يبحث كثيرون عما يشفي غليلهم من موقف أو شخص، أو ربما رد فعل طبيعي لإخفاق في أمر ما، فمنهم من يتمنى ضرب أحدهم أو ضرب ذاته، أو تكسير الأواني الزجاجية، أو رمي أي شيء بيدهم لتفريغ طاقاتهم، التي شحنت بفعل الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية.
عندها يظهر على الشخص ما يشير إلى فقدان اعصابه وتوتره الشديد، ما يجعله يبحث بالفعل عما يفرغ طاقات الغضب من داخله.
ويرى علماء نفس، أن السب والضرب وتكسير الأواني، بالفعل أمور تؤدي إلى راحة نفسية، وكأن شيئا لم يكن، وكذلك فإن فكرة مشاهدة أفلام الرعب، تغير المزاج، وتعمل على تفريغ الغضب، وتشتت الذهن عما يغضب.
فعندما تغضب الثلاثينية لما عوض، تبحث عما يمكن أن يفرغ غضبها غير أنها لا تلجأ للتكسير "لخوفها من التكسير، لا سيما أن الأواني الموجودة في بيتها باهظة الثمن، وغالية على قلبها"، بحسب قولها.
إلا أن زوجي عرف كيفية الترويح عني، وتخفيف حدة توتري، وكأن شيئا بالفعل لم يكن، بحسب لما التي تقول أعود يوميا من عملي في أحد المختبرات الطبية، مكتئبة وغاضبة من مديرتي المتسلطة وغير العقلانية في طلباتها"، غير أنها وجدت أن الحل الأسلم الذي اتبعه زوجها، بإخراجها لأحد المولات واللعب بالقبضة الحديدية".
وتفسر تلك الحالة، بأنها لعبة تظهر القوة عند الشخص، تدخله في منافسة بين طرفين أو أكثر حسب الاتفاق، وتؤدي شدة الضرب، الى التخفيف بل إنهاء الحالة العصبية تماما.
وتستذكر العشرينية فريال السيد، أنها وقبل ثلاثة أعوام كانت تعيش في دبي، ولأنها أحبت الحياة هناك هي وزوجها أرادت الاستمرارية والبقاء، إلا أن ظروفا اضطرتهما للرجوع إلى الأردن، ولتخفيف حدة هذا الظرف الذي أثر كثيرا على نفسيتها وصحتها، أراد زوجها مساعدتها.
وتقول "سمع زوجي أن هناك مطعما يتناول الشخص فيه وجبته، ومن ثم ينتقل إلى حائط التكسير، ورصت هناك أجمل الصحون الراقية، والتي بالفعل يستخسر الشخص أن يخدشها، إلا أن صاحب الظروف النفسية يتمنى تكسير ذاته للراحة في بعض الاحيان وبالفعل قمت بتكسير صحوني، والتي تبلغ 11 صحنا وأخذت صحون زوجي".
وتكمل عند خروجها من ذاك المكان كانت الحياة قد تغيرت ولو قليلا.
يقول باحثون في جامعة "كيل" البريطانية "إن هناك من ينفس عن غضبه بطريقته، وأن بعض الأمور غير المرغوب بها في الوضع الطبيعي، من الممكن أن تكون شفاء لحالات التوتر والغضب، ومن هذه الطرق هي الشتم، فهو يخفف عن الهم.
وعند التجربة التي أجريت على طلاب جامعيين متطوعين، رجح الباحثون أن السباب أو الشتائم أو ما شابه يزيد معدل دقات القلب، ويسمح بالتعامل في شكل أفضل مع الأوضاع المزعجة.
اخترع اليابانيون علاجا للمكتئبين والمصابين بحالات نفسية، وهو تكسير الصحون القابلة للكسر، بحيث يستشعر من يقذف بالصحن بقوة على الحائط، أنه يقذف شحنات من الإحباطات، بسبب المشاكل النفسية المتراكمة، ويدخل الشخص "كاسر الصحون"، شعورا بأنه أخرج بعض معاناته من الداخل إلى الخارج، لتتكسر مع مجموعة الصحون المقذوفة.
يؤكد اختصاصي علم النفس د. محمد الحباشنة، أن ما قيل سابقا هو صحيح، لكن الأوضاع الطبيعية لا تحتمل مثل هذه السلوكيات، والتي تعد خاطئة، إلا أنها صحيحة إذا كان الغرض منها تغيير الحال والمزاج وإنهاء العصبية.
