهل كيف غيرت التكنولوجيا حياتنا نحو الأفضل بالطبع، لكن البعض بات يستخدمها في غير محلها. الزوج يناقش تفاصيل حياته وخلافاته مع زوجته عبر البريد الإلكتروني أو بواسطة الرسائل النصية.. أو أن الزوجة تتواصل مع زوجها بهذه الطريقة، كأنهما يعيشان في طرفي المعمورة في حين أنهما يعيشان تحت سقف واحد يفترض به أن يحتويهما في السراء والضراء وما  بينهما.
ألا يعرف هؤلاء الأزواج والزوجات أن في الإمكان طرح الموضوعات ذاتها أثناء مناقشة هادئة وجهاً لوجه وربما حول فنجان من القهوة مثلاً؟
ألا يعرف هؤلاء أن في إمكانهما معرفة الكثير من حركة العينين واليدين ومن ملامح الوجه وطريقة الجلوس؟ ألم يسمع هؤلاء عن لغة الجسد التي هي أكثر فصاحة من الرسائل التكنولوجية المعلبة والصامتة صمت القبور.
ألا يعرف هؤلاء أن من المحتمل فهم هذه النوعية من الرسائل بطريقة خاطئة.. خطأ إملائي مثلاً قد يقلب الصورة رأساً على عقب.. نقطة هنا وفاصلة هناك ويتغير المقصود تماماً، فما الحكمة من مثل هذا التصرف سوى أنه اعتراف بالعجز عن المواجهة؟

مركز تحقيق
يحلو للبعض أن يحول عش الزوجية إلى مركز تحقيق، يوظف نفسه فيه محققاً وقاضياً يصدر الأحكام القطعية.. يظل يطرح الأسئلة ذاتها حول الموضوعات التي يريد معرفتها.
من المهم للزوجين أن يعرفا كل التفاصيل عن شريك العمر، لكن الإلحاح في السؤال هو المشكلة.
نسبة كبيرة من المتزوجين، خاصة النساء، لا يتعبون من ترديد السؤال الأزلي نفسه: هل تحبني؟ ما شعورك بالنسبة لي؟ بماذا تفكر حين نكون معاً أو حين تبعد عني؟
مثل هذه الأسئلة التي لا تتعب صاحبتها تعني شيئاً واحداً هو أنها لا تثق بنفسها أو لا تثق ولا تصدق شريك العمر، أو كليهما معاً. ومن المهم الإشارة إلى أن هذا الأمر ينطبق على الرجال أيضاً.
السؤال ليس عيباً ولا حراماً، لكن الإلحاح في طرحه بمناسبة ومن دون مناسبة دليل على أن العلاقة الزوجية تعاني من مرض يجب معالجته قبل فوات الأوان.

فضل سالم
Reactions

تعليقات