ومن الأمور التي تعمل على تخفيف حدة التوتر، وأكدتها العديد من الدراسات النفسية هي غسل الأطباق وأدوات المطبخ، لأنها تقضي على القلق عند المرأه، وتحسن من الحالة النفسية بشكل كبير.
وتؤكد دراسات أيضا أن العلاقة بين العمل المنزلي والاسترخاء النفسي للنساء، يكمن في محاولة الخروج من الدائرة المغلقة التي يدخلن فيها نتيجة تولد شعور القلق لديهن، وبالتالي يتم كسر هذه الدائرة بعمل ايجابي.
وينصح بطريقة أخرى تستخدم أثناء العمل وفي أي مكان، وهي أن يقوم الشخص بمسك كرة مطاطية والضغط عليها بكل قوته، لإخراج الطاقة السيئة بداخله"، وهي طريقة فعالة وآمنة ومهذبة للغاية للتعبيرعن الغضب، دون أن تؤدي لمشكلات، وصدام يسبب العديد من المتاعب بعدها"، وفقا لما يقول الحباشنة.
ويوضح أنه في حال شعر الشخص أنه سيكسر أو يحطم شيئا ما، ويساعده في التخلص من غضبه،يمكنه أن يقوم بذلك.
يقول اختصاصي علم الاجتماع د. محمد جريبيع، ان التكسير كتعبير عن الغضب، يمكن أن يكون صحيحا، لكنه غير مقبول اجتماعيا، وعلى الشخص أن يجد حلولا أخرى تخفف من حدته وتغير حالته العصبية، مشيرا إلى أن المجتمعات العربية تقوم ببعض الأمور، كتغيير الأجواء والخروج من منطقة الغضب، أو من خلال الدعاء لتفريج الهموم، وقراءة القرآن، وهي بالتأكيد تعمل على تغير الحال واختيار الافضل.
وينصح بضرورة ممارسة الرياضة والمشي الهادئ والتأمل، وتناول كميات كبيرة من السوائل، وخاصة الماء، وعدم تناول العقاقير أو المستحضرات الطبية، لمن يعانون من الضغوطات النفسية والإجهاد، مؤكدا أن مقاومة الإجهاد بالوسائل الطبيعية المتاحة، كالمشي وكيّ الملابس، وغيرها من النشاطات، تساعد على تخفيض ضغط الدم العالي وإبطاء نبضات القلب السريعة.
طرق غريبة متبعة غربيا للتخفيف من التوتر
هناك بعض الطقوس والتصرفات ارتبطت ببعض الدول الغربية للتخفيف من التوتر وعرفت عنها فمثلا:
في اليونان يتعامل المواطنون مع الغضب عن طريق الرقص والصراخ وتوبيخ الآخرين، وإذا كان الشخص مصدر الغضب موجوداً فإن الناس يقومون بالصراخ بوجهه.
في نيوزيلاندا هناك طريقة غريبة للتنفيس عن الغضب، وهي عن طريق تحطيم السيارات التي يشترونها بثمن رخيص، ويقومون بتكسيرها عند الشعور بالغضب، ثم بعد ذلك يرشونها بطلاء وتصبح شكلاً فنياً بعدها.
في إيطاليا، فان تكسير الأطباق يكون الحل المثالي للتنفيس عن الغضب، وهناك أطباق خاصة يتم صنعها لهذا الغرض تكون رخيصة الثمن وتكسيرها يصدر صوتاً عالياً يساعد على الشعور بالراحة، ويتم تكسير هذه الأطباق خلال الرقص الجماعي.
في أميركا وخاصةً بالنسبة للأغنياء، فإن التنفيس عن الغضب يأخذ شكل الـ" Bangy Jump"، أو القفز من مكان مرتفع كجسر معلق أو جبل أو أي شيء من هذا القبيل، يربط بحبل متين.. فأثناء سقوط الشخص يتخلص من كل متاعبه، بل ويمكنه الصراخ بصوت عال، وقول أي شيء.. وهذا الأمر يفيد نفسياً بشكل فريد.. لذا خلال السنوات الأخيرة تزايدت أعداد محبي رياضة الـ" Bangy Jump "لما لها من تأثير من ناحية الراحة النفسية.
تعليقات
إرسال تعليق